زردة عابرة لثورة خالدة بحثت في قائمة النشاطات التي وقعت في الجزائر هذا العام، وهي تحتفل بالذكرى الخمسين لاستقلالها، فوجدت أن أهمّ حدث تزينت له العاصمة، واكتظت فيه بالشعب، وتجند له أعوان الدولة هو زيارة الرئيس الفرنسي السيد هولاند، أما بقية الأحداث التي اندرجت في إطار الاحتفال بالخمسينية، فمرت باهتة، ومخجلة أحيانا، فنسبة كبيرة من الأعمال المسرحية والسينمائية والاستعراضات الموسيقية والكتب الأدبية، والمهرجانات الثقافية التي رُصدت لها أموال سمينة من خزينة الدولة لا تشرف لا أصحابا ولا المؤسسات الرسمية التي رعتها، ولا تقدم وعيا جديدا، ولا فنا جميلا، وقد حدثت كالعادة بعيدا عن المشاركة الشعبية، أي أن الشعب الذي يفترض أنه المستهدف بهذه الاحتفالات في واد، وهي في واد، مما يطرح من جديد سؤال الجدوى والطريقة وطبيعة الأطراف التي أوكلت لها مهمة تسطير وتنفيذ نشاطات الخمسينية. كل ذلك في ظل خطاب رسمي يقول إنه يستمد شرعيته من الثورة التحريرية. إن نفس الوجوه أشرفت على الاحتفال بتظاهرة زالجزائر عاصمة للثقافة العربيةس عام ,2007 ولم يبق أثر واحد من التظاهرة، وأشرفت على تظاهرة زالمهرجان الثقافي الإفريقيس عام ,2009 ولم يبق أثر واحد من التظاهرة، وأشرفت على تظاهرة زتلمسان عاصمة للثقافة الإسلاميةس عام ,2011 ولم يبق أثر من التظاهرة خارج الجدران، وهي نفسها تحضر بالطريقة والمنطق نفسهما لتظاهرة زقسنطينة عاصمة للثقافة العربيةس عام ,2015 وسوف لن تترك التظاهرة أثرا، لأن الخطوة تدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، وإنني كمواطن متورط في الهم الثقافي أتمنى ألا يتم إدراج تظاهرة تتعلق بالثقافة الأمازيغية حتى لا يتم تشويه هذا البعد المتجذر فينا، مثلما تم تشويه البعد العربي والإفريقي والإسلامي، فقد سمعت أنهم يحضرون لأن تكون بجاية عاصمة للثقافة الأمازيغية. جائزة مسلولة لجيل منطلق لا زلت أقول إن المشكلة ليست في الأسماء الفائزة في مسابقة علي معاشي لأدب الشباب، فأغلبها ناضجة أو هي مؤهلة للنضج، بل في الجائزة نفسها والقائمين عليها، وأنا إذ أهنّي الفائزات والفائزين بها في هذه الطبعة أكرر ما كتبته ونشرته قبل ثلاث سنوات: عندما كنت أمينا لتحرير مجلة زالثقافةس عام 2004 اقترحت ملفا تحت هذا العنوان زنحو جوائز تقديرية وتشجيعية في الجزائرس شارك فيه كتاب جزائريون من مختلف الأجيال أجمعوا فيه على حلم مشترك هو أن تكون للجزائر جوائز محترمة تساهم في تكريس ثقافة الاعتراف بالإبداع والمبدعين على غرار ما هو موجود في مشاهد إبداعية أجنبية كثيرة، وقد تفاءلت كثيرا حين تم الإعلان عن جائزة علي معاشي بعدها بثلاث سنوات، لكن سرعان ما تضاءل التفاؤل داخلي أمام الارتجالية التي طبعت وما زالت تطبع المشروع الذي يبقى بعيدا عن الاحترافية التي تعطيه مصداقيته من حيث الترويج له وطريقة تحكيمه وتوزيع مراتب الفائزين فيه والمبالغ المرصودة له، وحتى أكون إيجابيا أقترح النقاط التالية: أولا: تحويل الجائزة إلى مؤسسة لها مجلس علمي يضم وجوها لها ثقلها الأكاديمي والفني من الجزائر وغيرها تسمى ''مؤسسة جوائز علي معاشي لإبداع الشباب'' وتكون لها إدارة وإمكانيات وإستراتيجية إذ لا ندري ونحن في الطبعة الرابعة من هم أعضاء لجان التحكيم بالضبط ولا ندري الطريقة التي يتم اختيارهم وفقها علما أن وزن الجائزة من وزن لجنة التحكيم ثانيا: خلية إعلام محترفة تعمل على الترويج للجائزة والفائزين بها قبل وبعد كل دورة جديدة وفق منطق التسويق الجديد إذ حتى اليوم لا يحظى حفل التوزيع بالهالة الإعلامية الكافية فما بالنا بما بعده، وبعض الفائزين أصابهم الإحباط من التعتيم عوض أن يتشجعوا ثالثا: طبع ونشر الأعمال الفائزة وتوزيعها على نطاق واسع علما أن الترويج الجيد للجائزة والمصداقية التي ستكتسبها باحترافيتها ونزاهتها ستساهم في رواج الأعمال الفائزة وصولا إلى مرحلة تخلق فيها الجائزة نجومها الإبداعية، بل إن العمل على ترجمة هذه الأعمال إلى اللغات الحية أمر ضروري لتحقيق الانتشار رابعا: رفع سقف المبالغ المالية المرصودة للفائزين إذ لا يعقل أن يكون مبلغ جائزة يمنحها الرئيس لا تتجاوز 5000 دولار، علما أن هناك جوائز بهذا المبلغ تقدمها بلديات نائية، هذا عن المرتبة الأولى أما الثالثة فالمبلغ مخجل جدا خامسا: يستفيد الفائزون في فروع الجائزة أو أصحاب المراتب الأولى على الأقل من منحة تفرغ لمدة سنة تعفيهم من مشاغل الحياة لإنتاج إبداعات جديدة سادسا: إبرام اتفاقية بين مؤسسة الجائزة ووزارة التعليم العالي تقضي بأن تشتغل المعاهد الجامعية حسب اختصاصها على الأعمال الفائزة ضمن إستراتيجية الترويج إن النية الحسنة وحدها لا تكفي لجني الثمار الحسنة ما لم يصاحبها وعي حسن راحة معجونة بالتعب للكاتب راحات متعددة منها: راحة العثور على الفكرة راحة التوفيق في كتابتها راحة التوفيق في مراجعتها راحة العثور لها على ناشر يحترمها راحة صدورها في كتاب أنيق راحة وصولها إلى القارئ المؤهل لاحتضانها راحة الإهتمام بها إعلاميا ونقديا في الجزائر: تبدأ معاناة الكاتب مع الراحة الرابعة، وما يضاعف المعاناة زما جمع كلمة معاناة في اللغة العربية؟س أننا لم نباشر لحد الساعة نقاشا رزينا وموسّعا بخصوص وضع حدّ لمعاناة النشر والقراءة والمواكبة الإعلامية والنقدية للإنتاج الأدبي والفكري في الجزائر. تفاحة الخروج تخيّلْ روحو عصفور، ما صابش عشْ، تخيّلْ روحو عشْ، ما صابش عصفور، تخيل روحو عصفور في عش، ما صابش شجرة، تخيل روحو عصفور في عش فوق شجرة، رْجَعْ يتكبّرْ على روحو.