خطوات عديدة اتخذها إقليم كتالونيا في طريق انفصاله عن إسبانيا لكن حتى اليوم لم يتحقق الانفصال الفعلى رغم أن دعاة الاستقلال جددوا نشاطهم بخطوة جديدة في طريق تحقيق هدفهم بعدما انتخب برلمان كتالونيا الأحد الانفصالي (كارليس بوتشدمون) رئيسًا للإقليم ليكون مُكلفًا بتحقيق حلم انفصال المقاطعة عن الدولة ويبدأ بتنظيم خطوات الانفصال الفعلي عن إسبانيا في 2017 على أبعد تقدير. عقب إعلان النتيجة دعا (كارلس بوتشدمون) إلى بدء إجراءات الانفصال عن إسبانيا فقال في كلمة له أمام برلمان كتالونيا: (نحتاج إلى بدء العملية لإقامة دولة مستقلة في كتالونيا حتى تكون قرارات برلمانها سيادية). الخطوة الكتالونية أثارت غضب وقلق رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي الذي قال إنه لن يتسامح مع أي عمل يهدد وحدة البلاد مضيفا أن الحكومة لن تسمح بأي عمل يفترض أن يمس بوحدة إسبانيا وسيادتها. انتخاب بوتشدمون يأتي لتفادي دعوات أطلقها مؤيدو الانفصال لإجراء انتخابات جديدة كان من الممكن أن تفقدهم الأغلبية التي حصلوا عليها في الانتخابات البرلمانية 27 سبتمبر الماضي والتي فازوا فيها ب72 مقعدا من أصل 135 في البرلمان الإقليمي ما دفع رئيس كتالونيا (آرتور ماس) إلى الامتثال لضغوط منتقديه وتراجع عن الترشح ليترك المنصب إلى (بوتشدمون) وهو من الحزب ذاته (سي يو بي) الأمر الذي انتفت معه الحاجة إلى انتخابات جديدة. الانفصال.. مغامرة محفوفة بالمخاطر استقلال كتالونيا عن الدولة الإسبانية سيجعل الأخيرة تخسر حوالي 33 ألف كيلومتر مربع من إجمالي مساحة أراضيها أي ما يعادل 8 بالمائة من المساحة الكلية لإسبانيا (الإقليم) الذي يتخذ خطوات متسارعة لإعلان الانفصال رسميًا كما أن عدد سكان كتالونيا يبلغ 7 5 مليون نسمة يمثلون 14 بالمائة من إجمالي سكان البلاد ومن المؤكد أنهم سيخرجون من حسابات الدولة الإسبانية في حالة الانفصال ليكونوا قوة جديدة في إقليمهم الساعي إلى النهوض. من الناحية الاقتصادية فإن استقلال إقليم كتالونيا عن الدولة الإسبانية يعني حرمان الأخيرة من 20 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لإسبانيا التي تعد الاقتصاد الرابع في منطقة اليورو فيبلغ إجمالي الناتج القومي لإقليم كتالونيا 210 مليون يورو ما يجعل حصة كل مواطن كتالوني حوالي 27 ألف يورو سنويًا ويعنى أن إسبانيا ستخسر حوالي 20 بالمائة من إجمالي ناتجها القومي كما سيحرمها الانفصال من مصدر حيوي للضرائب فكتالونيا تعد المقر الرئيسي للعديد من المجموعات والشركات العملاقة والمعاهد الكبيرة. إسبانيا ستخسر أيضًا حوالي 26 بالمائة من صادراتها التي كان يتم تصنيعها في إقليم كتالونيا خاصة أن الإقليم ينتج 45 بالمائة من إجمالي المواد التكنولوجية المصدرة مثل السيارات والأجهزة الإلكترونية ناهيك عن أن إقليم كتالونيا يتحكم في حوالي 70 بالمائة من حركة النقل والمواصلات الخاصة بالتجارة الخارجية لإسبانيا ما يعني أن انفصال الإقليم سيرفع من تكلفة نقل البضائع الإسبانية للتصدير وسيؤدي إلى قلة الصادرات التي يعتمد عليها الاقتصاد الإسباني وبالنتيجة سيؤدي إلى ضعف الاقتصاد الذي يعاني من أزمات متعددة لصراعه مع تكاليف الاقتراض التي لا تستطيع الدولة تحملها وارتفاع مستوى العجز العام. انفصال الإقليم سيدخل الدولتين في صراع عواصم حيث يتخذ إقليم كتالونيا حاليًا مدينة برشلونة المصنفة كواحدة من أعظم مدن العالم عاصمة له والتى تجذب ضعف عدد السياح الذين تجذبهم العاصمة الإسبانية مدريد ما سيجعل الاقتصاد الكتالوني منتعش ولو أكثر بقليل من الاقتصاد الإسباني. في الوقت نفسه فإن فريق برشلونة المتصدر قائمة أفضل ألف فريق لكرة القدم في العالم خلال القرن الحادي والعشرين بحسب ما أعلن الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء عام 2013 سيصبح تابع للإقليم المنفصل عن الدولة الإسبانية وبالتالي ستخسر كرة القدم الإسبانية الكثير على المستويين المالي والكروي إذا ما رحل عنها فريق برشلونة ذو الأغلبية الشعبية وهو ما أكده رئيس الرابطة الإسبانية لكرة القدم خافيير تيباس أن فريقي برشلونة وإسبانيول لكرة القدم لن يلعبا مجددًا في الدوري الإسباني في حالة التصويت على استقلال إقليم كتالونيا. وبعد إعلان (كارليس بوتشدمون) رئيسًا للإقليم الأحد الماضي نشر الفريق رسالة على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) أعلن فيها دعمه الكامل ل(بوتشدمون) ووصفت الرسالة الإقليم ب(بلدنا كتالونيا) ما أثار الجدل حول ما إذا كان انفصال كتالونيا المتوقع سيتبعه انفصال برشلونة عن الدوري الإسباني. الانفصال يمكن أن يؤدي إلى تدعيم موقف الحركات الانفصالية في باقي الأقاليم خاصة أن إسبانيا تعاني حاليًا من توابع الاستدانة وبرامج التقشف ما دفع بعض الأقاليم للتفكير في الاستقلال وعلى رأسها إقليم الباسك الذي يعتبر من مناطق الحكم الذاتي في إسبانيا ورغم أن الإقليم لم يصل بعد إلى مرحلة الاستفتاء لكنه مرّ بما هو أكثر درامية من ذلك على يد حركة (إيتا) الانفصالية الباسكية التي تبنت أعمالاً مسلحة مطالبةً بالانفصال منذ 1961 لكن الدعوات إلى الانفصال هدأت في الإقليم بعد أن أعلنت المنظمة تركها العمل المسلح نهائيًا في أكتوبر عام 2011.