استجاب وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى لنداءات ملايين الجزائريين الرافضين لفتح أو إعادة فتح معابد لليهود في الجزائر، وبدا مقتنعا بأن الأمر غير وارد، على الأقل في الوقت الحالي، حيث أشار إلى أنه لم يتلقَّ طلبا من (الجالية اليهودية) بهذا الشأن وألمح إلى أنه حتى في حال تلقّي طلب فإن فتح معابد لليهود مستبعد جدّا بالنّظر إلى عددهم القليل في بلادنا. وزير الشؤون الدينية محمد عيسى عاد أمس الثلاثاء إلى الجدل المثار بخصوص إمكانية إعادة فتح المعابد اليهودية المغلقة في الجزائر فقال إنه (لم يتمّ تقديم أيّ طلب لإعادة فتحها)، مستطردا: (وفي حال تلقّينا طلبا في هذا الاتجاه سوف نعرضه طبقا لقوانين الجمهورية والأمر رقم 02-06 الذي ينصّ على أن عدد أيّ جالية غير مسلمة يجب أن يكون واضحا ومصرّحا به ومسجّلا، وأن الطلب يجب أن يكون معقولا). وأضاف عيسى أن (عدد الجالية اليهودية في الجزائر قليل جدّا، وأن فتح كنيس يهودي أمر تجاوزه الزمن حسب ما فهمته من خلال رسائل واردة من سلطات دينية دولية)، وهي إشارة قوية إلى أنه (لا معابد لليهود في الجزائر)، على الأقل في الوقت الحالي. من جانب آخر، أعلن الوزير محمد عيسى أنه سيتمّ إعادة تنظيم الجمعيات ذات الطابع الديني بموجب مرسوم رئاسي سيصدر قريبا، وأوضح على أمواج القناة الثالثة للإذاعة الوطنية حيث نزل ضيفا على حصّة (ضيف التحرير) أن (هذا المرسوم الرئاسي سيعيد تنظيم إنشاء الجمعيات ذات الطابع الديني، ممّا سيسمح بالتكفّل بالنشاط الديني داخل المساجد وخارجها، وكذا في أماكن العبادة غير الإسلامية)، وأضاف أن النشاط الديني (سيتمّ ضبطه وتأطيره بموجب قوانين الجمهورية وصرامة الإدارة وتفاني الأئمة)، موضّحا أن الهدف من ذلك هو (تأمين الجزائر وتحصينها في ممارستها الدينية ضد التيّارات المتطرّفة). وأكّد الوزير أن الجزائر (محصّنة من عدوى استعمال الدين لأغراض سياسية)، مشيرا في هذا الصدد إلى نتائج ما يسمّى ب (الربيع العربي). وعن سؤال حول التيّارات الإسلاموية المتطرّفة الأجنبية التي تحاول التسلّل إلى الجزائر من خلال الجامعات أكّد السيّد عيسى أن هناك (تعاونا وطيدا مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لمواجهة هذه التيّارات)، وقال في ذات السياق: (إنها تيّارات ظهرت جرّاء انحرافات دينية إسلامية وغير إسلامية مثل الأحمدية والتكفيرية والبهائية والشيعة)، مضيفا أن هناك أيضا (التسلّل المسيحي الصهيوني الذي يحاول إيجاد مكان له بالجزائر)، وأضاف قائلا: (إنها تيّارات استغلّت الاضطرابات الحاصلة في العالم العربي والإسلامي عبر ما يسمّى بالربيع العربي لتعزيز تواجدها في الجزائر ومحاولة زعزعة استقرار البلد)، وأكّد أن (الجزائر تمكّنت بمساعدة الأئمة والمساجد من الدفاع عن مرجعها الديني الوطني)، مشيرا إلى أن المذهب المالكي المتّبع في الجزائر يبقى مرجعا (مفتوحا ومعتدلا) يقبل المذهب الإباضي والحنفي وحتى الحنبلي، وأعرب عن ارتياحه لكون (هذا المرجع حصّن الجزائريين وعزّز صفوفهم). وقال السيّد عيسى إن الأئمة (مدعوون إلى العمل لتكون المساجد مراكز إصغاء للشباب المعرّضين للتجنيد في المساجد)، مؤكّدا أن (هذا التجنيد في حركات مسلّحة ومتطرّفة دولية لا يعني عددا كبيرا من الجزائريين الواعين أكثر فأكثر بسبب ما عاشته البلاد خلال التسعينات). (إننا جدّ حذرين -يضيف الوزير- وندافع عن الأمن الفكري عن طريق المساجد، وبفضل توحيد جهودنا مع مؤسسات الدولة أصبحت الجزائر جزيرة محصّنة ضد محاولات التخريب والتدمير). وأشار السيّد عيسى إلى أن السلطات الجزائرية تتوفّر على كلّ المعطيات حول (كلّ من اختاروا تيّارات متطرّفة) مثل الشيعة. وعن سؤال حول ممارسة الديانات الأخرى في الجزائر قال السيّد عيسى الذي هو أيضا رئيس اللّجنة الوطنية لتسيير الديانات الأخرى من غير الإسلام إن رئيس الجمهوية عبد العزيز بوتفليقة أكّد على جزائر (تعدّدية)، ولاحظ أن (رئيس الدولة اعتمد مسعى جبهة التحرير الوطني الذي دعا الجزائريين اليهود إلى أن يعودوا إلى جزائرهم ولا يزكّوا المستعمر) خلال ثورة أوّل نوفمبر 1954، وأضاف: (إنه سلوك ديني ووطني يندرج ضمن قوانين الجمهورية بما أن الدستور ينصّ على أن الإسلام هو دين الدولة الذي يضمن حرّية المعتقد). وفيما يخص أماكن العبادة المستعملة كمكتبات بلدية أو غيرها أشار الوزير إلى أن الأمر ليس تحويلا عن مهمّتها الأصلية، وأن هذا الأمر يحظى بموافقة أسقفية الجزائر العاصمة.