بقلم: أحمد برقاوي* من هو العربي؟ أي سؤال غريب هذا قد يقول قائل، فهل يُسأل عن البسيط الواضح والبديهي! السؤال عندي ليس عن البسيط البديهي، السؤال عن العربي بوصفه موقفاً. العربي جنسية شعورية غير مكتوبة على جواز السفر أو الهوية الشخصية، أجل هوية غير مكتوبة في شهادة الميلاد، المكتوب مصري سوري سعودي الخ... إذاً ما الذي يُظهر العربي أنه عربي؟ ولما كنا لا نستطيع أن نطمئن إلى الشعور وحده فالممارسة العملية، الموقف هو الذي يظهر الانتماء إلى العرب. هذا الانتقال من الشعور بالانتماء إلى العرب إلى الموقف المعَبر عنه لغة وممارسة هو ما يعرف بالموقف القومي العربي. وبهذا المعنى العربي بالتعريف هو الذي يعبر عن عروبيته بوصفها انتماءً قومياً. وليس الأمر أمر تعصب عرقي عنصري بل شعور طبيعي بالانتماء وما يولده هذا الانتماء من انحياز ضروري لمصالح العرب، والعداء لكل من يهدد وجودهم وأمنهم وحياتهم ومصيرهم الحر، فحين يعلن العربي قولاً وفعلاً أن قضية فلسطين هي قضية عربية أو قضية العرب الأولى فهو لا يعبر عن تعاطف مع الفلسطيني بل عن انتماء، عن همٍ عربي يوحده مع الفلسطيني، يمكن لغير العربي أن يتعاطف مع الفلسطيني من موقع إنساني أو أخلاقي وهذا موقف مختلف عن موقف العربي الصادر عن انتمائه القومي. وحين يعتبر كل عربي بأن الجزر العربية المحتلة من إيران هي جزر إماراتية فهو يعبر عن عروبيته القومية. ما كان علي أن أطرح هذا السؤال لو لم أر ما تشهده الساحة العربية من موقف بعض العرب مما يجري في اليمن وسوريا ولبنان والعراق والنزوع القومي لقوى خارجية للهيمنة، موقف لا يصدر إلا عن انسلاخ عن الشعور العربي وجفاف في روح الانتماء القومي العربي. وبخاصة في هذه الأيام التي تشهد عاصفة الحزم العربية. كيف يمكن لعربي أن يعلن وقوفه إلى جانب دولة تحاول السيطرة على أقطار عربية عبر جماعات طائفية؟ كيف يمكن لعربي أن ينحاز إلى التدخل الأجنبي في حياة اليمن التي لم تعرف في تاريخها صراعاً طائفياً ويتذمر من دفاع مجلس التعاون الخليجي عن اليمن وعن دوله؟ دعونا من أولئك الذين لديهم تعصب طائفي ولنذهب إلى بعض المثقفين العرب القوميين أو ما شابه ذلك المؤيدين للقوى الأجنبية بحجة الخطاب الذي لا يسمن ولا يغني من جوع حول فلسطين. إن السؤال الذي على المثقف العربي أن يطرحه على نفسه عند تقويم أي حدث أو واقعة: ما هي مصلحة العرب فيما يجري؟ بماذا يعود على العرب سلوك هذه الدولة أو تلك من دول الإقليم؟ هل إثارة النزعات الطائفية في بلداننا يخدم الانتماء إلى العرب؟ هل وجود ميليشيات طائفية مسلحة من قبل قوى أجنبية يساعد على بقاء الوحدة الوطنية في عالم العرب؟ هل تبعية هذه المليشيات إلى جهات أجنبية يؤكد سيادة العرب على أوطانهم؟ إن أسئلة الإنسان العربي يجب أن لا تصدر إلا عن انتماء لقوم اسمهم العرب يريدون العيش بكرامة وطنية وسلم أهلي وعلاقات معشرية طبيعية، ولهذا العربي الحق مع أية صورة من صور التكامل والتعاون والعمل المشترك بين العرب.