قال الله تعالى في كتابه العزيز: {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}... سورة التكوير الآيات من 15 _ 19. يقسم الله سبحانه وتعالى بقوله: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} والواو هنا للقسم والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، ففي هذه الآية أقسم الله سبحانه بالصبح إذا تنفس وفي هذه العبارة يُشبه الله سبحانه وتعالى عملية بدء ظهور الشمس في الأفق {الصُّبْحِ} بإنسان بدأ بأخذ النفس أي أخذ شهيق بعد استراحة أو سبات مؤقت عند الزفير. وكما نعلم أن عملية التنفس هي من أهم العمليات الحيوية التي تقوم بها الكائنات الحية حيث يقوم الإنسان من خلال هذه العملية بإدخال الهواء الغني بالأوكسجين إلى الرئتين (الشهيق) حيث تقوم الرئتين بامتصاص الأوكسجين وطرح ثاني أكسيد الكربون وهذه العملية هامة جداً لجسم الإنسان ولا يستطيع أي إنسان أن يستغني عنها أكثر من دقائق معدودة وتوقفها يعني الموت المحقق. حيث يستفيد الجسم من الأوكسجين في حرق الغذاء وإنتاج الطاقة التي تبعث الحياة في خلايا الجسم وأنسجته ففي الصباح عند بدأ ظهور الشمس (الصبح) تبدأ عملية غاية في الأهمية والتعقيد هي عملية التركيب الضوئي حيث تقوم النباتات بأخذ غاز ثاني أكسيد الكربون (الغاز المؤذي الذي لا يستطيع الإنسان استهلاكه) من الهواء وتطرح غاز الأوكسجين بدلاً عنه. إن الأوكسجين الذي نتنفسه والذي هو المصدر الأساسي للحياة إنه المُنتج الرئيسي في عملية التركيب الضوئي. إن 30 بالمائة من الأوكسجين الموجود في الجو تنتجه النباتات على الأرض وال70 بالمائة المتبقية تنتجها النباتات والأحياء الوحيدة الخلية في البحار والمحيطات وهذه العملية لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة، لأن هذه الآلية تستخدم الإلكترونات والذرات والجزيئات ومع ذلك نستطيع رؤية نتائج عملية التركيب الضوئي من خلال الأوكسجين الذي يجعلنا قادرين على التنفس والغذاء الذي يحافظ على حياتنا. التركيب الضوئي هو نظام معقد يستخدم صيغ كيميائية ووحدات من الوزن على نطاق ضيق جداً، ويحتوي على تجهيزات دقيقة الحساسية جداً. يوجد ملايين الملايين من المختبرات الكيميائية التي تقوم بهذه العملية في كل النباتات الخضراء حولنا وعلاوة على ذلك تصنع النباتات الأوكسجين الذي نتنفسه والطعام الذي نتناوله ونستمد منها الطاقة ولم تتوقف هذه العلمية منذ ملايين السنين. العبارة {إِذَا تَنَفَّسَ} هي دلالة واضحة على عملية التمثيل الضوئي حيث شبه الله سبحانه الصبح وهو بدء طلوع الشمس في الأفق بإنسان أخذ نفساً وهو إشارة واضحة إلى تلازم إنتاج الأوكسجين مع طلوع الشمس وأن بدء هذه عملية التنفس الحيوي أو التركيب الضوئي تبدأ مع بدء طلوع الشمس. وتتأكد أهمية هذه الظاهرة بالطريقة التي أقسم بها الله والطريقة التي حددها الله لعملية التركيب الضوئي. وإن الإشارة إلى هذه الظاهرة (التمثيل الضوئي) وتشبيهها بالتنفس دلالة على أهميتها فهي كأهمية التنفس بالنسبة إلى الإنسان فلا يمكن للأرض الاستغناء عنها فبدونها سوف تتحول الأرض إلى خراب لا حياة فيها كالقمر. كما أن استعمال (إذا) تدل على تلازم بدأ عملية التركيب الضوئي مع بدء طلوع الشمس كما أن ترتيب كلمات الآية حيث ذكر الله طلوع ضوء الشمس أولاً ثم بدأ عملية التنفس بشكل مرتب وهذا ما يتطابق مع عملية التركيب الضوئي وإنتاج الضوء فبدون هذا الترتيب لا يمكن أن تتم عملية التنفس الحيوي للنبات أو التركيب الضوئي ثم إنتاج الأوكسجين. وهناك لفتة رائعة فكما أن الطفل حينما يولد فإنه يبدأ بأخذ شهيق أثناء البكاء للتنفس فالتنفس هو بداية لحياته كذلك النهار حينما يولد يبدأ بالتنفس. عملية التركيب الضوئي التي تقوم بها النباتات وأحياناً تقوم بها بكيريا وأحياء وحيدة الخلية تستخدم أشعة الشمس لكي تنتج سكر (كاربوهيدات) من غاز ثاني أوكسيد الكربون والماء وكنتيجة لهذه المعادلة فإن الطاقة في أشعة الشمس تخزن داخل السكر المنتج وهذه الصيغة تلخص المعادلة التي تحدث العملية التي تنتقل بها الطاقة الشمسية غير المستخدمة إلى طاقة كيميائية قابلة للاستخدام: C6H12O6+6O2عملية التركيب الضوئي 6H2O+6CO2 المصدر: موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة