* 50 ألف زواج عرفي و30 ألف قضية لإلحاق النسب بمحاكم الجمهورية تتعرض كثير من محاكم القطر الوطني، في الآونة الأخيرة، إلى ما يمكن وصفه بغزو قضايا إثبات النسب، نتيجة تفشي ظاهرة الزواج العرفي، وبهذا الشأن كشفت مصادر قضائية من مختلف المجالس القضائية بالجمهورية عن جدولة أزيد من 50 ألف قضية زواج عرفي و30 ألف قضية إثبات وإلحاق النسب بمحاكم ولايات الوطن بعدما تم طرحها من قبل أصحابها، من بينها 4000 قضية سيتم النظر فيها بوهران. وتشير المصادر القضائية إلى أن جميع هذه القضايا الخاصة بالزواج العرفي ترفعها نساء تزوجن بطريقة عرفية دون عقد وأغلبها تمت في السنوات الأخيرة، بعدما أصبحت هذه الظاهرة تأخذ منعرجا خطيرا في مجتمعنا. كما تؤكد المصادر القضائية أن غالبية طلبات الزوجات تتعلق بتثبيت الزواج واعتراف بالأبوة للأطفال حفاظا على مستقبلهم، ومنهن من ترغب في نقل الإرث والفريضة عند الوفاة، إلا أن رجال القانون يؤكدون أن هناك أعداد كبيرة من النساء من ترضى بالمكتوب وتتفادى التوجه إلى المحاكم، وذلك ما يجعل حقوقها وكذا مستقبل أطفالها يسير نحو المجهول، لعدم تثبيت الزواج - حسب ما هو متعارف عليه في الشريعة الإسلامية التي تقر بالعقد والشهود وبحضور ولي أمر الزوحة. إلا أنه في ظل العديد من التحولات التي طرأت على المجتمع وغيرها من التناقضات والأسباب، فإن كثيرين يقبلون بالزواج العرفي الذي يتم بالفاتحة وشاهدين دون توثيق الزواج بعقد رسمي يضمن ويحمي حقوق المرأة وأبنائها، حتى لا يكونوا ضحية خطوة غير شرعية قانونا. من جهتهما أشار المحامي حقيقي احمد والأستاذ محمد بوحفظي، من مجلس قضاء وهران، إلى أن قانون الأسرة ومن خلال المادة 11 التي تنص على وجود ولي المرأة لتثبيت الزواج، في الوقت الذي يحمّل المسؤولية إلى الزوجين على أساس أنهما من يتقاسم مسؤولية المشكل وكذا الأولياء الذين لا يحركون ساكنا، وإنما يشجعون بناتهم وأبنائهم على مثل هذا التصرف، حيث يقدم البعض على الزواج بزوجة أخرى دون مسؤولية قانونية عليه، وذلك ما زاد في عدد القضايا الزواج العرفي التي أصبحت اليوم تعالج من قبل المحاكم وتفصل فيها غالبا لصالح الزوجة، من أجل ضمان مستقبل وهوية أبنائها حتى لا يكونوا عالة على المجتمع، في الوقت الذي تبين أن العديد من النساء رغم أنهن يدركن ان زواجهن عرفي، إلا أنهن يقمن بإنجاب أطفال، وذلك ما يشكل مشكلة أكبر في المستقبل لهم وللمجتمع خاصة عندما لا يعرفون هويتهم. وعن حكم الدين في الإشكال، فقد ذكر الشيخ بوخماشة مخفي، إطار بمصلحة تعليم القرآن الكريم بمديرية الشؤون الدينية بوهران، أن المسؤولية في الأول والأخير تعود إلى التربية وإلى الأولياء الذين يتحملون كل المسؤولية، ورغم ذلك لا ينهون أبناءهم عن هذا الفعل والتصرف بما يمليه علينا ديننا الحنيف، ويقوم أبناؤهم بتقليد مجتمعات غربية بعيدة كل البعد عنا ولا تمت لنا بصلة في التقاليد والشرع، والخاسر الأكبر في هذه المعادلة الأبناء الذين يكونون مجهولي النسب، وعند كبرهم توجه لهم أصابع الاتهام في ذنب لم يقترفوه، وبالتالي يصبحون معقدين ناقمين على المجتمع وعلى الأولياء الذين جعلوهم يدفعون أخطاء الغير. ويضيف أنه مهما كانت الأسباب لابد من تشهير الزواج وترسيمه بعقد رسمي موثق. كما دعا النساء إلى ضرورة التخلي عن مثل هذه العادات التي أصبحت متفشية في المجتمع، ويبقى الأطفال ضحيتها الأكبر في غالب الأحيان.