عاد الجدل مجددا لقضية الذبح الحلال في بريطانيا، حيث سيناقش مجلس العموم طلبا من جمعية بيطرية بحظر الذبح قبل الصعق، وتلوح جمعيات إسلامية باستيراد هذا اللحم من خارج البلاد، مما سيفقد الاقتصاد البريطاني تجارة يتجاوز حجمها 4.5 مليارات دولار سنويا. بدأ مجلس العموم البريطاني مناقشة مسألة منع الذبح على الطريقتين الإسلامية واليهودية من دون صعق للحيوانات، وذلك استجابة لحملة تقودها (الجمعية البيطرية البريطانية). واستطاعت تلك الحملة جمع أكثر من مائة ألف توقيع، وهو النصاب المطلوب من أجل دفع المجلس لمناقشة قضية معينة، لكن الأمر أثار موجة استياء عارمة في أوساط الجاليتين المسلمة واليهودية اللتين تعتمدان في تناولهما للحوم على هذا النوع من الذبائح. واستندت الجمعية البيطرية البريطانية في حملتها إلى ما تعتبره (حفاظا على قواعد الرفق بالحيوان الذي يشعر بالألم جراء الذبح بالسكين)، وقالت إن (هناك أبحاثا علمية أجريت على حيوانات تفيد بأن هناك إمكانية عالية لإحساس الحيوان بالألم أثناء وبعد ذبحه). وانطلقت تلك الحملة عقب تصوير تم بطريقة سرية في ديسمبر الماضي في أحد مجازر اللحم الحلال ويظهر سوء معاملة العاملين في المجزر للخراف قبل ذبحها، وهو ما استندت إليه جمعيات الرفق بالحيوان في حملتها تلك. ويذكر بيان للجمعية أن 80 بالمائة من الذبائح على الطريقة الشرعية يتم صعقها قبل الذبح، إلا أنها ترى أنه ينبغي منع الذبح من دون صعق نهائيا. وترد جمعيات وهيئات إسلامية ويهودية على هذا الادعاء بالقول إنه لا ينبغي منع هذه الممارسة التي تعتبر طقسا دينيا، وتستشهد بأبحاث علمية تؤكد أن الصعق يسبب معاناة للحيوان وأنه يقتل الحيوان فورا. حملة مضادة في المقابل، استطاعت الجالية المسلمة في بريطانيا جمع أكثر من مائة ألف توقيع على عريضة رسمية تقدم للحكومة لمنع إلغاء الذبح من دون صعق، وأدانت الرابطة الإسلامية في بريطانيا التحركات الرامية لمنع الذبح من دون صعق. كما اعتبرت النقاش البرلماني خطوة أولى في اتجاه المنع، وحثت البريطانيين على التوقيع على العريضة الموازية ومراسلة أعضاء البرلمان لحثهم على عدم التجاوب مع مثل هذه الدعوات. واعتبرت الرابطة أن هذه الحملة للحفاظ على الذبح من دون صعق نموذج إيجابي للتعاون بين الجاليات المختلفة في الدين والثقافة ببريطانيا للحفاظ على مكتسباتها. وقال رئيس الرابطة الإسلامية في بريطانيا عمر حمدون للجزيرة نت (إن آخر الإحصائيات تشير إلى أن المسلمين يشكلون نسبة 4.8 بالمائة من سكان بريطانيا الذين يتجاوز عددهم ستين مليونا، ويبلغ حجم التجارة في اللحوم الحلال ثلاثة مليارات جنيه إسترليني (نحو 4.5 مليارات دولار)، الأمر الذي يعني أن منع الذبح الحلال من دون صعق سيسبب ضررا بالغا بالاقتصاد). وأوضح أن الخيار الذي سيلجأ إليه المسلون في حالة المنع هو استيراد لحوم حلال مذبوحة على الطريقة الشرعية من دول أوروبية أخرى، وبذلك تنتعش هذه التجارة في تلك الدول وتحرم بريطانيا منها. صمت حزبي وبينما لم تعلن أي من الأحزاب الرئيسية في البلاد موقفها من هذه القضية، خاصة أن الانتخابات التشريعية على الأبواب في ماي المقبل أعلن حزب الاستقلال اليميني موقفا صارما ضد الذبح من دون صعق. ورغم أنه من المستبعد أن يشكل هذا الحزب الحكومة المقبلة فإن حظوظه في الفوز بمقاعد أكثر تعززت بفعل زيادة التوجهات اليمينية لعدد كبير من الناخبين وضمه أعضاء برلمانيين من حزب المحافظين الحاكم. يذكر أن عملية صعق الحيوانات أثارت جدلا شرعيا في السابق إزاء مدى جوازها، فبينما تأخذ (هيئة الأغذية الحلال) في بريطانيا بفتوى تبيح صعقا غير مميت للحيوان قبل ذبحه ترى لجنة مراقبة الأغذية الحلال في بريطانيا أن الذبح يسبب معاناة للحيوان ولا يضمن عدم موته قبل ذبحه، وتنقسم الجالية المسلمة بين الرأيين