تصاعدت الانتقادات في وجه الحكومات العربية والأوروبية لغياب سياسة واضحة لاستقبال اللاجئين على أراضيها، وصلت إلى حد اتهامها بعدم مراعاة حقوق الإنسان الأساسية أمام موجات الهجرة غير النظامية المتفاقمة. يرى محمد الشولي، مسؤول العلاقات العامة في (مؤسسة شاهد) التي تُعنى باللاجئين ومقرّها بيروت، أن (غياب رؤية عربية واضحة لاستقبال اللاجئين ودمجهم أو توزيعهم أدى إلى تدهور أوضاع اللاجئين العرب في الدول العربية). وأشار الشولي في حوار مع دويتشه فيلله إلى أن الدول العربية منذ استقبالها للاجئين الفلسطينيين عام 1948 ومرورا بالأزمات العربية وصولا إلى نزوح السوريين الهاربين من الحرب (لم تتخذ أية إجراءات أو سياسات واضحة لاستقبال اللاجئين( بل اعتمدت سياساتها على (العشوائية والتخبط). * خذلان أوروبي من جهته، انتقد الناشط بجمعية (برو أزويل( الألمانية كريم الواسطي السياسات الأوروبية (غير الجادة) بشأن استقبال اللاجئين، إذ أن (الأعداد الضئيلة من اللاجئين الذين تم استقبالهم لا تتناسب مع حجم وإمكانيات دول أوروبا). ويرى الواسطي أن مشكلة السياسات الأوروبية بخصوص اللاجئين مبنية على نظام (الردع بدلا من الاستقبال)، بمعنى أن الأصوات المطالبة بمنع دخول المهاجرين وتقنين أعدادهم أعلى من الأصوات التي تنادي بتوفير الإمكانيات لاستقبالهم. وكانت اقتراحات برلمانية ألمانية قدمها مفوض الحكومة لشؤون حقوق الإنسان كريستوف شتريسر من أجل منح اللاجئين القادمين من مناطق الحروب (تأشيرة دخول إنسانية) في أعقاب كارثة اللجوء الأخيرة التي وقعت في البحر المتوسط وأودت بحياة مئات اللاجئين. * إجراءات إنقاذ أو محاربة؟ قرّر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي بعد قمة استثنائية مخصصة لملف الهجرة السرية في بروكسل، زيادة بثلاث مرات للميزانية المخصصة لعمليات مراقبة الحدود البحرية في إطار عملية (تريتون) التي أطلقت في نوفمبر 2014. وتعادل الميزانية التي تصل إلى تسعة ملايين يورو شهريا لمراقبة الحدود البحرية وإنقاذ المهاجرين الذين يحتاجون إلى الإغاثة، ميزانية العملية السابقة التي كانت تقودها إيطاليا بين أكتوبر 2013 وأكتوبر/2014 قبل إطلاق (عملية تريتون). وبالإضافة إلى زيادة التمويل، وافق زعماء الاتحاد على تعزيز التواجد في حوض البحر الأبيض المتوسط، عبر توفير السفن والموارد البشرية اللازمة لعملية المراقبة. وستضع بلجيكا سفينة ضمن العملية، بينما أعلنت بريطانيا وفرنسا وألمانيا على وجه الخصوص الالتزام بتوفير السفن في البحر المتوسط. غير أن الدول الأعضاء لم توسع نطاق عملية تريتون، وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا مريكل بعد انتهاء القمة (لم نوسع اليوم ميدان عملياتها) للسماح لها بالخروج من المياه الإقليمية الأوروبية باتجاه السواحل الليبية، مضيفة: (لكننا بحاجة على الأرجح إلى مناقشة هذا الأمر مجددا). * مخاطر محدقة من جانبها، اعتبرت منظمة العفو الدولية أن التزام عدة دول أوروبية بتوفير الموارد والسفن والطائرات لعمليات البحث والإنقاذ في حوض البحر المتوسط هو موضع ترحيب على الورق، لكن الفشل في توسيع منطقة عمليات تريتون سيقوض هذه الوعود. وتقول مديرة مكتب منظمة العفو الدولية لدى المؤسسات الأوروبية إيفيرنا مكجوان إن عملية تريتون إذا لم يتم تغييرها فلن تكون الحل حتى وإن حصلت على الموارد المطلوبة، مشيرة إلى أن الاتفاق في القمة حول مجموعة من الحلول الحقيقية كان ممكنا، (لكن ذلك لم يتم). وتطالب مجموعة من الجمعيات الحقوقية والعاملة في مجال الهجرة باعتماد سياسة تقطع جذريا مع القوانين القمعية للمهاجرين وتكرس ضمان حقوقهم الإنسانية، ومنها تطبيق القوانين التي تنص على حرية المهاجرين لمغادرة أي بلد، بما في ذلك بلدهم. كما تطالب بضمان حريتهم في دخول أراضي دولة أخرى مع مضاعفة إمكانيات تسهيل الدخول القانوني للمهاجرين إلى أراضي أوروبا، وإغلاق المراكز التي تحجز المهاجرين وإيقاف عمليات الطرد القسري المخالفة للمعاهدات الدولية. ووصل أكثر من عشرين ألف مهاجر إلى إيطاليا منذ مطلع العام الجاري، وتتوقع روما استمرار وصول المهاجرين بأعداد قد تصل إلى خمسة آلاف لاجئ أسبوعيا حتى سبتمبر المقبل. وأعلن المفوض الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس أن أكثر من 1600 مهاجر غرقوا أو فقدوا في البحر المتوسط منذ مطلع العام أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا.