استنكر يوسف بن حليمة، إمام مسجد (الشيخ العربي التبسي) بالعاصمة، مظاهر التحايل والتلاعب التي اقتحمت عالم الرقية الشرعية اليوم وشوّهته ليتحوّل ذلك العمل النبيل الذي يهدف إلى شفاء المرضى ورفع الضرر عنهم إلى طريق سهل للتلاعب بعقول النّاس واستنزاف أموالهم، ودعا في حوار قصير مع (أخبار اليوم) من يدّعون الرقية ويتحايلون على النّاس إلى التخلّي عن هذه الممارسات والعودة إلى طريق اللّه، منبّها المواطنين إلى ضرورة التأكّد والتقصّي قبل التوجّه إلى أيّ راق، لا سيّما وأن الأمور اختلطت على العامّة بعدما صار مدّعو الرقية والمشعوذون من جهتهم يعتمدون على القرآن الكريم لكسب ثقة النّاس وتمويه ممارساتهم غير الشرعية. * ما هي الشروط التي يستوجب توفّرها لنقول عن رقية إنها صحيحة أو شرعية؟ ** شروط الرقية أن تكون بكتاب اللّه وسُنّة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، فالقرآن كلّه شفاء، وكذلك الأدعية النبوية الواردة في هذا الباب. ومن الآيات والأحاديث في هذا الباب ما يلي: قراءة (فاتحة الكتاب) كما جاء في الصحيحين عن الرقية بها وقراءة المعوذتين ثلاث مرّات، قراءة (آية الكرسيّ) وغيرها من الآيات الخاصّة بالسِّحر والعين وغير ذلك. ومن الأدعية النبوية: (اللّهم ربّ النّاس اذهب البأس، اشف أنت الشافي لا شفاء إلاّ شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما)، ولا يجوز أن تكون الرقية بأمور غامضة وتمائم غير مشروعة. * ماذا عن الشروط التي يجب أن تتوفّر في الرّاقي الشرعي؟ ** أمّا عن شروط الرّاقي فيجب أن يكون عالما بالكتاب والسُنّة، عاملا بهما، تقيا ورعا، يخشى اللّه تعالى في سرّه وعلانيته. * في رأيك ما الفرق بين الرّاقي الحقيقي الذي يعمل بالرقية الشرعية والمشعوذ؟ ** ممّا سبق بيانه يمكن أن يتبيّن لنا الفرق بين الرّاقي والمشعوذ، فالرّاقي رجل مؤمن، عامل، عالم، تقي، ورع، يخشى اللّه تعالى ويتّبع في رقيته الشرعية فيرقي بكتاب اللّه وما جاء في السُنّة النبوية من الآثار الصحيحة في هذا الباب، أمّا المشعوذ فهو رجل دجّال يستعمل وسائل غير مشروعة قصد إضلال النّاس وابتزازهم وأكل أموالهم وهو يستعين بالجنّ والسَّحرة. ويقول الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم: (من أتى كاهنا أو ساحرا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد). * لكن الأمور اختلطت على النّاس اليوم، فهناك كثيرون ممّن يدّعون الرقية ويستعملون في ذلك القرآن الكريم لإيهام النّاس وخداعهم، فكيف للمريض أن يفرّق بين الرّاقي الحقيقي ومن يدّعي الرقية؟ ** يقول اللّه تعالى: {فاسألوا أهل الذِّكر إن كنتم لا تعلمون}، ومن هذا فإنه لا يجوز للمريض أن يتوجّه إلى كلّ إنسان يدّعي الرقية، بل لابد أن يتبيّن من الوسائل التي يستعملها الرّاقي، فإن كانت هذه الوسائل واضحة ومشروعة جاز له الذهاب إليه وإن كانت هذه الوسائل غامضة مخالفة للشرع فهي محرّمة وقد تؤدّي بصاحبها إلى الإشراك باللّه تعالى، ويقول اللّه تعالى في سورة (المؤمنين): {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}. * هل يجوز للمريض أن يلجأ إلى المشعوذ مع علمه بأنه مشعوذ لأنه بالتجربة شفيت على يده الكثير من الحالات استنادا على مبدأ تقديم النّفس عن الدين؟ ** لا شفاء فيما حرّم اللّه ولا يجوز للمريض مهما اشتدّ به المرض أن يلجأ إلى المشعوذ، بل يجب أن يلجأ إلى اللّه الشافي ويأخذ بالأسباب المشروعة، واللّجوء إلى المشعوذ لا يزيد المريض إلاّ شقاء ولا يجلب له شفاء، وتشتدّ حرمة الذهاب إلى المشعوذ إذا علم المريض بحال المشعوذ وقد تصل إلى درجة الشكّ باللّه والعياذ باللّه. * بما تنصح المريض؟ ** ننصح المريض بالصبر على مصابه حتى ينال الأجر أوّلا، كما نوصيه بالسعي للعلاج عن طريق الرقية الشرعية، فما من داء إلاّ وجعل اللّه له دواء، ولا ينسى الدعاء فإنه أمضى سلاح، ونوصيه بعدم الاستعجال واللّجوء إلى المشعوذين والجهّال لأنه لا شفاء فيما حرّم اللّه. * كلمة لمن يدّعون الرقية ويحتالون على النّاس... ** أقول لهؤلاء إن كان في قلبكم مثقال ذرّة من إيمان اتّقوا اللّه في عباد اللّه واجتنبوا التحايل على النّاس وأكل أموالهم بالباطل وإضلالهم عن سبيل اللّه، وليعلم كلّ واحد من هؤلاء أنه ارتكب جرمين القول على اللّه بغير علم وأكل أموال النّاس بالباطل.