بقلم: خيري منصور* هناك مَقولة تنسب إلى المفكر الفرنسي التوسير قد نكون نحن العرب الآن أحوج إليها من أي شعب آخر هي ما يسميه الأسئلة الخاطئة والتي سوف تبقى تتكرر بلا إجابات لأنها تحتاج إلى إعادة صياغة. ومنها بل في مقدمتها لماذا وصلنا إلى هذا الحال ؟ أو لماذا استبدلنا التكامل الذي نمتلك مقوماته بالتآكل ؟ والخطأ المتكرر في صياغة مثل هذه الأسئلة هو أننا ننسب إلى أنفسنا ما توصلنا إليه والحقيقة أننا منذ زمن ليس بالقصير نتفرج على الآخرين وهم يصنعون لنا مصائرنا وكأن قدرنا دائما أن نستعين بزيد ضد عمرو وبالروم ضد الفرس والعكس صحيح أيضا. والأصح أن نتساءل ما الذي صنعه العالم بنا وليس الذي صنعناه بأنفسنا ؟ فنحن في حروب عدة هزمنا بالنيابة وانتصرنا أيضا بالنيابة وكنا كالزوج الذي هو آخر من يعلم حتى ونحن نخضع لأشد الاختبارات عسرا في التاريخ. أن ثنائيات من طراز الغساسنة والمناذرة وقيس ويمن وأوس وخزرج وأخيرا سايكس بيكو تتكرر في تاريخنا غبر تجليات قد تبدو مختلفة من حيث الشكل أو السطح لكنها واحدة من حيث المحتوى والجوهر! وما يحدث الآن في عالمنا العربي طبعة جديدة ومنقحة من تلك الثنائيات لكنها تحمل أسماء مُضللة فاللغة الآن تستخدم لسوء التفاهم وليس العكس لهذا علينا أن نصدق أيضا أن مصطلح السيادة الوطنية ما يزال يعني الدلالات التي كان يعنيها قبل الحادي عشر من سبتمبر 2001 لأن من نعوا التاريخ وطالبوا بدفنه كي لا يتعفن أرادوا الاعلان عن انتهاء صلاحية التاريخ الكلاسيكي كما نعرفه وكل ما حدث منذ خمسة عشر عاما على الأقل هو من اختراع ما يسمى ما بعد الحداثة فالحروب الاستباقية تنتمي إلى هذه الفلسفة والعولمة باعتبارها قناعا للأمركة هي أيضا من اختراع دهاقنة هذه الحقبة. إن الكثير من الأسئلة التي نتداولها على مدار الساعة سواء في حواراتنا اليومية أو عبر الفضائيات تحتاج إلى إعادة صياغة لأنه ليس من المعقول أن نجيب من يسألنا كم من الوقت استغرق الأرنب في افتراس الأسد أو كم بيضة يضع الديك في الأسبوع أو كم تطرح شجرة الصبير من التفاح في العام.