* تباين مواقف دول أوبك يعقّد الوضع قبل اجتماع نوفمبر أدّى انهيار أسعار البترول إلى أدنى مستوى له منذ 4 سنوات إلى انقسام مجموعة الدول المنتجة والمصدّرة للبترول إلى قسمين، قسم يتبنّى مبدأ خفض الإنتاج لرفع الأسعار في مقدّمته روسيا وايران وآخر يجد في مصائب قوم فوائد لاقتصاده على شاكلة دول الخليج العربي، فأين الجزائر من الفلكين وهي التي تعتمد بصفة شبه كلّية على عائدات المحروقات؟ على الرغم من أن الميزانية الجزائرية تعتمد بصفة شبه كلّية على عائدات المحروقات، إلاّ أن الحكومة ما تزال تتبع سياسة (التطمين)، حيث جاء ذلك على لسان وزير المالية محمد جلاب الذي قال مؤخّرا إن تراجع أسعار النفط يبعث بإشارة تحذير للجزائر العضو في منظّمة (أوبك)، لكن لن يكون له أثر سلبي فوري على ميزانية البلاد، خصوصا وأن الجزائر قد تكون مجبرة على خفض صادراتها من النفط. في الوقت الذي تتوقّع فيه هيئات مثل (فيتش) بقاء سعر النفط في حدود تقلّ عن 90، بل إمكانية بلوغه 80 دولارا فإن خبراء على غرار كريستوف دامبيك الخبير الاقتصادي ب (ساكسو بنك) اعتبر أن دورة المواد الأوّلية تشجّع انخفاض الأسعار أكثر خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يشكّل خطرا على ميزانيات الدول التي تقتات من إيرادات المحروقات. وتشير مصادر غير رسمية إلى أن الجزائر تنتج حاليا بأقصى قدرات إنتاجها تقريبا من النفط في حدود 1.16 مليون برميل، وهو ما يساهم في بقاء الأسعار منخفضة، حسب ما استنتجه عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين الذين دقّوا ناقوس الخطر، (فإذا كانت الجزائر قد نجحت في التقليل من الضغط الناتج عن تقلّبات أسعار النفط خلال الثلاثي السابق بالنّظر إلى تسجيل أسعار عالية خلال السداسي الأوّل بالخصوص من هذه السنة فإن الوضع سيكون مغايرا العام المقبل)، حسبهم. بالمقابل، فإن تباينا في مواقف دول (أوبك) يعقّد الوضع أكثر على مقربة من اجتماعهم الذي وصف ب (المصيري) والمقرّر يوم 27 نوفمبر القادم، حيث لا يرى بعض الأعضاء ومنهم السعودية والكويت حاجة إلى خفض الإنتاج، في حين تؤكّد بلدان أخرى على غرار روسياوإيران أنه سيتعيّن على منظّمة البلدان المصدّرة للبترول (أوبك) خفض إنتاجها بنحو مليون برميل يوميا لتحول دون زيادة المخزونات العالمية في الربع الأوّل من العام القادم، وإن بعض أنشطة الحفر تضرّرت بالفعل جرّاء هبوط أسعار الخام من رأس البئر دون 80 دولارا. وفي السياق، كشف الدكتور محمد بن صقر السلمي، باحث سعودي متخصّص في الشأن الإيراني، أن دول إيرانوالعراقوروسيا اتّفقت على خفض إنتاجها من النفط لرفع أسعاره، موضّحا أن المحادثات بدأت عندما سافر وزير النفط العراقي مع رئيس الحكومة حيدر العبادي إلى طهران لمقابلة قيادات الدولة الإيرانية. وأكّد السلمي على حسابه الخاص في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) أنه توجد محاولات إيرانية-روسية لإقناع ليبيا وفنزويلا بالانضمام إلى الإئتلاف الرامي إلى خفض الإنتاج النفطي لرفع الأسعار، وأضاف أنه إذا تمّ الاتّفاق بين الخمس دول (إيران، العراق، روسيا، ليبيا وفنزويلا) على خفض إنتاجها النفطي فعلى دول الخليج الاستمرار في إنتاجها الحالي أو رفعه. وتابع السلمي أن سعر برميل النفط في ميزانية إيرانوروسيا لهذا العام هو 100 دولار والسعودية 85 دولارا، وأن إيران بدأت تتحدّث عن عجز كبير في الميزانية إذا استمرّت هذه الأسعار. ومن جهتها، تتّهم الحكومة الإيرانية السعودية وبعض دول الخليج بالتآمر مع الولايات المتّحدة الأمريكية لخفض أسعار البترول، مؤكّدة أنها وسيلة للاستفادة من تغيّرات أسعار النفط إلى أسفل لتوسيع حصصها في أسواق جديدة، لا سيّما في آسيا أكبر المناطق استهلاكا حاليا.