متجاوزة الخطوط الحُمر ومتجاهلة جميع الدعوات الصادرة عن رجال دين مسلمين، واصلت صحيفة (شارلي إيبدو) الفرنسية التغوّل بخطّ تحريرها المستفزّ، وبدلا من أن تهدّئ الشارع المسلم وتؤكّد بالفعل أنها تفرّق بين (الإرهاب) والإسلام أشعلت النيران دون الاكتراث بمن وماذا ستحرق. فهذه (الشارلي) لا تبالي بالمسلمين، بل تحتقرهم، لذلك لم تتردّد في شنّ (هجوم إرهابي) جديد ضدهم من خلال التطاول على الرسول الكريم صلّى اللّه عليه وسلّم. أثبتت صحيفة (شارلي إيبدو) الفرنسية الخبيثة أنها مصرّة على عدم التفريق بين حرّية الرأي والتعبير والإساءة إلى النبيّ (محمد) صلّى اللّه عليه وسلّم التي هي إساءة إلى أكثر من مليار ونصف مليار مسلم في العالم. فقد قامت بعد هجوم باريس بنشر كاريكاتير مسيء إلى الرسول الكريم في الصفحة الأولى لعددها الأول بعد الهجوم الذي أسفر عن مقتل 12 شخصا، بينهم معظم هيئة تحرير المجلّة الساخرة. المجلّة التي كانت مهدّدة بالإفلاس وتبيع ستّين ألف نسخة أسبوعيا في أقصى حدّ زادت مطبوعتها إلى نحو خمسة ملايين نسخة بعدما كان مقرّرا أن تطبع ثلاثة ملايين وقامت بترجمتها إلى خمس لغات بينها العربية إثر نفاد نسخها بعد دقائق من طرحها في الأسواق الفرنسية، حيث اصطفّ النّاس في الطوابير أملا في الحصول على نسخة من الصحيفة. وردّا على صدور العدد شنّ ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي حملة قوية بالتعليقات والرسوم على الصحيفة التي رفض الناجون من هيئة تحريرها الاعتذار عن الرسم الذي يُظهر الرسول الكريم يذرف الدموع ويحمل يافطة (أنا شارلي). بطولة زائفة لم تكتف الصحيفة بهذا، بل نشرت رسما كاريكاتيريا يسخر من العرب الذين شاركوا في المسيرة التضامنية مع موظفيها الذين قتلوا في الهجوم. واللاّفت أن صحيفة (جمهورييت) التركية المعارضة نشرت أربع صفحات من عدد شارلي إيبدو الجديد. أبرز الرسوم كانت (#ضد الإساءة إلى الرسول) الذي تربع على قائمة الأعلى تداولا عبر تويتر في مصر بعد ساعات من تدشينه، إضافة إلى وسوم (الصلاة على النبيّ)، (إلا رسول اللّه)، (فداك أبي وأمّي يا رسول اللّه)، (لو عرفوك يا خير خلق اللّه ما تجرأ أحد على الإساءة إليك). واستنكر النشطاء نشر الصحيفة للرسوم المسيئة من جديد، قال أحدهم إن الصحيفة (استثمرت الهجوم الذي استهدفها، والذي أدانه جميع قادة المسلمين لمواصلة سياستها الاستفزازية للمسلمين)، في حين ذهب آخر يدعى (حبيب) إلى القول (أمّا الآن فالأمر تحول إلى بطولة زائفة، ونفاق مقيت تجاوز كلّ الخطوط الحمراء، وخرج عن إطار حرية الرأي، ليصبح عهرا وتجديفا وتحديا للآخر واستهزاءً بمقدساته.. لا تسامح ولا غفران). وفي رد على اتهام المسلمين بالإرهاب يرى ضرار -أحد نشطاء (الفيس بوك)- أن (الإرهاب ليس فقط بالفعل بل بالكلام، خصوصا إذا خلق الفوضى وشجع على العنف. شارلي إيبدو صحيفة إرهابية، يجب محاسبتها ضمن مكافحة الإرهاب، فهي سبب أحداث عنف على نطاق واسع وسبب في تفشي العنصرية والتحريض). وبدلا من شعار (أنا شارلي) نشر النشطاء صور وشعارات تقول (أنا مسلم، أحب الرسول محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، أنا لست شارلي). خطوات عملية كما ظهرت على المواقع صورة قيل إنها لرسام كاريكاتير سابق في الصحيفة يقول (فصلتني شارلي إيبدو لأنّي رسمت نجل ساركوزي حين تحوّل إلى اليهودية لأسباب مادية، تمّ فصلي بعدما رفضت الاعتذار). ولم تمرّ المسيرة المليونية المناهضة (للإرهاب) في باريس دون أن يطلق النشطاء سهامهم عليها، فبعضهم قال: (ألم يكن أحرى بزعماء الدول العربية والإسلامية أن يقودوا مظاهرة ضد الرسوم المسيئة إلى نبيّنا؟)، وتساءلت (أماني): (بالنسبة لمن تظاهروا من رؤساء وحكّام، اليوم خرج عدد جديد من هذه الجريدة يسيء إلى رسولكم، ماذا تفعلون؟ من جاء للمظاهرة في باريس لنصر من أساء إلى رسولكم؟ يا أمّة ضحكت من جهلها الأمم). وعن الخطوات العملية يقول حساب (طريق الهداية) إنه (برأيي لا يكفي التنديد في مظاهرة إلكترونية، يجب أن يكون هناك حدث عالمي يقوده كلّ المسلمين على مستوى العالم في توقيت محدّد). كما بدأ نشطاء بنشر قائمة بالمنتجات الفرنسية تمهيدا لحملة يدعو فيها النّاس إلى مقاطعتها كما حصل في السابق مع المنتجات الدانماركية.