بقلم: عبد الحفيظ عبد الحي* ها نحن اليوم نحتفل بذكرى عزيزة وخالدة في التاريخ الوطني وفاء للشهداء لأنهم وفوا بما عاهدوا عليه الله والشعب والنفس وحققوا أمانيهم بخاتمة الاستشهاد من أجل وطن وأمة أرادوا لها العيش بحرية وكرامة. فالذكرى لا تقام من أجلهم كأشخاص ولا من أجل الذكرى بل تقام لأن حياتهم جزء من تاريخ هذا الوطن العظيم فتذكرهم وإقامة الذكريات لهم تذكير للأجيال على مدى العصور بما قدمه أجدادهم وآباؤهم من تضحيات غالية كي يتحرر الوطن ويسعد أبناؤه وينعموا بالحرية فوق أرضهم.. إن وراء كل عظيم من عظمائنا قصة وبطولة وأمجاد تعتز بها أجيال الغد وتتباهى بسجلها الذهبي الثري بالرجال والأبطال وقد كان لنا هذا السجل في ماضينا ولكن أيادي المستعمر عاثت فيه حرقا وفسادا. اليوم الوطني للشهيد هو يوم تحتفل به الأسرة الثورية والشعب الجزائري تخليدا للشهيد الذي ضحى بالنفس والنفيس في سبيل هذا الوطن الغالي وقد حظي الشهيد بالتكريم والتبجيل لما خصه به الله من مكانة حميدة وعرفان له لما قدمت يداه من تضحيات جسام فهو الذي لبى وضحى بالروح والجسد دفاعا عن الوطن والحرية والشرف صادقا عهده ولم يبدل تبديلا وقد خصص تاريخ 18 فيفري كيوم وطني للشهيد وتم الاحتفال به لأول مرة سنة 1990 وتهدف هذه المناسبة إلى إرساء الروابط بين الأجيال وتذكير الشباب بتضحيات الأسلاف من أجل استخلاص العبر والاقتداء بنضالتهم الإنسانية النابعة من الوطنية الصادقة لقد اتخذ يوم 18 فيفري من كل سنة يوما للاحتفال بذكرى الشهيد عرفانا بما قدمه الشهداء من تضحيات جسيمة ويمثل هذا اليوم وقفة لمعرفة مرحلة الاستعمار التي عاشها الشعب الجزائري في بؤس ومعاناة وهذا لأن التاريخ يمثل سجل الأمم وتحتفل الجزائر بهذا اليوم منذ 18 فيفري 1991 بمبادرة من تنسيقية أبناء الشهداء تكريما لما قدمه الشهداء حتى لا ننسى مغزى الذكرى واستشهاد مليون ونصف المليون من الشهداء لتحرير الجزائر. فالجزائر أمة مقاومة للاحتلال منذ فجر التاريخ وتضحيات الشعب يستحيل أن لا يكتب عليها المؤرخون خاصة الاستعمار الفرنسي الاستيطاني وجرائمه بحق الجزائر أرضا وشعبا حيث قدمت الجزائر قوافل من الشهداء عبر مسيرة التحرر التي قادها رجال المقاومات الشعبية منذ الاحتلال في 1830 مرورا بكل الانتفاضات والثورات الملحمية التي قادها الأمير عبد القادر والمقراني والشيخ بوعمامة وغيره من أبناء الجزائر البررة وكانت التضحيات جساما مع تفجير الثورة المباركة في أول نوفمبر 1954 حيث التف الشعب مع جيش التحرير وجبهة التحرير الوطني فكانت تلك المقاومة والثورة محطات للتضحية بالنفس من أجل أن تعيش الجزائر حرة فبفضل تلك التضحيات سجلت الجزائر استقلالها في 5 جويلية 1962. رحم الله شهداءنا الأبرار وحفظ وطننا ورزقه الأمن والأمان