رغم انشغال العالم بالحرب المتواصلة على تنظيم الدولة الإسلامية داعش , إلا أن الأنظار تحولت فجأة إلى تونس, مع انطلاق أول انتخابات تشريعية في البلاد, منذ الثورة, التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 جانفي 2011. كونها أولى المحطات في ثورات الربيع العربي, و لأنه سينبثق عن انتخابات 26 أكتوبر أول برلمان وحكومة دائمين في البلاد منذ الثورة. فالانتخابات تمهد لتأسيس برلمان جديد لمدة خمس سنوات, وحكومة شرعية ستشكل لاحقا, وفق النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع، على أن تتولى مهامها في أقصى تقدير في فيفري 2015 . وكانت تونس دخلت في 25 أكتوبر مرحلة الصمت الانتخابي في انتظار انطلاق عملية التصويت في اليوم التالي لانتخاب برلمان جديد، يتكون من 217 نائبا, من بينهم 18 نائبا منتخبا في الخارج. وشارك في الانتخابات, التي تأتي بعد التصديق على الدستور التونسي الجديد مطلع 2014 , نحو 3.5 ملايين ناخب في 33 دائرة انتخابية لاختيار 217 نائبا من بين 1326 قائمة مرشحين, حسب النظام النسبي, تتوزع على 1229 قائمة حزبية وائتلافية ومستقلة في الداخل و97 قائمة حزبية وائتلافية ومستقلة في خارج البلاد. وبدأت منذ الجمعة الموافق 24 أكتوبر عمليات التصويت للتونسيين المقيمين بالخارج, وتوزع ناخبو الخارج على ست دوائر انتخابية هي فرنسا الجنوبية وفرنسا الشمالية، فضلا عن دائرة واحدة مخصصة لكل من إيطاليا وألمانيا والعالم العربي، إلى جانب دائرة للأميركتين وباقي الدول الأوروبية. وقد سمح النظام الانتخابي في تونس بترشح القوائم الحزبية والمستقلة على حد سواء، وهو ما يفسر كثرة القوائم المرشحة التي تصل أحيانا داخل دائرة انتخابية واحدة نحو 80 قائمة، ما أثار مخاوف من تشتيت الأصوات مثل الانتخابات السابقة. لكن ما يميّز المشهد الانتخابي الحالي, حسب بعض المراقبين, هو وجود حزبين كبيرين، هما حركة النهضة الإسلامية , التي حكمت البلاد من بداية 2012 إلى بداية 2014 , وحزب نداء تونس الذي الذي أسسه رئيس الوزراء الأسبق الباجي قايد السبسي, ويتردد أنه يضم عناصر من نظام بن علي.