يمكن الوصول إلى فلسطين من آلاف الطرق لمن حمت همته وصدقت عزيمته. ليس بالضرورة أن يكون الطريق هو الامتداد الجغرافي الذي تسلكه إلى الأرض المباركة، وربما لو فعلت لم تعط نتيجة تذكر، مع تعذر هذا بحسب الظرف القائم المشهود. يمكن الوصول إلى فلسطين من خلال التعاطف الجاد مع رجالها الأشاوس، وأطفالها الشجعان، وشعبها الصابر. ويمكن الوصول من خلال الدعاء الصادق والفزع. ويمكن الوصول من خلال الوعي العميق الذي لا يعتمد على مجرد الإثارة الإعلامية الوقتية، بل على الرؤية المستقبلية الناضجة المثمرة. ويمكن الوصول من خلال المشاركة في رفع وتيرة الأمة لكي تتحول المعاناة إلى نارٍ تنضج عليها الأمة، وتستضيء بها في ليلها المدلهم. ويمكن الوصول من خلال الابتكار والإبداع الذي نفتقده في كل مجالات الحياة، فليست معاناتنا مقصورة أو محصورة في بلد أو وضع، وإلا لسهل الخلاص منها، المعاناة في فقر الأمة وضعفها وعجزها عن الهم والتشخيص والعمل. ويمكن الوصول من خلال المشاركة الإعلامية، وميدانها واسع اليوم حيث تحول المستقبل إلى مرسل في الوقت ذاته، وهناك معايير لقياس مشاعر الشعوب، وقد تكلم الرئيس الأمريكي السابق قبل انتهاء رئاسته لأول مرة إلى الشارع العربي ! فماذا يعني هذا ؟ ويمكن الوصول من خلال المشاركة الأدبية، فالشعوب الحية تخلد أحداثها ومشاعرها وأمانيها من خلال وسائل التعبير الجميل. ويمكن الوصول من خلال التربية الهادفة لأسرنا وصغارنا على تحمل الأمانة وأدائها. ويمكن الوصول من خلال التغلب على جوانب الضعف في نفوسنا وشخصياتنا فيها هزمنا، وبالخلاص منها نستطيع أن نواجه الصعاب ونقتحم الأهوال. ويمكن الوصول من خلال تعميق مفاهيم الوحدة بين أفراد الأمة وشعوبها التي فرقتها الخلافات، ولعبت بها الأهواء، وأتت عليها الأنانيات والهموم الخاصة. ويمكن الوصول من خلال افتراض جزء لا يتخلف من أوقاتنا وأحوالنا وعقولنا لإخواننا ولأرضنا المقدسة، لا نعده فضلاً ولا هماً ثانوياً، بل نعتبره واجباً لا مفر منه. ومثل هذا وبعده .... فإن العقل المبدع، والهم الدائم سيتفتق عن آلاف الطرق إلى فلسطين ...