من المنتظر أن تفتح اليوم محكمة جنايات العاصمة بعد سلسلة من التأجيلات ملف الجماعات الإرهابية النشطة في الصحراء الجزائرية امتدادا إلى شمال مالي بقيادة أمير كتيبة (طارق ابن زياد) المدعو (غدير محمد) المكنّى (عبد الحميد أبو زيد) المتابع فيها 12 متّهما، من بينهم نجله وشقيقاه (الساسي) و(عبد القادر)، إلى جانب 3 من أبناء عمومته المتابعين بجنايات الانتماء إلى جماعة إرهابية مسلّحة تنشط داخل وخارج الوطن، حيازة أسلحة حربية وذخيرة دون رخصة، التهريب على درجة من الخطورة تهدّد الاقتصاد الوطني والمتاجرة في المخدّرات في إطار جماعة إجرامية منظمة وجنحة تبييض الأموال وجنحة مخالفة التشريع والتنظيم الخاصّين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارجن. تمّت الإطاحة بالمتّهمين في 17 جويلية 2010، بعدما توصّلت التحرّيات الأمنية التي قامت بها مصالح الأمن العسكري بالتنسيق مع قوات الجيش الشعبي الوطني في المناطق الشرقية بالصحراء الجزائرية إلى أن أمير كتيبة (طارق بن زياد) المدعو (عبد الحميد أبو زيد) أبرم اتّفاقيات مع عدد من الشركات البترولية الأجنبية العاملة في الجزائر وأنشأ شبكة إجرامية منظّمة عابرة للحدود مختصّة في نقل المخدّرات وتهريب الوقود سمحت له خلال عشرية من الزمن بتحصيل مبالغ مالية معتبرة فاقت مائة مليار سنتيم وجّهت لشراء الأسلحة والذخيرة الحربية التي استخدمت في اعتداءات إرهابية استهدفت السياح الأجانب وممتلكات تابعة للدولة. واستنادا إلى أوراق الملف فقد مكّن (أبو زيد) شقيقه (الساسي) من ولوج الشركات البترولية الأجنبية وتبييض أموال التنظيم الإرهابي عن طريق شركته (الساسي أورل) لكراء السيّارات مقابل عقود أدرّت على التنظيم الإرهابي أموالا كثيرة فاقت المائة مليار سنتيم استعملت في النشاطات الإجرامية. وقد تعاملت هذه الشركة التي خدمت مصالح التنظيم الإرهابي مع عدد من الشركات الوطنية والأجنبية على رأسها (سوناطراك)، (بريتش بيتروليوم)، (سايبام بوس) ومؤسسة الحراسة (ج بي أس أ). وتمكّن الإرهابي (أبو زيد) من خلال المؤسسة التي أسّسها سنة 2001 من تبييض أغلب الأموال التي تمّ تحصيلها من كلّ العمليات الإجرامية القائمة على السرقة وتهريب المخدّرات، وكذا مداخيل الفدية التي يتلقّاها من قِبل الدول نظير إطلاق سراح رعاياها، حيث كانت تلك بمثابة الخطوة الأولى للتنظيم الإرهابي من أجل نشر عيونه داخل الشركات البترولية في الجنوب، هذه الأخيرة ساعدته على تنمية ثروته من خلال طلباتها المتزايدة على العربات. وحصّل التنظيم الإرهابي الملايير وراء تعاملاته مع الشركات الأجنبية في الصحراء زيادة على رؤوس الأموال التي استثمرها بغرض تبييضها وإعادة استغلالها في صناعات أخرى لفائدة عملياته الإجرامية، حيث تمّ شراء العديد من الفيلاّت في مختلف الولايات الجنوبية، فضلا عن ورشات وبساتين النخيل ورؤوس الإبل. أمّا فيما يخص الشقيق الثاني ل (أبي زيد) المسمّى (غدير عمر عبد القادر) فقد اعترف أثناء التحقيق بأنه كان يزوّد جماعات (أبي زيد) و(عبد الرزاق البارا) و(مختار بلمختار) منذ سنة 2001 بالبنزين والمؤونة مقابل مبالغ مالية معتبرة، وقال إنه اِلتقى بشقيقه (أبو زيد) سنة 2003 رفقة (البارا) و30 إرهابيا آخرين في منطقة الأفعى بورفلة لتسليمه براميل البنزين وقناطير من المؤونة. أمّا ابن (عبد الحميد أبو زيد) وهو المسمّى (غدير لخضر) فقد اعترف بأنه عمل في مجال تهريب المخدّرات، حيث نقل لعدّة مرّات كمّيات كبيرة من المخدّرات لفائدة شخص من جنسية ليبية مقابل مبالغ مالية معتبرة، وكان يستعمل هذه الأموال من أجل شراء السيّارات رباعية الدفع والبنزين والمؤونة لصالح الجماعات الإرهابية بالصحراء الجزائرية بقيادة (أبي زيد) و(البارا) و(مختار بلمختار)، واعترف في هذا الصدد بأنه اِلتقى سنة 2004 بوالده وهو (عبد الحميد أبو زيد) الذي كان رفقة (عبد الرزاق البارا) شرق مدينة حاسي مسعود، حيث طلب منه آنذاك أن يكون عنصر دعم وإسناد للجماعات الإرهابية الناشطة في الصحراء. تجدر الإشارة إلى أنه تمّ القضاء على الإرهابي (عبد الحميد أبي زيد) من قِبل القوات الفرنسية والتشادية في 25 فيفري 2013 في شمال مالي، وقد تمّ التأكّد في 23 مارس 2013 بشكل قاطع من خبر وفاته.