تبدأ مباراة كرة القدم عندما يطلق الحكم صافرته إيذانا بالبدء.. وتنتهي بانتهاء الوقت المحدد لها بعد أن يضبط الحكم ساعته على موعد النهاية.. وتضبط ساعتك للاستيقاظ لصلاة الفجر أو للذهاب إلى عملك أو جامعتك.. وكذلك تضبطين ساعتك للعمل أو لإعداد وجبة الإفطار لأولادك ولأسرتك استعدادا لذهابهم للمدرسة.. فعادة معظم المواعيد وحياتنا اليومية مرتبطة بالساعة وبالوقت .. هكذا هو حالنا ما بين عدة ساعات نحياها يوميا.. ساعات وأيام وسنوات نعيشها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. لكن ماذا تفعل إذا توقف الزمن فجأة ؟! ماذا تفعل إذا لم يصبح في امكانك ضبط وقتك أو ساعتك على ميعاد معين ؟! موقف رهيب .. موعد جلل .. لاتستطيع أن تحدده أنت .. لم يكن في استطاعتك أن تعرفه مسبقا .. لاتقدر أن تتفق عليه من قبل .. يقول الله تعالى في سورة الأعراف (آية : 187): {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}. جاء في تفسير السعدي: يقول الله - عز وجل - لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - : (يَسْأَلُونَكَ) أي: المكذبون لك، المتعنتون (عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا) أي: متى وقتها الذي تجيء به، ومتى تحل بالخلق؟ (قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي) أي: إنه تعالى مختص بعلمها، (لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ) أي: لا يظهرها لوقتها الذي قدر أن تقوم فيه إلا هو. (ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) أي: خفي علمها على أهل السماوات والأرض، واشتد أمرها أيضا عليهم، فهم من الساعة مشفقون. (لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً) أي: فجأة من حيث لا تشعرون)، لم يستعدوا لها، ولم يتهيأوا لقيامها. (يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا) أي: هم حريصون على سؤالك عن الساعة، كأنك مستحف عن السؤال عنها، ولم يعلموا أنك - لكمال علمك بربك، وما ينفع السؤال عنه - غير مبال بالسؤال عنها، ولا حريص على ذلك، فلم لا يقتدون بك، ويكفون عن الاستحفاء عن هذا السؤال الخالي من المصلحة المتعذر علمه، فإنه لا يعلمها نبي مرسل، ولا ملك مقرب. وهي من الأمور التي أخفاها الله عن الخلق، لكمال حكمته وسعة علمه. (ققُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) فلذلك حرصوا على ما لا ينبغي الحرص عليه، وخصوصا مثل حال هؤلاء الذين يتركون السؤال عن الأهم، ويدعون ما يجب عليهم من العلم، ثم يذهبون إلى ما لا سبيل لأحد أن يدركه، ولا هم مطالبون بعلمه. وفي سورة النازعات (من آية 42 إلى 45): {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا * إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا}. أي: يسألك المتعنتون المكذبون بالبعث (عَنِ السَّاعَةِ) متى وقوعها و (أَيَّانَ مُرْسَاهَا). فأجابهم الله بقوله: (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا) أي: ما الفائدة لك ولهم في ذكرها ومعرفة وقت مجيئها؟ فليس تحت ذلك نتيجة، ولهذا لما كان علم العباد للساعة ليس لهم فيه مصلحة دينية ولا دنيوية، بل المصلحة في خفائه عليهم، طوى علم ذلك عن جميع الخلق، واستأثر بعلمه {إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا أي: إليه ينتهي علمها، كما قال في الآية الأخرى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغته يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون}. (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا) أي: إنما نذارتك [نفعها] لمن يخشى مجيء الساعة، ويخاف الوقوف بين يديه، فهم الذين لا يهمهم سوى الاستعداد لها والعمل لأجلها. فالسؤال هنا: عن يوم القيامة .. هذا اليوم العظيم الذي لا يعلمه إلا الله .. هل فكرت في هذا اليوم ؟!.. هل استعددت لهذا الموقف الجلل؟!.. هذا الحدث العظيم الذي لا يتكرر .. الذي لا تعرف موعده ولا وقته .. اجعل يومك في طاعة خالقك .. واستعد لهذا الموقف المهيب.. هذا اليوم الذي لاتستطيع أن تؤجله أو أن تحدد موعد جديد غيره في يوم لاينفع فيه مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟!..