بيّن د. سلمان بن فهد العودة "المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم" مفهوم الثأر فقال: "هو طلب الدم عند العرب أي أن له قتيلاً وهي عادة عربية، ولم أجد مفهوم الثأر متعاطيا في القرآن الكريم أو السنة النبوية سوى ما قيل في هذا الدعاء: "واجعل ثأرنا على من ظلمنا" وهو حديث في مجمله حسن، وفي الحديث: "واجعل ثأرنا على من ظلمنا" نقض فكرة الثأر في الجاهلية بحيث أن لا نعتدي ولا نبغي في الثأر، وقد كانت من عادات العربي في الجاهلية أن لا يشرب الخمر ولا يستمتع بالنساء ولا يحلق رأسه حتى يأخذ بالثأر ممن قتل قريبه، فالثأر وكأنه كان ديناً وله أنظمة معينة والثأر يتأثر منه القاتل وعشيرته فكما يقال: "الجريرة تدرك العشيرة" مع أن في الشرع الحكيم قوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" ففي الشرع كل يتحمل وزره وخطأه. واوضح العودة، بحسب جريدة "المدينة"، أن العادات تمتد إلى القبيلة فهم يخططون للثأر ولا يخضعون لنظام أو قانون معين، وقد كانوا يستعيبون الفدية كقولهم "اللبن بدل الدم" أي الإبل فهذا يعتبر عارا لديهم، كما أن المرأة تساهم في عمليات الثأر فقد تقص شعرها وأحيانا لو كانت عملية الثأر بين أهلها وزوجها فقد تنحاز لأهل زوجها وتكون جزءاً من القبيلة من خلال النياحة على الميت والتذكير بالثأر وهذا من عيوب القبيلة، فنلاحظ أن الثأر ليس هامشيا ولا جانبيا بل هو جزء من حياتنا، فهو ثارات في العقل العربي وقد تلبس سواء في مسألة الدم أو سفك الدماء ومقاربة الفساد، وهذه قضية في غاية الخطورة خاصة أن الجهات القبلية تحمي من يستجير بها حتى ولو كان ظالما فضلا على الجانب المعنوي الخطير في عملية الثأر وما يصاحبها من عناد وإصرار، وقد تؤثر البيئة العربية في مسألة الثأر نظرا لأن هذا جزء من كينونة العربي والإنسان على وجه العموم إن قتل احدهم قريبه فلا يقبل أن يُعزى فيه وخاصة لو قتل في حالة شرف ودفاع عن القبيلة". وأضاف العودة فقال: "ولدينا في الإسلام قوله تعالى: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به" وقوله "ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور" والرسول صلى الله عليه وسلم عفا عن كفار قريش وقال لهم "اذهبوا فأنتم الطلقاء" بل يوسف عليه الصلاة والسلام اعتدى عليه إخوته ولكنه قال لهم لا تثريب عليكم اليوم، والمسلم حينما يدعو إلى العفو والصفح فهو يتغلب على دوافعه القلبية والإنسان والجماعة بقدر ما يكون عندهم من الرقي والتسامح يكون لديهم قوة الإيمان، فالعرب لما قوي إيمانهم استطاعوا أن يتمردوا على الثأر، كما أن الشرع حدد القصاص بأنه حياة فقال: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب" بدل أن يكون الأمر ثارات بين القبائل إنما هناك القاضي وولي الأمر الذي ينظم الأمر ويأخذ الحق، وقال تعالى: "فمن عفي له من أخيه" فجعل الدية والعفو من العز وليس الذل ومن هنا الإسلام غيَّر مفهوم النصرة والثأر ففي حديث انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" فظالما أن تمنعه من الظلم والاعتداء على الآخرين".