الزواج العرفي ينتشر في أوساط المثقفين و عدد النساء الرافضات لإثباته في تزايد مستمر لم تبق ظاهرة الزواج العرفي في الجزائر محصورة في المناطق الريفية و فئة الإسلاميين، بل اتسعت بشكل ملفت بالمدن الكبرى و فئة المثقفين في أوساط الجامعات و ذوي المهن المرموقة ،حسب مختصين في القضاء و رجال الدين الذين قدروا نسبة انتشار الظاهرة بحوالي 30 بالمائة ، مشيرين إلى تزايد طلبات إثبات الزواج من قبل الرجال، فيما كانت النساء إلى وقت قريب هن من يلجأن إلى المحاكم بأمل تقييد الزواج و إثبات نسب الأبناء. الدكتورة و المحامية بليمان يمينة، أكدت للنصر على هامش يوم تكويني حول الزواج العرفي نظمته الأسبوع الماضي اللجنة الثقافية بمديرية الشؤون الدينية و الأوقاف بقسنطينة ، بأن ظاهرة الزواج العرفي لا تزال منتشرة بنسبة كبيرة في مجتمعنا، و أن التعديلات الطارئة على قانون الأسرة في 2005 كاشتراط موافقة الزوجة الأولى لتقييد الزواج من ثانية لم تحد من الظاهرة، رغم التزام أئمة المساجد بتوصيات السلطات بعدم عقد زواج شرعي أو قراءة الفاتحة كتعبير عن إتمام الزواج إلا في حالة وجود عقد زواج مدني موّثق، غير أن طلبات إثبات الزواج تعكس واقع استمرار تنامي الظاهرة التي باتت أكثر تسجيلا في أوساط المثقفين و أصحاب المهن الحرة و الوظائف السامية مثلما وصفتها المحامية ، موضحة بأن التغيرات السريعة التي يشهدها المجتمع ساهمت في بروز ظواهر غريبة عن مجتمعنا كإلحاح النساء على عدم تقييد زواجهن مدنيا. رجال يتوسلون زوجاتهم لتقييد ارتباطهم أرجعت محدثتنا رفض الكثير من النساء المرتبطات عرفيا لإثبات و تقييد زواجهن إلى عدة أسباب أهمها تجاوز الزوجات سن الإنجاب و الخوف من الوقوع ضحية استغلال مادي، مردفة بأن أغلب النساء المرتبطات بالزواج العرفي عانين العنوسة و عليه فإنهن لا تثقن بسهولة فيمن يتقدمون لخطبتهن و يخشين من أن تكون الدوافع المادية و الطمع في رواتبهن أو ممتلكاتهن وراء طلبهن للزواج، فيفضلن الزواج العرفي على الزواج العادي، غير أن الأمر لا يروق بعض الأزواج فيلجأون إلى المحاكم. و أضافت مؤكدة بأن طلبات إثبات الزواج المقدمة من قبل الرجال في تزايد عكس السنوات الماضية التي شهدت إصرار النساء على إثبات الزواج العرفي و إثبات نسب الأبناء، بينما ينكر الكثير من الأزواج الرجال ذلك الارتباط خاصة إذا كانوا مرتبطين و لديهم أسر من زواجهم الأول. المحامية قالت بأن نسبة الزواج العرفي في مجتمعنا لا تقل عن 30بالمائة استنادا إلى دراسة أعدتها شخصيا حول الزواج بكل أنواعه. كما ذكرت بعض الحالات التي رافعت عنها بخصوص أزواج يريدون تقييد الزواج العرفي، دون موافقة الزوجة التي تفضل إبقاء ارتباطها عرفيا حتى لا تخسر منحة بالعملة الصعبة أو منحة المجاهد أو حتى منحة الزوج الأول المتوفي، أو حالات ثانية تكون المرأة ميسورة الحال و لديها بيتا و سيارة و رصيدا بنكيا ، لكن ليس لديها أطفال و لا يمكنها الإنجاب، فترى بأن عائلتها أولى بمالها في حال وفاتها و ليس الزوج الذي ارتبطت به لسبب واحد هو التخلص من العنوسة و ما يترّتب عنها من نظرات و كلام الناس. و توّقفت عند آخر قضية مرت عليها و التي رفعها زوج و أب لثلاثة أبناء ضد زوجته الرافضة لإثبات زواجهما و بالتالي إثبات نسب أبنائهما الذين اقتربوا من سن التمدرس، لا لشيء لخوفها من فقدان منحة مهمة لم يتم التأكد بعد من صنفها. و علّقت قائلة» انقلبت الموازين و بات الرجال اليوم هم من يتوسلون للنساء من أجل تقييد الزواج و هن تتعنتن». و أكد عدد من أصحاب الجبة السوداء الذين تحدثنا إليهم، انتشار الزواج العرفي في أوساط الجامعيين و المثقفين و تضاعفه بالمدن الكبرى أكثر من الأرياف التي كانت في وقت مضى الأكثر تسجيلا للظاهرة. يقبلن بالزواج العرفي حتى لا يحرمن من الأمومة و قال بعض رجال الدين الذين تحدثنا إليهم، بأن الزواج العرفي يعتبر شرعيا طالما توّفر على جميع أركان الزواج منها رضا الطرفين، الولي و الصداق ، لكن دون ذلك، تعتبر العلاقة بين الرجل و المرأة باطلة ، مشيرين إلى ظاهرة لا تكف عن التزايد بمجتمعنا و التي يقوم الأصدقاء بلعب دور الشهود و يحررون وثيقة بالارتباط دون وجود ولي و لا صداق ، مؤكدين بأن كل ما ينتج عنها يعتبر زنا. الأستاذ محمد علواش من مديرية الشؤون الدينية و الأوقاف، أكد من جهته بأن 90بالمائة من المكالمات التي تتلقاها مكاتب الفتوى بخصوص الزواج العرفي تجريها نساء تطلبن النصح و تبحثن عن حلول للحفاظ على حقوقهن و حقوق أبنائهن. و تحدث بعض المختصين في الشؤون القضائية عما أطلقوا عليه بزواج الحاجة و الذي بدأ يروج كثيرا عند المثقفات العوانس الراغبات في إنجاب الأطفال دون الحاجة للبقاء مرتبطات أو الحاجة إلى زوج أو رب أسرة أو لقب متزوّجة لأنهن يتمتعن بالاستقلالية المادية، غير أن هاجس الأمومة يدفعهن لقبول الارتباط عرفيا لتحقيق رغبتهن في الإنجاب.