مثلما كان متوقعا، فقد عرفت أسعار اللحوم الحمراء وكذا أحشاء الخروف والرأس، وما يتبعها من مقتنيات أخرى، يلجا إليها عادة المواطنون الذي يعجزون عن اقتناء أضحية العيد، ارتفاعا جنونيا، وصل إلى أكثر من 1000 دج، بالنسبة لمقتنيات كانت لا تتجاوز في أحسن الأحوال ال400 دج، وهذا عبر مختلف الأسواق ومحلات الجزارة بالعاصمة والمناطق المجاورة لها، وهو ما جعل بعض المواطنين يفضلون الاستغناء عنها، أو على الأقل الانتظار إلى ما بعد عيد الأضحى المبارك، لاقتنائها والاستمتاع بأطباقها. فببعض محلات الجزارة شرقي العاصمة، عرضت الكرش، أو "الدوارة" ب1200 دج، وهو مبلغ خيالي إذا ما كان ثمن هذه الأخيرة في الأيام العادية لا يتجاوز ال250 دج لتلك الخاصة بالخروف، و 150 دج للخاصة بالبقر، ولم يصدق الكثيرون أن هذه القطعة من الخروف، وصلت إلى هذا السعر القياسي، حتى بالنسبة للتي تم عرضها منظفة ومقطعة وجاهزة للطبخ مباشرة، بلغ سعرها 400 دج، وعليه فان الهاربين من اقتناء الأضحية، إلى اقتناء أجزاء منها، وجدوا أنفسهم أشبه بالمستجير من الرمضاء بالنار، فيما وصل سعر الرأس أو "البوزلوف" إلى 700 و800 دج، بالنسبة للذي يكون منظَّفا، أما المعروض دون تنظيف فوصل سعره إلى 500 دج، وهذا بأغلب الأسواق ومحلات الجزارة التي قادتنا هذه الجولة إليها، للوقوف على الأسعار عشية عيد الأضحى المبارك. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبعض الجزارين، فضل ضرب عصافير كثيرة بحجر واحد، بعد أن قاموا بعرض الرأس والكرش بالإضافة إلى الرئتين والكبد والقلب كلها مجتمعة، ب3000 دج، وهو مبلغ صدم الكثير من المواطنين، خاصة من الطبقة البسيطة والفقيرة، التي ستكتفي ربما في هذا العيد بشم الرائحة فقط، طبعا دون الحديث عن أسعار اللحوم الحمراء، التي وصلت إلى أكثر من 900 دج، وكذلك الأمر بالنسبة للبقري، فيما عرضت اللحوم بأسعار اقل من ذلك قليلا ببعض الأسواق الشعبية كالحراش وباش جراح، ولكنها تبقى جميعها دون قدرة فئة عريضة من الجزائريين. ومقابل ذلك عرفت أسعار اللحوم البيضاء، والدجاج بصفة خاصة، انهيارا تاريخيا، حيث وصل سعر الكيلوغرام منه بسوق عين النعجة مثلا، إلى 140 دج، فيما عرض بأسواق أخرى بمبالغ تتراوح ما بين 190 إلى 210 دج، ما دفع عددا من المواطنين إلى الاستنجاد بالدجاج هربا من لهيب نيران الأسعار التي أحاطت بهم من كل جانب، كما عرضت بسوق الحراش دجاجات صغيرة الحجم بأسعار تتراوح ما بين 150 إلى 250 دج للواحدة منها، ما دفع المواطنين إلى التهافت على اقتنائها، والاكتفاء بها، إلى ما بعد عيد الأضحى المبارك. من جهة أخرى، فان كثيرين يتربصون بأصحاب المواشي، ليلة العيد، طمعا في إمكانية لجوء هؤلاء إلى تخفيض الأسعار، بغية استكمال علميات بيع كافة رؤوس المواشي التي احضروها إلى العاصمة، حيث يعتبر هذا الحل الوحيد بالنسبة لهؤلاء المواطنين، الذين لا زال يداعبهم الأمل في الحصول على أضحية مقبولة بثمن معقول، ولذلك فإنهم ينتظرون بفارغ الصبر الليلة الأخيرة التي تصادف وقفة عرفة، وتسبق عيد الأضحى المبارك، على وعسى أن يقوم بائعو الكباش في الأحياء ومختلف نقاط البيع الأخرى، بعرض تخفيضات مهمة على كباشهم.