مرض الحمى القلاعية الذي أصاب البقر واكتشفت بؤره في العديد من الولايات لم يكن بردا وسلاما على الجزائريين إذ أثر على طرق استهلاكهم اليومي واستبدل عاداتهم في الأكل، إذ راح أغلبهم إلى الامتناع عن أكل اللحوم والاكتفاء باللحوم البيضاء كالدجاج والديك الرومي خصوصا وأن الأسماك استقرت على أسعار مرتفعة لا تخدم الجيوب، الأمر الذي انقلب سلبيا على بعض النشاطات التجارية على غرار القصابات، إذ بين أغلب الجزارين تخوفهم من كساد اللحوم بمحلاتهم من دون أن ننسى محلات الإطعام السريع التي يعتبر اللحم من بين موادها الأساسية المستعملة في سندويتشات اللحم لاسيما اللحم المفروم. لاحظ أغلب الباعة عزوف زبائنهم عن سندويتشات اللحم المفروم واتجاههم إلى الأكلات التي لا يدخل فيها اللحم كالشوراما وشرائح البطاطا مع الدجاج وبينوا تخوفهم الكبير من مرض الحمى القلاعية الذي أتى على رؤوس الأبقار وكان مثله الحال في كامل البيوت التي ودعت نكهة اللحوم الحمراء ومالت إلى البيضاء التي تبعد عنها كل الشكوك. اقتربنا من بعض محلات الفاست فود فأكد لنا الباعة أنهم مالوا في الآونة الأخيرة إلى تحضير الأكلات المعتمدة على الدجاج والديك الرومي المطلوبة من طرف الزبائن وعزفوا عن اقتناء اللحوم المفرومة التي عادة ما تكون لحوم بقر خالية من الشحم وتخوفوا هم الآخرون من حصول الغش وبيع لحم البقرات المريضة. سفيان صاحب محل للإطعام السريع بالعاصمة قال إن المرض بالفعل أثر وغيّر وتيرة نشاطهم بحكم أن طبيعة نشاطهم تتعلق بالأكل وتزويد الزبائن بالسندويتشات، إذ قال إن الزبائن بينوا عزوفا كبيرا عن الأطباق والأكلات التي تحوي اللحم خوفا من مرض الحمى القلاعية وتثيره على الصحة العامة ما أجبره على اقتناء الدجاج ولحم الديك الرومي لاستمرار نشاطه وتفادي الخسارة. الزبائن بدورهم أبانوا تخوفهم من استهلاك سندويتشات اللحم المفروم خوفا من المرض منهم الآنسة سهام التي قالت إنها امتنعت عن التزود بسندويتشات اللحم بالنظر إلى تخوفها من المرض الذي أرعب الجميع وتتفادى الأمر على الرغم من التطمينات التي يطلقها الباعة إلا أنها تتخوف كثيرا بسبب السيناريوهات الماضية التي عشنا على وقعها في وقت مضى والمتعلقة بترويج لحوم الحمير فما بالنا بلحوم الأبقار المريضة، بحيث من الممكن جدا ترويجها من طرف البعض بغرض الربح وتحقيق الأرباح. كما أن بعض محلات الإطعام السريع شهدت خلوا تاما من الزبائن الذين تهربوا من بعض الأكلات الخفيفة بسبب المرض الذي مس الأبقار وتخوف أصحابها من الخسارة ومن تكدس السلع، الأمر الذي أدى بهم هم الآخرون إلى العزوف عن شراء اللحم المفروم من القصابات والتي اشتكت هي الأخرى من تراجع البيع على مستواها بعد أن انقطع عنها حتى أصحاب محلات الفاست فود الذين كانوا يقتنون اللحوم بكميات متزايدة. وبذلك استبدل فيروس الحمة القلاعية الذي أصاب أبقار الجزائر عادات استهلاك المواطنين الذين تحوّل اهتمامهم إلى اللحوم البيضاء وجعلهم مدمنين عليها.