كشف مجلس ثانويات العاصمة هذا الأسبوع، أن 30 بالمائة من الأستاذات تتعرضنَ للتحرش الجنس من طرف مديري المؤسسات التربوية التي يعملنَ بها، أو من قبل مفتشي المواد التي يدرسونها، إلا أنهنَ يعانينَ في صمت ولا يصرّحن بما يتعرضنَ له في وسطهنَ المهني، خوفا من خسارة مناصبهن من جهة، ومن الفضيحة الأخلاقية من جهة أخرى، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يحمي القانون هاته الفئة من المعلمات؟ وهل هناك حدود وقيود لمعاقبة منتهكي عرض الأستاذات؟ عتيقة مغوفل التحرش الجنسي ظاهرة عرفت شيوعا كبيرا في المجتمع الجزائري سنة تلوى أخرى، رغم مناهضة الكثير من الجمعيات النسوية لمحاربة مثل هذه الظواهر إلا أنها مازالت تستفحل بشكل واسع، وهو الأمر الذي دفع بالمشرع الجزائري إلى سن في الأشهر الأخيرة بعض القوانين التي من شأنها أن تحمي المرأة من مثل هذه الممارسات، و ما زاد الطين بلة هو أن تطال مثل هذه الممارسات سلك التعليم ويصل إلى المربية التي تعمل جاهدة على تكوين الأجيال. استاذات يكشفن المستور قمنا بزيارة إلى إكمالية رابعة العداوية الواقعة بأعالي بلدية بولوغين، هناك قابلتنا استاذة اللغة الفرنسية ويتعلق الأمر بالسيدة(د.ن) البالغة من العمر 57 ربيعا والتي مازال يفصلها عن التقاعد سنة واحدة فقط، روت لنا عن بعض التجاوزات التي كان يمارسها مدير المؤسسة السابق، الذي كان يجد متعة في التحرش ببعض الأستاذات خصوصا هؤلاء المعروفات بخجلهنَ، لأنه يعلم أنهنَ سيصمتنَ عن تجاوزاته خوفا من الفضيحة، فقالت: عمل السيد ع.م لمدة خمس سنوات كمدير لاكمالية وقد كانت كالجحيم بالنسبة لنا، لانه كان زير نساء رقم واحد، فقد كان هذا الأخير يقيم علاقة مشبوهة مع إحدى عاملات الإدارة بالمؤسسة التي رضخت له بمحض إرادتها، وهو الأمر الذي جعله يفكر في إقامة علاقات كثيرة من هذا النوع مع المعلمات اللائي يثرنَ إعجابه، وقد كانت فريسته الاولى أستاذة اللغة العربية التي تشغل المنصب منذ 15 سنة كان يتودد لها ويتقرب منها شيئا فشيئا فإن تغيبت يغض الطرف عنها، وإن تطاول عليها أحد التلاميذ يدافع عنها ولو تطلب الأمر بطرده من المؤسسة، وفي أحد الأيام طلبها إلى مكتبه بحجة أنه يريد أن يناقش معها المقرر السنوي، وهناك وفي لحظة من اللحظات حاول التحرش بها ما دفعها الى الخروج مسرعة من مكتبه، ودخلت مباشرة قاعة الأساتذة أين جلست في أحد أركانها وكانت أثار الصدمة بادية عليها، فقد التزمت الصمت ولم تتكلم، بل اكتفت فقط بالقول أنه وبخها ما أثار غضبها، ولكن و بعد مرور مدة من الزمن روت لبعض زميلاتها ما حاول المدير فعله، فطلبت منها إحداهنَ أن تقدم شكوى ضده لكنَها أبت بحجة أنها لا تملك دليلا ضده وعلى ما يبدو لم تكن أستاذة العربية هي الوحيدة التي تعرضت لمحاولة الاعتداء الجنسي من طرف مدير إكمالية رابعة العداوية السابق السيد د.ن ، فحتى أستاذة الفرنسية المتحدثة إلينا هي الأخرى جاءها الدور تحدثت لنا الأستاذة فقالت: أنا الأخرى نلت نصيبي من التحرش الجنسي من طرف ذاك المدير الجائر، قالت مرة طلب مني الحصول على رقمي الهاتفي فمنحته إياه بحسن نية معللا طلبه أنه يريد إدراجه ضمن ملفي الوظيفي، إلا أن المدير كانت له غاية أخرى من وراء طلبه فقد طلب الرقم لنفسه لا للمؤسسة، فهو يعلم كما يعلم الجميع بالمؤسسة أنني عزباء فوجدها فرصة حتى يرسل لي رسائل نصية قصيرة عبر الهاتف النقال، يسألني فيها إن كان يستطيع الاتصال بي وإن كنت برفقة أحد أفراد العائلة، في أول رسالة نصية منه عاودت الاتصال به وقلت في نفسي ربما يحتاجني فعلا، بعدما سمحت له بالكلام معي بدأت يتكلم في نطاق خارج عن العمل أدركت بعدها أنه يريد أن يتحرش بي أو بالأحرى يريد جس نبض أن كنت أقبل أن أرضخ له، إلا أني غلقت على مكالمته، لكن هذا الأخير لم ييأس وبقي يرسل لي طوال الليل رسائل نصية قصيرة تتضمن بعض كلمات الغزل ، لكنني لم أكن متسامحة كما كانت زميلتي السابقة معه، في صبيحة اليوم الموالي توجهت مباشرة إلى مديرية التربية لولاية الجزائر و قدمت شكوى ضده مرفوقا بتلك الرسائل النصية القصيرة كدليل على فعلة المدير، وهو الامر الذي دفع بمدير التربية للولاية إلى إحالته على التقاعد الجبري وذلك حتى لا يقوم بإنهاء مهامه بطريقة لا تليق به بعد 28 سنة من العمل في الحقل التربوي . القانون يعاقب على تلك الممارسات حاولنا أن نعرف هل القانون الجزائري قد وضع أطرا قانونية لحماية المعلمات مما يتعرضن له، فربطنا اتصالا هاتفيا بالأستاذة المحامية هلالي صارة ، التي شرحت لنا بدورها أن قانون العقوبات الجزائري كان يفتقد لمواد قانونية صريحة تضع حدا لمثل هذه التجاوزات التي تقع في المؤسسات التربوية، إلى غاية سنة 2004، أين سن المشرع الجزائري المادة 341 من قانون العقوبات التي تنص على يعد مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي و يعاقبه بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة مالية من 50.000دج إلى 100.000دج كل شخص يشغل سلطة وظيفته أو مهنته عن طريق إصدار الأوامر للغير أو التهديد أو الإكراه أو بممارسة ضغوط عليه قصد إجباره على الاستجابة لرغباته الجنسية. في حالة العود تضاعف العقوبة لتختم المحامية كلامها أن القانون يعاقب على مثل هذه الانتهاكات الخطيرة في حق المعلمات لكنهن يلتزمن الصمت خوفا من الفضيحة ويمتنعن عن التبليغ مما ادى الى استمرار مثل تلك الممارسات عبر الصروح العلمية.