تعتبر ولاية عنابة واحدة من أجمل المدن الجزائرية لذلك فقد لقبت بتسميات كثيرة تعبيرا عن جمالها (كالأنيقة الساحرة) و(جوهرة الشرق) و(لؤلؤة إفريقيا)، إلا أن شاطئها (واد بقراط) الواقع بمدينة بسرايدي الجبلية، يبقى المنتجع الأمثل للراحة والاستجمام بالنظر لموقعه الساحر في أحضان جبال الايدوغ التي تطل على زرقة مياه البحر الأبيض المتوسط. فعلى امتداد 1008متر طولي تغطي رمال ذهبية ناعمة سطح هذا الشاطئ الذي يستند على مرتفعات الايدوغ الغنية بأشجار الفلين والزان، بالإضافة إلى بساتين متعددة الثمار تبعث في نفوس هواة الاستجمام الإحساس بمتعة الراحة والسكينة هروبا من ضوضاء المدينة. وبقدر ما تتعدد الأسماء التي تطلق على هذا الموقع السياحي بقدر ما تتعدد مؤهلاته فهو الموقع الساحر الذي تتعانق فيه زرقة السماء بزرقة مياه البحر وتتجمع بمرتفعاته التي تطل على الشاطئ (أضرحة وزوايا) الأولياء الصالحين يتبرك برؤيتهم زوار الموقع، على غرار زاوية سيدي علي غريب وسيدي براهم وبوقنة. وإلى جانب اسمه الحالي (واد بقراط) يعرف هذا الشاطئ الساحر بتسميات عديدة أخرى على غرار (الشاطئ الكبير) و(شاطئ سرايدي)، بالإضافة إلى شاطئ (جنان الباي) لتبقى التسمية الأخيرة الأكثر تداولا في أوساط السكان الأصليين بكل من عنابة ومدينة سرايدي بالنظر إلى الروايات التي لا تزال متداولة بينهم لحد الساعة. وتفيد ذات الروايات بأن (الموقع كان يقصده إبان العهد العثماني بالجزائر باي قسنطينة حاكم عثماني وذلك بشكل منتظم قصد الراحة والاستجمام صيفا، وذلك بعد أن اختاره وجهة صيفية من بين أجمل المواقع الساحلية بالشرق الجزائري ليأخذ بعدها الشاطئ اسم (جنان الباي) نسبة إلى باي قسنطينة، على حد روايات أعيان المنطقة. فالوجهة (جنان الباي) أو (واد بقراط) باسمه الرسمي الحالي الذي يعني وفرة المراعي وتمركز المربين منذ القدم بمنطقة سرايدي الجبلية تمثل اليوم مقصدا للسياح من داخل وخارج البلاد. فقبل بلوغ (واد بقراط) يتمتع قاصدو الشاطئ بفسحة مريحة في أحضان الطبيعة، حيث يسلكون أثناءها طريقين جبليين يقطعان قلب جبال (الأيدوغ) وسط ديكور تصنعه أشجار غابية تتعالى منها زقزقة طائر الحسون، ويستوقف على امتدادها العابرون باعة خضر طازجة وثمار التفاح والتين الشوكي ذي النكهة المتميزة. ويستقبل شاطئ واد بقراط يوميا ما بين 300 و 400 مركبة تنقل أكثر من 3آلاف مصطاف، ليتضاعف هذا العدد خلال عطل نهاية الأسبوع حسب ما ورد في إحصائيات فرقة الحماية المدنية التي تحرس الشاطئ. وتستغل بشاطئ واد بقراط مساحات لركن المركبات غير محدودة السعة وذلك بالجهتين الشرقية والغربية، ويشرف على تسييرها شباب من أبناء المنطقة مرخصين من طرف البلدية ويتقاضون مبلغا قيمته 100 د.ج مقابل ركن المركبة الواحدة. وبالنظر إلى رواج الرحلات البحرية الاستكشافية باتجاه المواقع الصخرية ازداد إقبال المصطافين على شاطئ (واد بقراط) من أجل النزهة عبر زوارق استجمامية مرخصة باتجاه المواقع الصخرية الغنية بالينابيع الطبيعية كمنطقة (واد سمحون) و(ألقاب) و(صخرتي الأخوين) و (عين بربر). أما على مستوى الشاطئ الرملي (واد بقراط) المحروس طيلة موسم الاصطياف الذي يمتد من الفاتح من جوان إلى غاية نهاية سبتمبر، فتمتد طاولات وكراسي ومضلات مغطاة بنبات الديس الطبيعي يوفرها 28 مستغلا من الشباب مرخصين من طرف البلدية لإيجارها بأسعار تتراوح ما بين 300 و 500 د.ج للوحدة. ولكسر هاجس العزلة وتقديم خدمات الإطعام بشاطئ سرايدي، تسهر المطاعم الخمسة التي فتحت بواد بقراط على تحضير مأكولات خفيفة تتنوع بين البوراك واللحم المشوي والسندويتشات الخفيفة وبيع المشروبات الباردة منها والساخنة، بالإضافة إلى بعث أجواء للتنشيط الفني الموجه للكبار والصغار. وتتواصل السهرات الصيفية للعائلات بشاطئ واد بقراط إلى ساعات متأخرة من الليل، حيث تمتزج الطبوع الموسيقية التي تنبعث من المطاعم والمقاهي والشاطئ ليصنع على أنغامها الأطفال والشباب مشاهد للرقص تبعث الإحساس بالمرح في نفوس المصطافين، كما أشارت إلى ذلك السيدة (حنيفة) التي أكدت بأنها تصر على اصطحاب أحفادها كلما تعلق الأمر بالوجهة (جنان الباي). وعلى الرغم من المؤهلات الطبيعية المتميزة والتي تحتاج إلى تثمين فإن المصطافين بشاطئ واد بقراط يتأسفون لمظاهر تراكم النفايات وعجز المصالح المعنية لبلدية سرايدي على التحكم في تسييرها بصفة منتظمة وفعالة، بسبب نقص الإمكانات بالإضافة إلى غياب المفارغ العمومية. فموقع سرايدي الذي استفاد من مشروع منطقة للتوسع السياحي تتربع على 1375هكتار، في حاجة عاجلة وماسة على حد تعبير منتخبي المجلس الشعبي لبلدية سرايدي، لعمليات تهيئة لحماية الموقع من زحف عمراني غير مدروس. كما يحتاج هذا الموقع حسبهم- إلى تجسيد المشروع السياحي الذي انتهت بشأنه الدراسة والمتضمن إنجاز مقرات سياحية وأخرى تجارية وخدماتية في شكل بيوت خشبية (بنغالوهات) مع فتح مسالك جديدة وتهيئة حظائر لركن السيارات وأجنحة للعب مع احترام الخصوصيات الطبيعية للموقع.