اللقاء الجهوي الاول للصحفيين والاعلاميين الجزائريين بوهران: توصيات لدعم مهنة الصحافة والارتقاء بها    السيد عطاف يتحادث مع نظيره المصري    طاقة ومناجم: عرقاب يستقبل وزير الإسكان و الاراضي لجمهورية موريشيوس    اجتماع تقييمي لنشاطات هيئة الوقاية من الأخطار المهنية في مجال البناء والأشغال العمومية    إطلاق المنصة الرقمية الجديدة الخاصة بتمويل مشاريع الجمعيات الشبانية لسنة 2025    زيت زيتون ولاية ميلة يظفر بميدالية ذهبية وأخرى فضية في مسابقة دولية بتونس    الاتحاد العربي لكرة السلة: انتخاب الجزائري مهدي اوصيف عضوا في المجلس و إسماعيل القرقاوي رئيسا لعهدة رابعة    حج 2025: اجتماع اللجنة الدائمة المشتركة متعددة القطاعات    مشروع قانون الأوقاف: النواب يثمنون المشروع ويدعون لتسريع تطبيق مضامينه    طيران الطاسيلي تنال للمرة الثامنة شهادة "إيوزا" الدولية الخاصة بالسلامة التشغيلية    سعداوي يؤكد التزام الوزارة بدعم ومرافقة المشاريع والأفكار المبتكرة للتلاميذ    وقفة احتجاجية الأربعاء المقبل أمام البرلمان الأوروبي للمطالبة بإطلاق سراح الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51065 شهيدا و116505 مصابا    استثمار اجتماعي: سوناطراك توقع عدة اتفاقيات تمويل ورعاية    وهران : الطبعة الأولى للمهرجان الوطني "ربيع وهران" من 1 الى 3 مايو المقبل    اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وجهاً لوجه    توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني    وزارة التربية تلتقي ممثّلي نقابات موظفي القطاع    تحقيق الأمن السيبراني أولوية جزائرية    والي العاصمة يستعجل معالجة النقاط السوداء    منارات علمية في وجه الاستعمار الغاشم    معارك التغيير الحضاري الإيجابي في تواصل    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    مزيان يُشرف على تكريم صحفيين    اجتماع بين زيتوني ورزيق    سوناطراك توقّع مذكرتين بهيوستن    مؤامرة.. وقضية مُفبركة    تراث الجزائر.. من منظور بلجيكي    نرغب في تعزيز الشراكة مع الجزائر    بن سبعيني يمنح برشلونة رقما استثنائيا    في اختتام الطبعة ال1 لأيام "سيرتا للفيلم القصير    الجزائر قامت ب "خطوات معتبرة" في مجال مكافحة الجرائم المالية    الوزير الأول, السيد نذير العرباوي, ترأس, اجتماعا للحكومة    إحباط محاولات إدخال قنطارين و32 كلغ من الكيف المغربي    فرنسا تعيش في دوامة ولم تجد اتجاهها السليم    التكنولوجيات الرقمية في خدمة التنمية والشّمول المالي    "صنع في الجزائر" دعامة لترقية الصادرات خارج المحروقات    اجتماعات تنسيقية لمتابعة المشاريع التنموية    الرياضة الجوارية من اهتمامات السلطات العليا في البلاد    آيت نوري ضمن تشكيلة الأسبوع للدوريات الخمسة الكبرى    السوداني محمود إسماعيل لإدارة مباراة شباب قسنطينة ونهضة بركان    عين تموشنت تختار ممثليها في برلمان الطفل    الطبخ الجزائري يأسر عشاق التذوّق    استبدال 7 كلم من قنوات الغاز بعدة أحياء    بومرداس تعيد الاعتبار لمرافقها الثقافية    مشكلات في الواقع الراهن للنظرية بعد الكولونيالية    أيام من حياة المناضل موريس أودان    نافذة ثقافية جديدة للإبداع    صناعة صيدلانية : قويدري يتباحث مع السفير الكوبي حول فرص تعزيز التعاون الثنائي    بلمهدي يبرز دور الفتوى    سانحة للوقوف عند ما حققته الجزائر من إنجازات بالعلم والعمل    حجز الرحلات يسير بصفة منظمة ومضبوطة    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    20 رحلة من مطار "بن بلة" نحو البقاع المقدسة    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة القيّم الأسباب وسبيل النجاة
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 07 - 2015


بقلم: الشيخ علي عية **
حرب تستهدف أخلاق الجزائريين
إن الشعب الجزائري اليوم كسائر شعوب الأمة العربية والإسلامية أصيب في قيمه وأخلاقه وأن تعجب فعجب أن الحقبة الاستعمارية الفرنسية فشلت في ضربنا في قيمنا وأخلاقنا وتنصيرنا ولغتنا وديننا وعقيدتنا ولم ولن تستطع تحقيق ذلك لأمر بسيط وهو أننا راسخون بأصالتنا وقيمنا وديننا وتعلقنا بالوطن وبوحدتنا ومقتفون لمسيرة آبائنا وأجدادنا وبصهر علمائنا في دور العبادة والكتاتيب القرآنية فكانت البيئة التي نعيش فيها في عهد الاستعمار محصنة
ولكن أعداءنا اليوم استهدفونا في قيمنا ومثلنا وعملوا على إفساد أخلاقنا وعقيدتنا وديننا ولغتنا وللأسف نحن اليوم في خطر عظيم أخطر من أي زمان أو حقبة مضت لأن أعداءنا متربصون بنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي الممنوحة والمتاحة ويحاولون دوما استهدافنا في كل مجالات الحياة لغة ودينا وثقافة وقيما ومثلا وأخلاقا وعقيدة واقتصادا وسياحة وسياسة ووطنا وتعليما الذي أصبح اليوم متدهورا أخلاقيا وكلنا نلاحظ سوء المعاملات والجفاء بين الطلبة والمعلمين وقلة الاحترام المتبادل بينهم وهذا في جميع الأطوار حتى ذهبت هيبة المعلم لدى طلابه فالطالب يدخل الفصل بلا استئذان ويتكلم في أثناء الدرس ويشاغب ويرفع صوته على المعلم بل وصل الأمر إلى منازعته وربما التعدي عليه وينظر الطالب إلى أستاذه ومعلمه نظرة المغشي عليه من الموت ونظرة استهزاء وترقب أخطائه ونشر عيوبه ولا يكن له أي احترام وتقدير لا في خارج المدرسة ولا في داخلها بل يساهم في قلة احترامه هذا قطرة من فيض مما تعانيه مؤسساتنا التربوية حيث انحطت وتدهورت وساءت الأخلاق إلى درجة لا تطاق وهذا ناتج على سوء الأخلاق في البيت والأسرة والعلاقة الزوجية لأن أسرنا استهدفت أخلاقيا
وانتشرت فيها عادات سيئة وسلوكيات خاطئة بين الأب والأم كأن يكون واحدا منهما بذيء اللسان سفيها جاحدا للعشرة مفسدا للمال ومذيعا وكاشفا للسر ولا يحفظ الود هذه المعاملات اللاأخلاقية ضاعت فضاعت فلذات أكبادنا وتلاشى الاحترام بينهم وتهدم عش الزوجية واستفحل الطلاق ولا يقام للأسرة وزنا ولم تدم الزوجية بسبب تدهور الأخلاق وكثيرا ما نجد أن الزوجة استهدفت حين قلدت الغرب فأهملت هيبتها ولباسها لزوجها ولكن إذا خرجت تزينت واعتنت بمظهرها وإذا دخلت إلى بيتها استكبرت وسلطت لسانها على زوجها وبهذه المعاملات انتشر الطلاق
فأبناؤنا اليوم لم يعودوا يحترمون الوالدين ولا يقدرونهم وكثيرا ما يعصون أوامرهم ويعقونهم والابن عند ما يشعر ويرى بأن والديه بحاجة إليه يتخلى عنهما ولا يقضي حاجتهما والكثير من الأولاد يتنصلون من المسؤولية ولا يهمهم إلا اللهو وقضاء شهواتهم وملبس حسن وسيارة وكماليات والله المستعان وكذلك كثير من الفتيات هداهن الله لا يشاركن أمهاتهن في أعمال المنزل وتثاقلن في برهنّ ويقضين الساعات الطويلة أمام التلفاز ومشاهدة المسلسلات المدبلجة
صور مؤسفة
وانظر إلى أخلاقنا ومعاملاتنا في المناسبات الاجتماعية أولادنا لم يتربوا على تقدير واحترام الكبار في الولائم حيث يجلسون في مقدمة المجلس ويزاحمون كبار العلماء ويتحدثون في كل موضوع ولو كان لا يناسبهم ويضحكون أمامهم ويقاطعونهم في الحديث وغيره شتان بين جيل الأمس وجيل اليوم. إن كثيرا من الأبناء لا يحسن استقبال الضيوف وإدارة الحوار معهم والسؤال عن أحوالهم وخدمتهم: ومما يلاحظ أيضا أن كثيرا من الشباب والفتيات لا يحسن آداب الصحبة ولا يحترم حقوق الصداقة ومن السلوكيات السيئة المنتشرة بين الأصدقاء اليوم أن يكون الصاحب ذا وجهين يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه ومن الملاحظات البارزة سوء خلق بعض العاملين فبعضهم يحمل الحقد على زميله لموقف شخصي تافه وينصب له العداوة بل ربما يحسده إذا رآه نجح في مشواره وإذا نظرت إلى أسواقنا اليوم تجد: بعض التجار فتراه يكذب في وصف سلعته ويروجها بالأيمان الكاذبة ويغش المشتري ويسوم ويبيع على أخيه التاجر حسدا منه ولا يلتزم بشروط البيع من الضمان وغيره ويغلب عليه الجشع والطمع والبخل في تعامله ولذا كثر الغش في زماننا وقلت الأمانة وفقدت المروءة وتأمل في شوارعنا إلى هذه السلوكيات المنافية للشرع والأدب من تحرش بالنساء ومعاكستهن والخروج بزي الفساق من كشف للعورة وإطالة الشعر كالنساء والتشبه بالكفار.
وإذا تكلمت عن الجرائم الأخلاقية في الأسواق والمطاعم وفي الأزقة وفي الساحات والمقاهي لا يكفينا الساعات الطوال من السب والشتم والكلام البذيء الساقط ومضايقة الشباب للأسر والجلوس بقربها والنظر إليها ومن ذلك التقاط صور الغير بلا إذنهم ومن أخلاق السفهاء إزعاج السائحين برفع الصوت والموسيقى ومن قلة الحياء رقص الشباب وقيامهم بحركات ساقطة منحطة في الأماكن العامة وفي شوارعنا ومن قلة الأدب قضاء الحاجة في المنتزهات والحدائق والطرق واستخدام الهواتف في معاكسة البنات وإيذاء البيوت العفيفة واستخدام الإنترنت في إشاعة الخلاعة والإباحية إلى غير ذلك وهلم جرا
الأزمة الأخلاقية لماذا؟
وها هي الأسباب التي أدت إلى الأزمة الأخلاقية
أولا: ضعف التدين في المسلمين
ثانيا: الفهم الخاطئ لشريعة الإسلامية وأحكامها
ثالثا: طغيان المادة وحب المال حبا جما
رابعا: تخلي الأسرة عن واجباتها ومسؤولياتها وتقاليدها وأعرافها المطابقة للإسلام وقلة التربية الخلقية في مناهج التعليم على كافة المستويات
خامسا: عدم وجود الرادع للمحافظة على المبادئ والقيم الأخلاقية العامة
سادسا: عدم تشديد معاقبة مرتكبي الجرائم الأخلاقية.
سابعا: فقدان القدوة الصالحة الذي يجب الاقتفاء بها
ثامنا: عدم مراقبة ما يبث عبر الصحون المقعرة الهوائية والأنترانت والفيس بوك وكل وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك تخلي المسجد عن دوره ورسالته لأنه هو الوسيلة لتكوين المجتمع والذي هو بالغ التأثير على الفرد والأمة والمجتمع فبتخليه فسد المجتمع وساءت أخلاقه وانتشر الكذب ومخالفة العهود والمواثيق والخيانة والظلم والغش فأدى هذا إلى اختلال موازين الحياة والأمن والاستقرار وضاعت الحقوق ووقع تفكك أسري رهيب وهذا ما نبه إليه صلى الله عليه وسلم في قوله: سيأتي على الناس سنوات خداعة يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة قيل: ومن الرويبضة يا رسول الله؟! قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة رواه أحمد والمتبصر في أحوال الأمة الإسلامية المحمدية يلاحظ ضعفا شديدا رهيبا في أخلاقها وظهور وانتشار الأزمة الأخلاقية في جميع الميادين
فيجب علينا اليوم مكافحة الأخلاق السيئة ووقاية أبنائنا وتحصينهم من كل شيء يؤدي بهم إلى سوء الأخلاق وأنجع طريقا وأفضله الرجوع إلى ديننا الحنيف واتباع خير البشر محمد -صلى الله عليه وسلم النبي المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه وشهد الله له بذلك في قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُق عَظِيم ) لأن الرجوع إلى الأخلاق الحسنة هي أعظم وأعلى درجة تعتز بها البشرية وتتميز بها عن غيرها ولهذا يجب علينا أن نبذل جهودنا وكل ما نملك لنرد أمتنا إلى أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الذي شهدت له البشرية جمعاء القريب والبعيد والعدو والصديق على أخلاقه صلى الله عليه وسلم وانظروا إلى معاملته حتى مع الكفار فيدخلون في دين الله أفواجا بسبب أخلاقه صلى الله عليه وسلم مثل معاملته مع ثمامة بن أثال سيد بني حنيفة الذي اعترف بفضل النبي -صلى الله عليه وسلم- وشهد له بحسن خلقه حتى أسلم وكان قبل ذلك مشركاً محارباً ثم أعلن له إعجابه بشخصه وبدينه حين قال: (يا محمد وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ إِلَيَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِين أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَد أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلاَدِ إِلَيَّ
إنهم يُفسدون أخلاقنا
نعم الأخلاق تعكس ثقافة الأمم وحضاراتها لأن بانتشار الأخلاق الطيبة الحسنة ينتشر الصدق وتصان الأمانة ويسود العدل والأمن بين الناس وتحفظ الحقوق وتتقوى أواصر الأخوة والمحبة بين الناس وتقل الرذيلة وتزداد الفضيلة وتقوى شوكة المسلمين والإسلام وتتقارب القلوب وينتشر السلام والأخوة ويقضى على القطيعة كما بين صلى الله عليه وسلم في قوله لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِم أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَث يَلْتَقِيَانِ: فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ ما أحوجنا اليوم إلى حسن الخلق والمعاملة والتبسم في وجه أخيك والعفة والنزاهة في الأقوال والأفعال والبعد عن الفحشاء والبذيء والشتم والخصام وسعة الحلم والصبر على ما يناله من أذى امتثالا لأمر الله تعالى ورجاء لثوابه قال تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
وقال سبحانه وتعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما كما قال تعالى: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْر و رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا وعَنْ أَبِي ذَر ّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ:: اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُق حَسَن وإن الناظر إلى السُّنة ليجدها كثيرًا ما تحث على ما يقرب القلوب ويحسن الأخلاق بين المسلمين فالنبي -صلى الله عليه وسلم- هو القائل تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ َ صَدَقَةٌ وحثت السُّنة على إفشاء السلام والمصافحة: مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا وحثت السنة على العطاء وتبادل المعروف بين المسلمين: كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ وَمَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ)
فيجب التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حسن الخلق ويجب على لإنسان أن يعود نفسه على الخلق الحسن حتى يكون ذا خلق حسن فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لأنَاس مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ: مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْر فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (خَدَمْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي: أُف ّ وَلاَ: لِمَ صَنَعْتَ؟ وَلاَ: أَلَّا صَنَعْتَ وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك قَالَ: (كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ) فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً حَتَّى (نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ البُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ) ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ (فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاء فالإنسان لا يقاس بطوله وعرضه أو لونه وجماله أو فقره وغناه وإنما بأخلاقه وأعماله المعبرة عن هذه الأخلاق يقول تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
قال أحد العلماء: أدرك أعداء المسلمين الحقائق عن مكارم الأخلاق فعملوا على إفساد أخلاق المسلمين بكلِّ ما أوتوا من مكر ودهاء وبكلِّ ما أوتوا من وسائل مادية وشياطين إغواء ليبعثروا قواهم المتماسكة بالأخلاق الإسلامية العظيمة وليفتتوا وحدتهم التي كانت مثل الجبل الراسخ الصلب قوة ومثل الجنة وارفة الظلال متدلية الثمار خيرا خضرة وبهاء وثمرًا وماء
سبيل النجاة
إن أعداء المسلمين قد عرفوا أن الأخلاق الإسلامية في أفراد المسلمين تمثل مصادر القوة فجندوا لغزوها للقضاء عليها بجيوش الفساد والفتنة ولقد كان غزوهم للأخلاق الإسلامية من عدة جبهات: لقد عرفوا أن النبع الأساسي الذي يزود الإنسان المسلم بالأخلاق الإسلامية العظيمة إنما هو الإيمان بالله واليوم الآخر فصمموا على أن يكسروا مجاري هذا النبع العظيم ويسدوا عيونه ويقطعوا شرايينه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق فالله الله في الرجوع إلى الله والرسول الكريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما جاء به فثمة النجاة مما نحن فيه

* إمام أستاذ رئيسي بالمسجد الكبير وشيخ الزاوية العلمية لتحفيظ القرآن والذكر وعضو المجلس العلمي وأمين مجلس اقرأ بورقلة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.