150 مريضا، هو عدد الجزائريين المصابين بقصور كلوي مزمن يتوفون سنويا في الجزائر بسبب تأخر عمليات نقل كلى سليمة إليهم، بإمكانها أن تمنح لهم أملا جديدا في الحياة، وتتيح لهم استئناف حياتهم من جديد بصورة طبيعية، 150 مريضا، انتظروا أشهرا وربما سنوات، وهم يحاولون جاهدين دفع كلاهم المريضة إلى التحمل أكثر قليلا لعل الغد يحمل إليهم نبأ حصولهم على متبرع بكلية تبعد عنهم شبح الموت، ولكن ذلك المتبرع تأخر أكثر مما يجب، فكانت النهاية المحتومة لهؤلاء. مرض القصور الكلوي المزمن في الجزائر إذن، أضحى واحدا من الأمراض الخطيرة التي تهدد حياة الجزائريين، خاصة بعد أن كشف المؤتمر ال18 لأمراض الكلى المنظم في العاصمة خلال اليومين الأخيرين عن أرقام مرعبة تخص هذا المرض المزمن، الذي أصاب شريحة واسعة من الجزائريين امتدت حتى إلى الأطفال، وقد كشف السيد طاهر ريان رئيس الجمعية الجزائرية لأمراض وزراعة الكلى، عن وجود نحو 3 ملايين جزائري مصابون بالقصور الكلوي دون أن يكونوا على علم بذلك، بالإضافة إلى نحو 13 ألف مريض منهم يتابعون عمليات تصفية الدم، فيما يتراوح عدد المرضى الذين يبلغون مرحلة القصور الكلوي المزمن ما بين 3500 و 4000 حالة جديدة سنويا. هذا إلى جانب تسجيل أكثر من 1200 طفل مصاب بقصور كلوي مزمن يخضع لعملية تصفية الدم حاليا، بينما ينتظر الكثيرون دورهم في ذلك. من جانب آخر أشار الدكتور ريان في تصريحه ل"أخبار اليوم" على هامش الملتقى الذي جرت أشغاله بفندق الاوراسي إلى أن هنالك نحو 6 آلاف مريض آخر على قائمة الانتظار ممن هم بحاجة إلى علمية زرع كلى، ويضيف الدكتور ريان في نفس السياق تقريبا إلى أن هنالك حوالي 700 مريض تم نقل كلى لهم منذ منتصف الثمانينيات، وتجري في الجزائر سنويا 100عملية زرع كلى في السنة، في حين أن العدد المفروض على الأقل هو 500 عملية في السنة وتبلغ نسبة النجاح في مثل هذه العمليات 90 بالمائة وهي النسبة التي تسجلها كل دول العالم. وبلغة الأرقام دائما فان هنالك أيضا 13500 مريض بالقصور الكلوي المزمن الذين يحتاجون إلى تصفية الدم يعالجون في 265 مركزا لتصفية الدم في الجزائر. ونفى رئيس الجمعية الجزائرية لأمراض وزراعة الكلى أن يكون لمشكل تأخر وقلة عمليات نقل الكلى للأشخاص الذين هم بحاجة إليها، علاقة بنقص الإمكانيات أو الاخصائيين في هذا المجال، معتبرا أن الأمر تنظيمي بالدرجة الأولى، بسب عدم وجود جهة تحرص على تنظيم عمليات التبرع وإحصاء المصابين ومن ثمة إجراء عمليات الزرع، خاصة فيما يتعلق بعمليات نقل الأعضاء من الأشخاص المتوفين دماغياً إلى المرضى، وهي عملية تنظيمية دقيقة، يضيف ذات المتحدث، تحتاج إلى وجود جهة مختصة في هذا الإطار، والتي من المنتظر أن يتم إنشاؤها مطلع السنة القادمة، وتتمثل في الوكالة الوطنية لزراعة الأعضاء، بالإضافة إلى مشروع آخر يتمثل في المعهد الوطني للكلى الذي سيتكفل بالمرضى ويشرف على علميات زرع الكلى ونقلها من الأشخاص الأحياء والمتوفين دماغياً لفائدة هؤلاء المرضى، بالإضافة إلى عمليات زرع أعضاء أخرى كالكبد والبنكرياس وغيرها. وفيما تبقى مشكلة غرس ثقافة التبرع بالأعضاء غائبة في الجزائر، خاصة بالنسبة للأشخاص المتوفين، يبقى الكثير من المرضى المحتاجين إلى علميات زرع ونقل أعضاء جديدة إليهم يعانون في صمت، وينتظرون متبرعين متطوعين، حتى تخرج عمليات التبرع عن النطاق العائلي، ويتمكن الكثيرون من الحصول على أعضاء سليمة تمكِّنهم من متابعة حياتهم، وهو ما يتطلب غرس ثقافة التبرع لدى الجزائريين، العملية التي من شأنها أن تعرف تطورا أفضل بإنشاء الوكالة الوطنية لزراعة الأعضاء، التي ستهتم بإعداد بطاقات للأشخاص الذين يرغبون في التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم، وقوائم بالأشخاص المحتاجين إلى عمليات زرع أعضاء جديدة، لاسيما وان الجزائر قد حقق خطوات كبيرة في هذا المجال – حسب الدكتور طاهر ريان- من خلال توفير المراكز والإمكانيات اللازمة في هذا الشأن، ما قلل كثيرا نسبة الوفيات بين من يعانون من أمراض القصور الكلوي حاليا، بسبب غياب مراكز تصفية الدم أو قلتها، بينما يبقى المشكل الأساسي متعلقا بتنظيم عمليات التبرع بالأعضاء. تجدر الإشارة إلى أن الملتقى الوطني 18 لطب الكلى قد عرف مشاركة عدد كبير من المختصين والباحثين من داخل وخارج الوطن، قدموا العديد من المحاضرات التي تعلقت في مجملها بطب الكلى وزرعها وكذا تصفية الدم.