محكمة البليدة تنطق بأحكامها في قضية الخليفة اليوم* * 71 متّهما يتقدّمهم (الخليفة) يعرفون مصيرهم اليوم* وصلت قضية إمبراطورية الخليفة إلى (ساعة الحسم) بغض النظر عن مدى انكشاف الحقيقة كاملة، حيث يُنتظر أن تنطق محكمة جنايات مجلس قضاء البليدة اليوم الثلاثاء بالأحكام في حقّ 71 متّهما متابعين في قضية الخليفة، على رأسهم المتّهم الرئيسي خليفة عبد المومن الذي اِلتمست النيابة العامّة في حقّه حكما بالسجن المؤبّد ومصادرة أملاكه. سيكون النطق بالأحكام في قضية الخليفة بعد الانتهاء من المداولات التي دخلت فيها المحكمة بتاريخ 14 جوان للإجابة على 14 ألف سؤال طرح طيلة 35 يوما من أطوار المحاكمة التي انطلقت في 4 ماي الفارط. وعرفت هذه القضية جلسات سماع شملت المتّهمين البالغ عددهم 71 متّهما بعد وفاة 5 ممّن قاموا بالطعن أمام المحكمة العليا في قرارات محاكمة سنة 2007، علما بأن من بين المتّهمين 21 محبوسا. واستمعت المحكمة أيضا إلى الشهود الذين يفوق عددهم 300 شاهد، إلى جانب الطرف المدني والضحايا. وكان حضور المتّهم عبد المومن خليفة المتابع بتهمة جناية تكوين جماعة أشرار، السرقة المقترنة بظروف التعدّد، النّصب والاحتيال، خيانة الأمانة وتزوير محرّرات مصرفية، بمثابة الجديد في القضية التي عادت من المحكمة العليا بعد الطعن في الأحكام الصادرة عن المحاكمة الأولى، والتي تعود إلى سنة 2007. وأنكر عبد المومن خليفة أمام رئيس المحكمة القاضي عنتر منوّر كلّ التهم الموجّهة إليه، نافيا مشاركته في تزوير عقدين خاصّين برهن فيلاّ في حيدرة ومحلّ في الشرافة للحصول على قرض بنكي لإنشاء بنكه الخاص كونهما لا يحملان ختمه ولا يحملان خصوصيات منزله العائلي ومحلّه، غير أنه اعترف بوقوع تجاوزات قانونية في بنك الخليفة بعد شهرين من تأسيسه سنة 1998، وأن المكلّفين بالجانب القانوني للبنك كانوا المعنيين بتلك التفاصيل وليس هو. وبرّر (الفتى الذهبي) سابقا والمهدّد بالمؤبّد حاليا بعض التهم المنسوبة إليه ب (حسن نيّته في خدمة الوطن)، قائلا إنه ترك شركات مجمّع الخليفة (ناجحة وغير مفلسة بتاتا) قبل مغادرته الجزائر سنة 2003 بما فيها بنك الخليفة، علما بأن العدالة أخطرت بهذه القضية بعد أن تمّ تسجيل ثغرة مالية بقيمة 2ر3 مليار دينار جزائري على مستوى الخزينة الرئيسية للبنك. واكتفى المتّهم في ردّه على سؤال للقاضي حول سبب مغادرته التراب الوطني في فيفري 2003 بانه أراد (تجنّب الفوضى والدماء)، مؤكّدا أنه لم يترك بنكه في حالة إفلاس. بالمقابل، تراجع الكثير من المتّهمين خلال المحاكمة عن أقوالهم السابقة أمام قاضي التحقيق، والتي كانت موجّهة ضد المتهم الرئيسي، على غرار قيامه بإصدار أوامر شفوية تمكّن عددا من الأشخاص المقرّبين إليه من سحب مبالغ مالية من الخزينة الرئيسية دون أيّ صكوك بنكية ودون تسجيل تلك المبالغ في عمليات المحاسبة وعن طريق قصاصات ورقية تحمل إمضائه وختمه. وشملت تصريحات غالبية الشهود المتابعين سابقا في القضية، والذين أدّوا العقوبات التي أدينوا بها خلال محاكمة 2007 تراجعا أيضا عن حقائق أكّدوها حول شخص عبد المومن خليفة في وقت سابق، ما عدا المدير السابق للخزينة الرئيسية آكلي يوسف الذي أكّد أن هذا الأخير هو من كان وراء الثغرة المالية المقدّرة ب 3.2 مليار دج التي تضمّنتها 11 إشعارا كتابيا عالقا بين الوكالات. وكشف عدد من مدراء المؤسسات العمومية بصفتهم شهودا في هذه القضية عن تعرّضهم لضغوط من قِبل الجهات الوصية التابعين لها أجبرتهم على إيداع أموال المؤسسات التي كانوا يشرفون عليها في مختلف فروع بنك الخليفة. وكشفت شهادة مدير المنازعات بمفتشية الضرائب بالشرافة بصفته شاهدا في القضية أيضا أن قيمة المستحقّات الضريبية المفروضة على بنك الخليفة منذ إنشائه سنة 1998 إلى غاية 2003 (فاقت 3 ملايير دج لم يتمّ تسديدها بعد). وقرأ رئيس الجلسة القاضي عنتر منوّر محاضر التحقيق فيما يخص بعض الشهود الذين كانوا في مناصب مسؤولية أثناء وقائع قضية الحال، منهم وزير المالية السابق مراد مدلسي، وزير السكن والعمران عبد المجيد تبّون ووزير المالية آنذاك محمد ترباش، وكذا المدير العام السابق للخزينة العمومية بوزارة المالية كريم جودي وعبد المجيد سيدي السعيد الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة الصندوق وقت الوقائع، إضافة إلى رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة. واستمعت المحكمة أيضا إلى شهادات مسؤولين حاليين وسابقين لعدد من النوادي الرياضية فيما يتعلّق بتمويل الفِرق والنوادي الرياضية من طرف مجمّع الخليفة ما بين سنوات 2001 إلى 2003 مقابل قيام هذه النوادي بحملات الترويج والإشهار لمجمّعه.
هكذا نجت الجزائر من كارثة أكبر اِستمعت المحكمة أيضا إلى الأطراف المدنية ممثّلين في منصف بادسي، المصفيّ القضائي لبنك الخليفة، والذي قال إنه حاول فور تولّيه مهامه في شهر ماي 2003 (تقليص حجم الخسائر التي نجمت عن انهيار بنك الخليفة)، مشيرا إلى أنه كان بالإمكان أن تسجّل كارثة وطنية لو أن مجمّع سوناطراك قام بإيداع 400 مليار دينار من أمواله في بنك الخليفة. من جهته، أكّد محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي أن بنك الخليفة كان قد بلغ سنة 2003 مرحلة العجز عن الدفع، ممّا تطلب اتّخاذ قرار سحب الاعتماد منه في نفس السنة قبل تصفيته لاحقا. وقدّم السيّد لكصاسي المنحى التنازلي لإيداعات بنك الخليفة لدى بنك الجزائر، والتي مرّت من 9ر18 مليار دينار نهاية فيفري 2003 إلى 3ر5 مليار دينار في مارس، ثمّ 500 مليون دينار بين شهري أفريل وماي من نفس السنة. بدوره، أشار المدير العام للمفتشية العامّة لبنك الجزائر محمد خموج وأعضاء من اللّجنة المصرفية لبنك الجزائر إلى أنه تمّ تبليغ النائب العام لمجلس قضاء البليدة في سنة 2004 حول المخالفات المرتكبة في بنك الخليفة لاتّخاذ الإجراءات القانونية المناسبة. وأكّد نائب محافظ بنك الجزائرعلي تواتي أن عبد المومن خليفة (لم يكن يملك المؤهّلات لتسيير بنك)، أمّا المتصرّف الإداري محمد جلاّب فأكّد أن القروض غير المصرّح بها (هي السبب الرئيسي لانعدام التوازن المالي لبنك الخليفة الذي لم يكن يتوفّر على لجنة خاصّة لدراسة طلبات القروض التي كانت تمنح للزبائن دون أيّ ملفات)، مبيّنا أنه لدى استلامه مهامه لم يكن البنك قد وصل إلى مرحلة عدم القدرة على الدفع للزبائن إلاّ أن ذلك كان وشيكا.
(الخليفة) مهدّد بالمؤبّد كان النائب العام لذات المحكمة زرف الراس محمد اِلتمس في جلسة يوم 7 جوان عقوبة السجن المؤبّد للمتّهم عبد المومن خليفة مع مصادرة جميع أملاكه، فيما اِلتمس عقوبات تترواح بين 20 سنة سجنا إلى 18 شهرا حبسا في حقّ باقي المتّهمين. وبعد اِلتماس الأحكام من طرف النيابة العامّة فتحت المحكمة المجال لمرافعات الدفاع التي تركّزت خلال أكثر من أسبوع على عدم وجود سند قانوني للتهم الموجّهة إلى موكّليهم، ما يجعلهم يطالبون بإيفاد موكّليهم بحكم البراءة. وفي كلمتهم الأخيرة طلب المتّهمون من هئية المحكمة إيفادهم بالبراءة، واعتبر المتّهم عبد المومن خليفة أن ما قيل في حقّه طيلة (أيّام المحاكمة كتشبيهه بصاحب مشروع الوعد الصادق من طرف النيابة العامّة مجرّد كلام)، فيما طالب مزيان إيغيل، مستشار رياضي بمجمّع الخليفة)، ب (ردّ الاعتبار لشخصه إلى جانب حكم البراءة).