وسط تأييد ساحق للانفصال، واصل الجنوبيون أمس الاثنين الادلاء باصواتهم في اليوم الثاني من الاستفتاء الخاص بتقرير مصير جنوب السودان، والذي ستحسم نتيجته بالانفصال او البقاء داخل سودان واحد. وتشكلت طوابير طويلة من الناخبين مجددا منذ صباح اليوم امام مراكز الاقتراع في جوبا عاصمة الجنوب، حيث اصطف الناخبون في طوابير امام مراكز الاقتراع حتى ان بعضهم وصل ليلا للتأكد من انه سيكون بين اوائل المقترعين عند فتح مراكز الاقتراع. ومن المقرر ان تتواصل عمليات الاقتراع في هذا الاستفتاء لمدة اسبوع حتى 15 يناير بسبب صعوبة المسالك في جنوب السودان، اما النتيجة فقد لا تظهر قبل نهاية الشهر. ويبلغ عدد المسجلين للمشاركة في الاستفتاء ثلاثة ملايين و930 الفا في السودان والشتات بينهم ثلاثة ملايين و754 الفا في الجنوب السوداني. ولا بد من مشاركة 60% على الاقل من المسجلين في الاستفتاء لكي تعتمد نتيجته، والخيار في هذا الاستفتاء هو بين الاقتراع للانفصال او للبقاء داخل سودان واحد. ويتوقع ان تجرى عمليات فرز الاصوات تِباعاً بعد إغلاق مراكز الاقتراع يوميا على مدار ايام الاستفتاء الذي بدأ في 9 يناير وينتهى في 15 من الشهر ذاته. ويشارك في عملية مراقبة الاستفتاء اكثر من 150 هيئة دولية ومحلية بينهم ممثلون عن منظمة الايغاد والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ومعهد كارتر للسلام وغيرها من المنظمات والهيئات الدولية. وستعلن نتيجة الاستفتاء بين 6 من فبراير او في 14 منه إذا وجدت شكاوى واعتراضات على النتائج. وبعد 9 جويلية 2011 وهي نهاية الفترة الانتقالية التي نصت عليها اتفاقية السلام الشامل قد يصبح جنوب السودان احدث دولة في القارة الإفريقية في حال قرر الناخبون الانفصال. وعانى جنوب السودان من حروب طويلة مع الشمال اوقعت نحو مليوني قتيل قبل التوصل الى اتفاق سلام عام 2005 فتح الباب امام اجراء هذا الاستفتاء الذي اعطى الجنوبيين حق الاختيار بين الانفصال والوحدة مع الشمال. استفتاء ناجح وفور الاعلان الأحد عن انتهاء عملية التصويت في اليوم الاول للاستفتاء على تقرير مصير الجنوب وسط حماس واقبال شديدين من المواطنين الجنوبيين، رحب الرئيس الامريكي باراك اوباما بمرور هذا اليوم من الاستفتاء بنجاح ودون عوائق، محذرا جميع الاطراف من تبني لغة خطاب تحريضية او اعمال عنف لمنع وصول الناخبين لمراكز الاقتراع. واكد اوباما في بيان رسمي: "الولاياتالمتحدة ستظل ملتزمة في شكل كامل مساعدة الاطراف في معالجة القضايا الحساسة بعد الاستفتاء مهما كانت نتيجة التصويت". واضاف "على كل الاطراف ان يتفادوا الخطاب الناري والاستفزازات التي من شأنها تصعيد التوتر ومنع الناخبين من التعبير عن ارادتهم". من جانبها اعتبرت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ان بدء الاستفتاء في جنوب السودان "نجاحا كبيرا ويشكل خطوة تاريخية في اتجاه السلام". واضافت كلينتون "ان الولاياتالمتحدة ترحب بوجه خاص بالتزام الرئيس السوداني عمر البشير باحترام نتيجة الاستفتاء". اشتباكات ابيي ولم يعكر صفو اجواء الاستفتاء الذي اتسم بهدوء وحماسة الجنوبيين سوى اشتباكات في ولاية الوحدة ومنطقة "ابيي" المتنازع عليها بين الشمال والجنوب. وقد شهدت منطقة "ابيي" اشتباكات سقط فيها عددٌ من القتلى، حيث وقعت المواجهات بين عناصر من قبيلة المسيرية الرعوية الشمالية، وقبيلة "الدنكا نقوك" الجنوبية. واتهم الحاكم الاداري في "ابيي" دينق اروب كول وهو من الدينكا مقاتلي عرب المسيرية بمهاجمة قرية ظهر الاحد وبالتسبب في اشتباكات قرب قرية ميوكول على بعد 18 كيلومترا من مدينة ابيي في يوم الجمعة والسبت اسفرت عن مقتل شخص واحد وجرح عدد آخر لم يحدده. واضاف: "الاشتباكات التي وقعت كانت عنيفة وكلا الجانبين تكبد خسائر، انهم المسيرية ولكن ثمة دليلا قويا بان ثمة عناصر من القوات المسلحة السودانية قد تم تشخيصُهم معهم". فيما كشف مسئول مفوضية الاستفتاء في الجنوب القاضي شان ريك مادوت خلال مؤتمر صحفي عقده الاحد "وقوع اشتباكات في ولاية الوحدة مع ميليشيا تابعة لمتمرد على كشوف رواتب جهة اخرى"، في إشارة الى ان هذا المتمرد مدعوم من حكومة الخرطوم. واضاف: "اكدت الحكومة وسلطات الولاية احتواء الموقف ولا شك لدي في قدرتهما على ذلك وإذا كان هناك بلطجية يريدون عرقلة الاستفتاء، فالجنوبيون وحكومتهم هنا لمواجهتهم".