استعبدتهم أفكار الجاهلية الأولى آباء يرفضون إنجاب الإناث ويهددون زوجاتهم بالطلاق تعتبر نعمة الذرية هبة من عند الله فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا إلا أن هناك بعض الناس من حرموا من هذه النعمة ولم يتمكنوا من الإنجاب لحكمة لا يعلمها إلا الله ولكن ومن جهة أخرى هناك بعض الناس من أكرمهم ربهم وأنعم عليهم بالذرية إلا أنهم ينقمون على ما أعطاهم الله فهم يفضلون أن تنجب نساؤهم الذكور على البنات وقد وصل الأمر ببعض الأزواج إلى تطليق نسائهم بسبب إنجابهن بنات. رغم التطور الحضاري والثقافي الذي وصل إليه المجتمع الجزائري إلا أنه وللأسف هناك بعض العقليات السائدة في المجتمع والتي قد أكل عليها الدهر وشرب ومازالت قائمة في زماننا هذا مع أنها تنافي تعاليم الشريعة الإسلامية فما زال العديد من الآباء يعارضون فكرة أن تنجب لهم زوجاتهم الإناث مع العلم أنه وحسبما أثبتته الأبحاث جنس المولود يكون في نطفة الأب إلا أن هذه الحقيقة العلمية لا يقر بها الكثيرون للأسف ويجعلون المرأة هي المسؤولة عن جنس الطفل والويل لها إن أنجبت الإناث مع أن الكثير من أئمة المساجد والجمعيات الفاعلة في المجتمع المدني نادوا إلى ضرورة تغيير هذا التفكير إلا أنه مازال قائما ليومنا هذا. زوجها يريد ذكرا بأي ثمن من بين الأمهات التي وضعت في موقف صعب السيدة (موني) صاحبة 39 عاما متزوجة منذ 14 سنة من زوج كان زميل لها في العمل تعرفا على بعضهما وقررا الزواج في بداية خلفتهما رزقهما الله بفتاة ففرحا بها كثيرا لأنها البكر وبعد سنتين أنجبت السيدة(موني) فتاة ثانية فقبلها الزوج ولكن كان منزعجا نوعا ما لتنجب له الفتاة الثالثة بعد ثلاث سنوات من إنجاب الأولى وهنا ثار غضبا عليها ولم يرض بفكرة أنه أنجب فتاة ثالثة وهو الأمر الذي جعله يغضب على زوجته حتى أنه لم يرض أن يذهب لرؤيتها في العيادة وبقي غاضبا لثلاثة أيام حتى تدخل والده وقام بتعقيله وأقنعه أن الله عزَوجل يهب لمن يشاء إناثا ومن يشاء ذكورا ويجعل من يشاء عقيما ورويدا رويدا قبل الرجل بما وهبه الله في خلفته إلا أنه اشترط على زوجته أن تنجب له الصبي حتى يحمل اسمه بعد أن يموت لذلك فإن السيدة (موني) حامل الآن وهي في شهرها الثالث إلا أنها خائفة من أن تنجب فتاة رابعة لأنها تعلم أنها لو أنجبتها سيحل الخراب في بيتها لا محالة.
حماها يريد ذكرا يحمل اسم العائلة ومن بين النساء اللائي عانين الأمرين السيدة (سلوى) التي تبلغ من العمر 35 سنة هذه الأخيرة تزوجت منذ عشر سنوات بإبن الجيران بعدما أحبا بعضهما منذ صغر سنهما عندما كانا يلعبان معا بعد سنة من زواجهما رزقا ببنت وسمياها شيراز كانت مدللة العائلة لأنها هي الحفيدة الأولى عند جديها بعدها بسنتين أنجبت السيدة(سلوى الفتاة الثانية وهنا لم يتقبل الجد الفتاة وقد حزن كثيرا مع أن ابنه أي والد البنت لم يغضب وقبل بما رزقه الله لكن الجد بقي يفكر دوما في من يحمل اسم العائلة مستقبلا فطلب من ابنه أن يطلب من زوجته أن تنجب له طفلا ثالثا وهو فعلا ما كان إلا أن مشيئة الله تعالى أرادت أن تنجب الكنة بنتا ثالثة وهو الأمر الذي أدخل الجد في هيستيريا ولم يرض أبدا بمشيئة الله فأحدث ضجة في البيت وطلب من ابنه أن يتزوج زوجة ثانية على أن يتكفل هو بكامل المصاريف وذلك حتى تنجب لهم صبيا يحمل اسم العائلة لكن الولد رفض الخضوع لرغبة أبيه لأنه كان مؤمنا بالقضاء والقدر وكان على يقين أنه لله في خلقه شؤون ولكن رفض الابن لطلب أبيه جعله يغضب منه كثيرا وأمره أن يأخذ زوجته وبناته ويغادر منزل العائلة إلا أن أمه تدخلت في آخر لحظة واشترطت على زوجها أن يترك ابنه وزوجته في حالهما وإلا فإنها هي من تغادر البيت ليخضع الجد في نهاية المطاف للأمر الواقع وقبل بما رزق الله ابنه من ذرية.
والدها يرفضها حتى وهي كبيرة ومن بين النساء اللائي ما زلنا يعانين إلى يومنا هذا من فكرة تفضيل الذكور على الإناث السيدة (سميرة)رغم أنها كبيرة في السن إلا أن والدها ما زال إلى يومنا هذا لا يحبها هي وأختها روت لنا معاناتها مع أبيها فقالت (كانت علاقة والدي بوالدتي علاقة تشوبها الكثير من الخلافات خاصة وأنها لم تحمل إلا بعد إحدى عشر سنة من الزواج فتلقت شتّى أنواع الإهانات منه ومن أهله لكنها صمدت ورزقت بعد صبرها الطويل بخمسة أولاد وكان والدي يحب الذكور أكثر من حبه للإناث كغيره من الجزائريين طبعا فكان عندما تضع أمي مولودا ذكرا يهم بشراء الحلويات واللحوم والهدايا ويقيم الحفلات أما إذا رزق ببنت فإنه لا يتوانى عن ضربها وتهديدها بالطلاق وحرمانها حتى من الحليب الذي تعطينا إياه وهكذا تعودنا على هذه الحياة وأصبحت أنا وأختي كالخادمات لا نأكل إلا بعد أن ينهي إخوتي أكلهم ولا نلبس إلا من عند بنات الجيران لأنه لا يعيلنا واليوم أنا أستاذة بالثانوية لكن الوضع لم يتغير بل تأزم أكثر إذ أنني أضطر لتقديم راتبي الشهري لوالدي حتى لا يتحول البيت إلى فضاء للصراخ والعويل ولا أضرب ولا أنال منه إلا مبلغا زهيدا جدا أما إخوتي الذكور فلهم كل الحق في الاحتفاظ برواتبهم الشهرية وحجة أبي في ذلك مشاريعهم المستقبلية وتكوين أسرة وإنجاب أطفال. وإذا رفضنا الوضع تحولت حياتنا إلى جحيم لا يطاق وإلى مشاكل لا تنتهي أما إذا رضينا فسنتحول إلى مجرد آلة لجلب المال.