ردّت السلطات العليا في البلاد بقوّة على محاولة بعض الجهات الأجنبية لأغراض مشبوهة (استدراج) الجيش الجزائري إلى مستنقع (حرب الدواعش) من خلال تجديد تأكيد عقيدتها العسكرية الراسخة القائمة على مكافحة الإرهاب دون هوادة، لكن دون التدخّل في أراضي وشؤون البلدان الأخرى، وهو ما يشكّل ضربة قوية لآمال بعض (المغامرين) الذين يحاولون الزجّ بالجزائر في (فوضى أمنية) خطيرة انطلاقا من ليبيا. عاد الحديث عن إمكانية مشاركة الجزائري في عمل عسكري يستهدف ما يسمّى بتنظيم (داعش) في ليبيا، وبدا واضحا مرّة أخرى إصرار الجزائر على التمسّك بعقيدتها في مكافحة الإرهاب على طريقتها، بعيدا عن الإملاءات الخارجية وبعيدا عن توريط الجيش الوطني الشعبي في حرب على أراضي بلدان أخرى. وفي سياق ذي صلة، كشف الناطق باسم وزارة الخارجية الجزائرية بن علي الشريف عن استعداد الجزائر لتقديم الدعم الكامل لمصر في مواجهة تنظيم (داعش)، مؤكّدا أن الجزائر مستعدّة لتقديم العون لأشقّائها ولن تقصّر قط في الوقوف مع مصر إذا فكّرت في إجلاء رعاياها من ليبيا عن طريق فتح الحدود الجزائرية لإجلاء المصريين القادمين من الأراضي الليبية، لكن دون أن يتمّ قَبول مخطّط (استدراج) جيش الجزائر إلى حرب خارج القطر الوطني. وقال الشريف في مداخلة هاتفية مع قناة (سي بي سي إكسترا) المصرية إن الجزائر تدين بشدّة وتندّد بقوّة بحادث مقتل 21 مصريا على يد تنظيم (داعش) في ليبيا، مؤكّدا بخصوص الدعم العسكري لمصر في حربها ضد (داعش) أن عقيدة القوّات المسلّحة الجزائرية أن جيشها لا يخرج خارج حدودها. من جانبه، أفاد وزير الخارجية رمطان لعمامرة بأن العملية الإرهابية التي قام بها تنظيم (داعش) في حقّ رعايا مصريين أبرياء في ليبيا (تحُثّ على بذل المزيد من الجهود لتشجيع الليبيين على الحوار). وأضاف لعمامرة في تصريح صحفي عقب استقباله مساعد وزير الخارجية القطري لشؤون التعاون الدولي محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني: (أعتبر أن هذه التطوّرات الخطيرة في ليبيا تحثّنا على أن نبذل قصارى جهدنا من أجل تشجيع الليبيين على الحوار). كما أكّد وزير الخارجية على ضرورة (تشجيع الليبيين على التعامل مع الجهود المبذولة، سواء من طرف الجزائر أو الأمم المتّحدة وغيرهما من أجل إيقاف دوّامة العنف والوصول إلى الحلّ السلمي المنشود)، مذكّرا بالمناسبة بموقف الجزائر الداعي إلى الحوار واحترام سيادة ليبيا وتعزيز المؤسسات الليبية بمصالحة وطنية، وإدانة أشكال الإرهاب كافّة. من جانب آخر، قُتل 4 عناصر من الحرَس الوطني التونسي في هجوم استهدفهم ليل الثلاثاء-الأربعاء قرب الحدود مع الجزائر في منطقة تنشط فيها مجموعة إرهابية، حسب ما أعلنت وزارة الداخلية. وقالت الوزارة في بيان مقتضب: (قتل أربعة أبطال من وحدات الحرَس الوطني إثر هجوم إرهابي في مدينة بولعابة بولاية القصرين)، ووعدت الوزارة بإعطاء تفاصيل أوفى عن الهجوم لاحقا. وتقع بولعابة قرب جبل الشعانبي الذي يتميّز بوعورة تضاريسه، ويمتدّ على مساحة 100 كلم مربّع، بينها 70 كلم تغطّيها الغابات. ويعتبر هذا الجبل الحدودي مع الجزائر معقلا لأكبر جماعة جهادية في تونس هي (كتيبة عقبة بن نافع)، وهذه الجماعة الجهادية المرتبطة بالقاعدة تتعقّبها قوّات الأمن والجيش منذ نهاية 2012. ورغم القصف الجوّي المنتظم والعمليات البرّية في جبل الشعانبي الذي تمّ تحويله إلى منطقة عسكرية مغلقة لم تتمكّن قوّات الأمن والجيش حتى الآن من القضاء على المسلحين المتحصنين بالجبل. وفي منتصف جوان 2014 أعلن (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) للمرّة الأولى أن المسلّحين المتحصّنين في جبل الشعانبي تابعون له. وحسب السلطات فإن هؤلاء المسلّحين خطّطوا لإقامة (أوّل إمارة إسلامية في شمال إفريقيا) في تونس وقتلوا عشرات من عناصر الجيش والأمن في هجمات أو كمائن.