كانت جداتنا في القديم يعتمدن على أسس تربية فريدة من نوعها وعلى الرغم من بساطتها كانت ذات أبعاد سامية، فهن عشن الاستعمار بكل صوره البشعة، كما عشن عدة مواقف بطولية تغنين كثيرا بها ونقلناها إلى أبنائهن وأحفادهن بشكل عفوي بسيط، عن طريق الأغنية التقليدية التي شكلت حيزا هاما في بصم ذكريات خالدة وكانت كطريقة بسيطة في التربية، حيث تستعمل لتنويم الأطفال وضمان هدوئهم عن طريق دندنات تطلقها حناجر الأمهات والجدات لكنها تحمل قصصا هادفة وبطولات يشهد لها التاريخ من دون أن ننسى الدور البارز الذي لعبته الصناعات التقليدية بمختلف أنواعها في نقل سبل عيش الأسر الجزائرية عبر الأزمنة المتعاقبة فلها دور فعال في الحفاظ على الثرات الأصيل. تعكس الأغنية التقليدية بمنطقة القبائل على غرار باقي مناطق الجزائر مرجعا للهوية والانتماء وتبقى الرابط بين الماضي والحاضر حسب ما أعرب عنه بقسنطينة الباحث في الأنثروبولوجيا السيد عمر قرجة. وفي مداخلته خلال يوم دراسي حول الصناعة التقليدية والغناء التقليدي تمت المبادرة إليه من طرف المتحف العمومي الوطني للفنون والتعابير الثقافية أوضح ذات الأخصائي بأنه تم نقل وتخليد مختلف جوانب الحياة بمنطقة جرجرة عن طريق أشعار وأغاني وميراث الذاكرة الجماعية. ولدى تطرقه للأغاني التي ترددها الأمهات القبائليات منذ زمن بعيد أشار السيد قرجة إلى أنه من خلال هذه الأغاني الصغيرة التي يتم بها تهدئة وتنويم الأطفال الصغار تم غرس هوية وتاريخ كامل . وبعد أن أكد بأن هذه الأغاني الصغيرة كانت إنتاجا نسائيا بامتياز أوضح ذات الباحث في الأنثروبولوجيا بأنه علاوة على النعومة والبهجة التي تصاحب هذه الألحان كانت الأمهات تخلدن من خلال هذه النغمات قصص أبطال المنطقة وكذا أملهن في رؤية أولادهن يصبحون بدورهم مدافعين عن ذاكرة مجتمعهم وتاريخهم في يوم من الأيام. ولدى تطرقه للجانب المتعلق بالمحافظة على تراث غير مادي عريق تحدث السيد قرجة عن المطرب إيدير الذي سجل جزءا كبيرا من الأغاني التقليدية القبائلية وساهم من خلالها في الحفاظ على جزء هام من الذاكرة . من جهته، تحدث الباحث في علم الاجتماع السيد عبد القادر غوماز مطولا عن الحرف التقليدية بمنطقة حامة بوطالب بجنوب ولاية سطيف من أجل التأكيد بأنه تم بفضل هذه الحرف نقل ثقافة ومهارة وأسلوب حياة . ومن جهة أخرى، تطرق رئيس جمعية أمل للحفاظ على زربية بابار السيد صالح بن زكري إلى تاريخ زربية منطقة الأوراس، حيث تحدث بالتفصيل عن إبداع حرفيي حياكة الزرابي وعن خصوصية زربية بابار التي تمثل من خلال ألوانها وطريقة حياكتها المميزة تراثا مميزا جعل سمعة زربية منطقة الأوراس تتعدى حدود الوطن. كما تم إدراج مناقشات أخرى خلال اليوم الدراسي حول الغناء الشعبي بقسنطينة و الغناء الشعبي خلال حرب التحرير ، إضافة إلى مداخلة حول وضعية الحرف التقليدية بالجزائر.