كتالونيا.. قرن من البحث عن الاستقلال --- بعد انتظار أكثر من قرن على نيل الاستقلال والانفصال عن إسبانيا تفاجأ الكتالونيون بتأجيل حلمهم إلى تاريخ آخر في وقت تصرّ فيه مدريد على الاحتفاظ بهذا الإقليم إلى الأبد. دعت التيّارات الانفصالية في إقليم كتالونيا الإسباني بعد فوزها بالانتخابات البرلمانية المحلّية إلى العصيان ممّا قد يضع الإقليم في مواجهة مع الحكومة المركزية الإسبانية. وقال زعيم الحزب الانفصالي اليساري أنتونيو بانوس في تجمع للمناصرين بحي بوبلينو ببرشلونه: (اعتبارا من الان يجب أن يعتمد الكتالونيون على العصيان). ووفق النتائج الأوّلية الرسمية للانتخابات حصل الحزبان الانفصاليان على 72 مقعدا من أصل 135 في الإقليم الذي يبلغ عدد سكّانه 7.5 مليون نسمة وتقع ضمنه برشلونة. ولا يسمح الدستور الإسباني لأيّ منطقة بالانفصال لذا لا يزال احتمال الانفصال افتراضيا بدرجة كبيرة إلاّ أن دعوة بانوس إلى العصيان قد تدخل الإقليم في نزاع مع السلطات المركزية. وبعد فرز 97 بالمائة من الأصوات حصل حزب (معا من أجل نعم) الانفصالي على 62 مقعدا في حين حصل شريكه وهو حزب يساري أصغر على عشرة مقاعد أخرى. وسيحصل الحزبان معا على 47.8 بالمائة من الأصوات بعد إقبال قياسي وصل إلى 78 بالمائة في دفعة كبرى لمساعي الاستقلال التي فقدت زخما خلال العامين الماضيين. * فوز نسبي فاز الانفصاليون في كتالونيا الذين جعلوا من الانتخابات استفتاء على الاستقلال بالغالبية المطلقة في البرلمان المحلي بحصولهم على 27 مقعدا من أصل 135 غير أنهم لم يحققوا الغالبية على صعيد الأصوات بحصولهم على 47.8 فقط من الأصوات وهو ما لا يمكِّنهم من الفوز في استفتاء. وهذا هو الاستنتاج الذي توصّل إليه (الحزب الشعبي) بزعامة ماريانو راخوي إذ أعلن أن (غالبية كتالونيا رفضت الاستقلال). ويتباين هذا الإعلان مع الفرح الذي سيطر على أنصار قائمتي (معا من أجل النعم) و(الوحدة الشعبية) القائمتين الانفصاليتين اللتين تصدرتا النتائج في كتالونيا. وتجمّع حوالي 2000 شخص في إحدى ساحات برشلونة مقابل سوق بورن القديم ورقصوا معبرين عن فرحهم حتى منتصف الليل. وقبل ذلك تعاقب أرتور ماس رئيس الإدارة المحلية المنتهية ولايته وحليفه على القائمة أوريول خونكويراس زعيم (يسار كتالونيا) الجمهوري على المنبر لإعلان الفوز مؤكّدين (شرعيتهما) لإطلاق عملية الاستقلال. كما أعلن رئيس قائمة (معا من أجل النعم) راؤول روميفا: (لدينا تفويض يتحتّم علينا تنفيذه وإن جرت مفاوضات مع الدولة الإسبانية فإن الأمور ستكون أسهل. لكن حتى في غياب الإرادة من جانب الدولة فإننا سنقوم بذلك أيضا وسيتمّ إعلان الاستقلال). وفي هذه الأثناء دعا رئيس القائمة الاستقلالية الأخرى الذي سيتحتّم على ماس الاتّفاق معها لإيصال ائتلافه إلى السلطة إلى (العصيان). وقال أنتونيو بانيوس: (اعتبارا من الغد يمكن للكتالونيين بل يجب عليهم عصيان التشريعات) داعيا سكّان المنطقة إلى عدم تطبيق (القوانين الجائرة بحق الطبقات الاجتماعية الكتالونية). لكن الواقع أن الاستقلاليين لم يحصلوا على غالبية قوية إذ فازوا ب 1.9 مليون صوت من أصل أربعة ملايين. وحقّق الاستقلاليون انتصارا في نقطة واحدة على الأقل وهي أنهم باتوا في صلب الجدل لتسوية (مسألة كتالونيا) المطروحة على السياسة الإسبانية منذ نحو قرن. من جهته حذّر ماريانو راخوي بأنه لن يقبل بأي خطوة أحادية غير قانونية. كما جاءت تحليلات كبرى الأحزاب الإسبانية أمس الاثنين لنتائج انتخابات كتالونيا على خلفية الانتخابات التشريعية المقرّرة ديسمبر المقبل دون أن تتوقّف كثيرا عند وضع كتالونيا التي أظهر سكّانها عن انقسامات عميقة فيما بينهم.