حاول فقط، مجرد محاولة أن تتحدث مع شخص.. أي شخص في المواصلات في المترو في العمل في أي مكان عن أوضاع البلد.. بركان من الكلمات والانفعالات والشكوى، سينفجر فى وجهك.. (فالحال ليست مستقرة والناس انتهازيين والمشكلة الاقتصادية تطل برأسها، قمنا بثورة واثنين ولا نتيجة، ألا ترى حال البلد؟!!) قد يبرر البعض هذه الحالة على أنها يأس وفقدان للأمل فالظروف الاقتصادية الصعبة تدفع الناس لليأس ولكن السؤال هنا هل ما يدفع الناس هو عدم وجود نتيجة أم استعجال النتيجة. لا أريد أن أخوض فى جدل سياسى ولكننا دائما ما نستعجل النتائج إذا قدمنا تضحيات كبيرة، فنحن مثلا نتوقع طفرة في حال بلدنا مباشرة بعد حدوث الثورة، نستعجل الشفاء بعد زول جرعة علاج، نتوقع التفوق بعد أول درس أو ساعة مذاكرة، نتوقع الخلاص بعد أول تضحية.. لا أخص المصريين فقط بهذه الصفة ولكنها صفة بشرية (وخلق الانسان عجولا). حدث مرة أن جاء الصحابي خباب ابن الارت، وهو من أكثر الذين عذبوا على أيدي المشركين، يشكو إلى رسول الله شدة التعذيب بمكة فقال (يا رسول الله ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟) فما كان من رسول الله إلا أن قال (كان الرجل فيمن قبلكم، يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنين وما يصده ذلك عن دينه،...والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون).. [رواه البخارى]. نميل دائما للنصر السريع، نحب أن نرى آثار النصر دون تعب حقيقى ولكننا نغفل دائما بأن الدول العظيمة والنجاحات الكبيرة تصنع لا تولد.. فالشركات الكبيرة نتاج تعب وتضحية وسهر، كذلك الدول العظيمة فاوروبا لم تكن متقدمة طوال حياتها ولكنها صنعت بتعب وعرق وإصرار. يسهل جدا لعب دور الحكم والحكم على من حولنا، فمن السهل أن نقيم زميل وننتقد آخر ونحكم على مستوى ثالث بأنه لا يصلح، ولكننا فى وسط هذا ننسى أنفسنا حقا.. وهذا بسبب الاستعجال، لو تمهلنا لوجدنا بأننا غير مؤهلين ولسنا على المستوى المطلوب، لكننا نطلب من الآخرين ذلك.. على أحدنا أن يصبر في مكانه ويصلح ويغير ويدع النتائج تأتي على مهل. ذكر لنا القرآن بأن سيدنا نوح استمر داعيا في قومه لمدة 950 سنة وما أمن معه إلا قليل، قيل في بعض الروايات بأنهم 90 كل 100 سنة يؤمن 10. ولكنه استمر وذلك لأنه صاحب قضية، يؤمن بما يفعل. فالإصلاح والهداية لا يأتيان فجأة ولا يهديان على طبق من ذهب. لا يمكننا أن نغير من حولنا إن لم نغير أنفسنا لكننا نستعجل.