بقلم: دحمور منصور بن الونشريس الحسني سنُعتبر مناوئين للحريات إذا قلنا أننا لا نقبل الديمقراطية، وسنُتهم بالرجعية إن نادينا بنظام غير النظام الديمقراطي، وسوف يكرهنا حتى بنو جلدتنا وأبناء وطننا إن سعينا إلى تدمير ما يعرف بحكم الشعب، كل ذلك نتيجة لبرمجة ذهنية ربَطنا به الواقع والثقافة العالمية ورسّخته في عقلياتنا وسائل الإعلام، فصار العقل الجماعي للشعوب مرتبطا بما سمعه عن مفهوم ما كمفهوم الديمقراطية، تلك الكلمة أو ذلك النظام الذي يعتبر أكثر رجعية من نظام الشوى في حكم النبي عليه والصلاة والسلام، ذلك أن الديمقراطية التي ارتبطت بفكرة الجمهورية المثالية وما سبقها من فلسفات الحكم الأثيني اليوناني يمتد إلى مئات القرون أي عدة قرون قبل التاريخ الميلادي نفسه بينما الكل يعلم أن ما يسمى بالرجعية والتي يقصد بها الحكم الشوري في الإسلام بحقيقته لا بما يدّعيه تابعي النظام الصهيوأمريكي من مدّعي الإسلام لا يمتد إلى أكثر من أربعة عشر قرنا، وهنا يتضح ذلك الفرق الشاسع والكبير بين النظام الرجعي والنظام الأحدث، ولكن لن تستطيع إقناع شعب ما بهذه الحقيقة التاريخية، ذلك أن المفهوم البرمجي لكلمة ديمقراطية ارتبط في ذهنيات الشعوب بالحضارة والتطور الأوروأمريكي وبالتالي فهو النظام المثالي الحديث في تلك الذهنيات، وهنا تظهر خطورة كيمياء العقل في برمجة الشعوب عن بعد. مما يعرفه الكل أن السياسة العالمية ودون أدنى شك تسير تحت خط يضم أوربا وأمريكا وبني إسرائيل حيث يوجد فوق ذلك الخط نفسه مجموعة من المرضى النفسيين الذي ينضوون تحت هيئة عالمية تجهز لإعلان قيام حكومة عالمية صهيونية ملكية يحكمها ملك واحد، حيث يقوم بتسيير كل ما نراه اليوم من هيئات حكومية دولية كهيئة الأممالمتحدة والمنظمة العالمية للتجارة ومحكمة العدل الدولية ومجلس الأمن العالمي والشرطة العالمية وجيش التحالف وغيرها من الهيئات التي تكون هيكل هذه الحكومة الخفية العالمية، حيث لم يبق إلا إعلان تلك الهيئات عن حاكم وحيد للعالم، ولكن كل هذا لا شيئا ذا قيمة إذا ما قارناه بمختبرات كيمياء العقل البشري التي تعمل على غسيل جماعي للأدمغة الأمم عن طريق كل الأساليب سواء الطائفية أو القبلية أو عرقية أو حتى الغزو الفكري والثقافي وتدمير الاقتصاد الحدودي للدول والشعوب وبث ثقافة العهر والحرية الشخصية، وبل وحتى التحكم في كتابات الشعوب وأفكارهم وروح الانتماء الذاتي للوطن والدين والتاريخ، كل ذلك في سبيل قبول عالمية الثقافة والأدب والدين والوطن والممارسات. إن المفاهيم التي تصدّرها إلينا الحضارة المادية وما يصنعه لنا من ثقافة معاني ومفاهيم هو الجرثومة الخبيثة التي تهزّ الشعوب، فعلى الرغم من علاقة ثقافتنا ولغتنا بكلمة الإرهاب غير أننا لا نفهم معنى الكلمة إلا من وجهة نظر وقاموس المفاهيم الأوروأمريكية التي ربطت هذا المصطلع بالاعتداء والعنف غير السببي بل وربطت القواميس الأمريكية المصطلح بالإسلام نفسه في توجيه غير مسبوق للشعوب ليس نحو كراهة المسلمين بل نحو كراهة الإسلام نفسه بجعله سببا في التحريض على العنف كل ذلك بسبب الخوف الداخلي للعالم غير المسلم من هذا الدين الذي تعتنقه كل الطوائف اليهودية والمسيحية والحتى أصحاب المعتقدات الوضعية، ثم إننا لو أنصفنا المفاهيم الحقيقية لمصطلح الإرهاب بالمعنى الأوروأمريكي لكان اليهودية والمسيحية أكثر الديانات الداعية إلى القتل العشوائي والاعتداء باسم الدين، وحاشا أن يكون دين موسى وعيسى عليهما السلام هكذا، ولكننا نتكلم عن التوراة والتلمود والأناجيل المحرفة الموجودة اليوم، وبالتالي فإن ربط كلمة الإرهاب بالإسلام ربط متعمّد ومدروس، نفس الأمر بالنسبة لكل مفاهيم الكلمات التي نتداولها بداية بالحرية والمساواة ونهاية إلى الديمقراطية والدكتاتورية وغيرها من المصطلحات التي نفهمها من وجهة نظر القاموس الصهيوني العالمي. ليس المعنى فيما نقوله الآن أن الحل مقرون بنفي تلك المصطلحات ولكن الحل هو أن نصنع ذهنية عالمية لتصحيح المفاهيم لا إلغاء المصطلحات، وهنا يجدر بنا أن نوضح المفاهيم الحقيقية للديمقراطية والحرية والثقافة والحضارة والحرب والسلام وكل ما عمل الغرب على تحريف وتزييف معانيه لخدمة مصالحه الشخصية التي لا تخص الشعوب ولكنها في الحقيقة مصالح فئة معينة من هذا العالم والتي قد لا تتعدى ألف شخصية على أكثر تقدير، ومن أجل هدف هؤلاء المرضى يتم الآن إعادة تدمير عقول ملايير الأشخاص من شعوب الأرض حتى تلك الشعوب التي ينتمي إليها هؤلاء أنفسهم، فإن تجارب كيمياء العقل وتطبيقاتها على الشعوب المسيحية مثلا هو ما جعل أغلب الناس المسيحيين يتخوفون من الإسلام والمسلمين، وبالتالي يجب أن لا ندعي أننا نحن فقط المستهدفين وراء تلك العمليات الخبيثة في تغيير الذهنيات وتدمير الفكر والعقل الإنساني.