(أمنستي) تحذّر: حماية حقوق الإنسان تتعرّض للانهيار ** * أمريكا انتهاكات بلا حساب.. ومصر إرهاب باسم مكافحة الإرهاب أظهر التقرير السنوي لمنظّمة العفو الدولية حول وضعية حقوق الإنسان في العالم مدى الانحدار الأخلاقي والإنساني الذي اجتاح العالم في أشهر قليلة فمن أمريكا إلى مصر تتضاعف الانتهاكات ضد الأبرياء تحت غطاء القانون ومكافحة الإرهاب. ق.د / وكالات حذّرت منظّمة العفو الدولية (أمنستي) في تقريرها السنوي من أن الحماية الدولية لحقوق الإنسان تتعرّض لخطر الانهيار جرّاء الحفاظ على المصالح الذاتية القصيرة الأجل لبعض الدول واللّجوء إلى الحملات الأمنية القمعية في بعض الدول الأخرى وبيّنت أن الحماية العالمية لحقوق الإنسان تراجعت إلى مستوى متدن العام الماضي حيث فشلت إجراءات الاستجابة للأزمات والنظم القانونية في منع انتهاكات من بينها جرائم حرب واسعة النطاق في سورياوالعراق. وأضافت المنظّمة في تقرير سنوي أن (النظام الدولي ليس قويا في مواجهة الصدمات والتحدّيات الصعبة) إذ تؤجّج أعمال القمع الوحشية للمعارضين والحرمان من حقوق أساسية أخرى الكثير من الأزمات العالمية. ويوثّق تقرير (أمنستي) (استخداما واسع النطاق للقوّة المفرطة ضد المنشقّين والمتظاهرين إلى جانب تنفيذ عمليات إعدام خارج ساحات القضاء والاختفاءات القسرية عبر العالم). * صراعات واستياء قال الأمين العام للمنظّمة سليل شيتي: (عندما بدأت الشقوق في الظهور أدركنا أن نظام الحماية الدولية لحقوق الإنسان يحتاج نفسه إلى الحماية) وأوضح أن العديد من الأزمات التي شهدها العام الماضي نجمت عن الاستياء والصراعات (التي تعقب عادة السحق الوحشي للمعارضة من جانب الدول) وقال إن (المثال الأكثر وضوحا في الآونة الأخيرة للعلاقة بين فشل المنظومة وقمع الحكومات للمعارضة والفشل في حماية حقوق الإنسان هو الربيع العربي الذي غيّر وجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال نصف العقد الماضي) وأضاف: (بعد خمسة أعوام من واحدة من أكثر المظاهرات ديناميكية لسلطة الشعب التي لم يشهدها العالم من قبل تستخدم الحكومات وسائل محسوبة بشكل متزايد لسحق المعارضة ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن على مستوى العالم). * أزمات وقضايا جاء في التقرير أنه على صعيد الأزمة السورية ما زالت جميع الأطراف ترتكب جرائم حرب و(انتهاكات شاملة لحقوق الإنسان) في ظلّ إفلات من العقاب. وفي العراق تفاقم وضع حقوق الإنسان العام الماضي حيث (ارتكبت قوّات الأمن والمليشيات ومقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية جرائم حرب). كما قال التقرير إن الصراعات المسلّحة ما زالت مستمرّة في كلّ من أفغانستان وليبيا وباكستان واليمن في حين هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في دول إفريقية من بينها بوروندي والكاميرون وجهورية إفريقيا الوسطى ونيجيريا والصومال وجنوب السودان. وذكر التقرير أنه فيما يتعلّق بروسيا وهي واحدة من أعضاء مجلس حقوق الإنسان الأممي لهذا العام المؤلّف من 47 عضوا ظلّت حرّيتا التعبير والتجمّع (مقيّدتين بشدّة) العام الماضي وأوضح أنه فيما يتعلّق بالصين طرح الحزب الشيوعي الحاكم سلسلة من القوانين الجديدة ذات التركيز على الأمن القومي (شكّلت مخاطر جسيمة على حقوق الإنسان). * أوباما في قفص الاتّهام نال الرئيسان الأمريكي باراك أوباما والمصري عبد الفتّاح السيسي نصيبا وافرا من انتقاد منظّمة العفو الدولية في تقريرها السنوي الصادر أمس الأربعاء والمؤلّف من 346 صفحة تغطّي أوضاع الحقوق والحرّيات في العالم أجمع. وحرصت المنظّمة كعادتها عند إصدار تقاريرها السنوية على تضمين اسم كلّ رئيس أو ملك في مقدّمة الصفحات المتعلّقة بدولته في تأكيد ضمني منها أن صانع السياسات الأوّل في بلاده هو أوّل من يتحمّل المسؤولية الأخلاقية والجنائية والسياسية والتاريخية عن كافّة الانتهاكات التي تدور في عهده. * أمريكا.. انتهاكات بلا حساب من اللاّفت أن الصفحات المتعلّقة بالولايات المتّحدة بدأتها المنظّمة بالإشارة إلى غياب المحاسبة التي تخشاها الإدارات الأمريكية أكثر من غيرها. وجاء في التقرير إن إدارة أوباما لم تخضع أيّ مسؤول أمريكي للمحاسبة عن الجرائم المرتكبة في عهده أو عهد سلفه جورج بوش في سياق برنامج الاعتقال السرّي لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ولا عن إبقاء العشرات رهن الاحتجاز العسكري دون محاكمة في قاعدة غوانتانامو البحرية للولايات المتحدة بكوبا. وجاء صدور التقرير في وقت مناسب للرئيس أوباما ليدعّم به محاولاته الرّامية إلى إغلاق معسكر غوانتانامو. وكانت الولايات المتّحدة قد تعهّدت للجنة حقوق الإنسان بمراعاة حظر التعذيب والإخفاء القسري والاعتقال التعسّفي (لأيّ شخص في حجزها حيثما كان محتجزا) و(بمحاسبة المسؤولين عن مثل هذه الأفعال) ومع ذلك لم يتّخذ أيّ إجراء لوضع حدّ للإفلات من العقاب على الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان التي ارتكبت في سياق برنامج الاعتقال السرّي الذي كانت (وكالة الاستخبارات المركزية) تطبّقه بتفويض من بوش عقب هجمات الحادي عشر من سبتبمر. * المهاجرون والنّساء والأقلّيات على صعيد الانتهاكات داخل الأراضي الأمريكية جاء في التقرير أن السلطات ألقت القبض على أكثر من 35000 طفل غير مصحوب بقريب و34000 عائلة أثناء عبورهم الحدود الجنوبية خلال السنة واحتجزت العائلات القادمة من المكسيك ودول أمريكا الوسطى عدّة أشهر في مرافق تفتقر إلى الرعاية الطبّية والغذاء والماء الصحّيين والمشورة القانونية كما ظلّت النّساء االأمريكيات من أصول إفريقية عُرضة بمعدل ما يقرب من أربعة أضعاف للوفاة بسبب مضاعفات ما يتعرّضن له من عنف. * مصر: إرهاب باسم مكافحة الإرهاب أمّا في مصر فقد تفوّقت قوّات الأمن على نظيرتها الأمريكية في استخدام القوّة المفرطة ضد المواطنين وبخاصّة في سيناء كما امتدّت انتهاكاتها لتشمل إلى جانب المواطنين المصريين المواطنين الفلسطينيين في غزّة ومواطني ليبيا حيث قتلت الطائرات المصرية مدنيين ليبيين جرّاء غارات شنّتها على إرهابيين مفترضين في ليبيا. وأغلقت مصر حدودها مع غزّة معظم فترات العام كما دمّر الجيش المصري أنفاقا للتهريب تحت خطّ الحدود وأغرق المنطقة بالمياه حسب ما ورد في التقرير. واستمرّت القوّات المسلّحة في عمليات الإخلاء القسري للتجمّعات التي تعيش على طول الحدود المصرية مع قطاع غزّة حيث تسعى السلطات إلى إقامة (منطقة أمنية عازلة). وفي الداخل استمرّت عمليات القبض والاحتجاز بصورة تعسّفية حيث قبضت قوّات الأمن على 11877 من أعضاء من تسمّيهم ب (الجماعات الإرهابية) خلال الفترة من جانفي إلى نهاية سبتمبر الماضي. وفرضت السلطات قيودا تعسّفية على الحقّ في حرّية التجمّع السلمي بموجب (قانون تنظيم الحقّ في الاجتماعات العامّة والمواكب والتظاهرات السلمية) رغم أن المظاهرات العام الماضي كانت أقلّ من مثيلتها في السنوات الأخيرة لكن قوّات الأمن واصلت استخدام القوّة المفرطة أو غير الضرورية لتفريق المظاهرات (غير المرخّصة) وغيرها من التجمعّات العامّة ممّا أسفر عن حدوث وفيات وإصابات جسيمة. وقد لقي العشرات مصرعهم جرّاء القوّة المفرطة على أيدي قوّات الأمن. وأشارت المنظّمة إلى أن العفو الذي أصدره السيسي عن 100 شخص بينهم صحفيون وناشطون سُجنوا لمشاركتهم في مظاهرات لم يشمل المسجونين من زعماء الحركات الشبابية المصرية أو زعماء جماعة (الإخوان المسلمين). وركّزت المنظّمة على قانون 2015 المصري لمكافحة الإرهاب موجّهة انتقادات شديده له من بينها تعريفه (العمل الإرهابي) بعبارات مبهمة وفضفاضة للغاية بما يسهل تجييره وتفسيره حسب أهواء السلطات. وقالت المنظّمة إن القانون الجديد يمنح السيسي صلاحيات (باتّخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام) وهي صلاحيات مماثلة لتلك الممنوحة بموجب قانون الطوارئ. وقد قبض على عدد من العاملين في بعض منظّمات حقوق الإنسان وخضعوا للتحقيق أمام مسؤولين أمنيين وكذلك أمام (لجنة خبراء) عينتها السلطات في إطار التحقيقات الجنائية الجارية بخصوص أنشطة جماعات حقوق الإنسان وتمويلها. ومنعت السلطات بعض نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين من العمل حيث وصل عدد الجمعيات المغلقة إلى ما يزيد عن 480 جمعية أهلية باعتراف الحكومة وتحت مبرّر صلتها مع جماعة (الإخوان المسلمين). وقدّم عدد من الصحفيين إلى المحاكمة بتهمة نشر (أخبار وإشاعات كاذبة) أو غيرها من التهم الجنائية ذات الدوافع السياسية وقضت المحاكم بمعاقبة بعضهم بالسجن لمدد طويلة بينما حكم على أحدهم بالإعدام. ووفقا للتقرير فقد ظلّ بعض الأشخاص يتعرّضون للمحاكمة بتهم جنائية مثل (ازدراء الأديان) أو (خدش الحياء العام) بسبب ممارستهم السلمية لحقّهم في حرّية التعبير. وأدانت المحاكم مئات الأشخاص بتهم من قبيل (الإرهاب) و(المشاركة في مظاهرة دون ترخيص) والمشاركة في أحداث العنف السياسي والانتماء إلى جماعات محظورة إثر محاكمات جنائية فادحة الجور لم تقدّم فيها النيابة ما يثبت المسؤولية الجنائية الفردية لأيّ من المتّهمين. وواجه الرئيس السابق محمد مرسي خمس محاكمات منفصلة مع مئات من المتّهمين الآخرين بينهم عدد من قادة جماعة (الإخوان المسلمين). وقالت المنظّمة إن السلطات المصرية تقاعست عن إجراء تحقيقات فعالة ومستقلّة ونزيهة بخصوص معظم حالات انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك الاستخدام المتكرّر للقوّة المفرطة من جانب قوّات الأمن ممّا أسفر عن وفاة مئات المتظاهرين. وقضت المحاكم بمسؤولية عدد قليل من أفراد قوّات الأمن عن أعمال قتل بشكل غير قانوني في قضايا تتّصل بأحداث عدّة كانت موضع تنديد واسع النطاق على المستويين المحلّي والدولي. وظلّت ظروف الاحتجاز في السجون وأقسام الشرطة بالغة السوء وكانت الزنازين شديدة الاكتظاظ وغير صحّية وفي بعض الحالات منع المسؤولون الأهالي والمحامين من تقديم الأغذية والأدوية وغيرها إلى ذويهم المسجونين. وأصدرت المحاكم مئات من أحكام الإعدام على متّهمين أدينوا بتهمة (الإرهاب) وغيرها من التهم المتّصلة بالعنف السياسي الذي أعقب عزل مرسي في جويلية 2013 وكذلك بتهمة القتل العمدي وارتكاب جرائم أخرى. وكان من بين الذين أعدموا سجناء صدر ضدهم الحكم بعد محاكمات جائرة أمام محاكم جنائية وعسكرية. وأعدم بالفعل سبعة أشخاص العام الماضي إثر محاكمة جائرة أمام محكمة عسكرية بالرغم من وجود أدلّة على أن مسؤولين أمنيين قد عذّبوا هؤلاءالسبعة لإجبارهم على (الاعتراف) بارتكاب جرائم يعاقب عليها بالإعدام كما زوّروا تواريخ القبض عليهم في مستندات رسمية. ولم يهمل التقرير الانتهاكات التي جرت على أيدي الجماعات المسلّحة واستهدافها للمدنيين بمن فيهم ركّاب طائرة مدنية روسية يوم 31 أكتوبر ممّا أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متن الطائرة وعددهم 224 شخص معظمهم من مواطني روسيا. وهاجمت الجماعة المسلّحة المعروفة باسم (ولاية سيناء) مدنيين وجنودا وضبّاط شرطة. وحذّرت المنظّمة من خُطط للحكومة المصرية لإخلاء مناطق في القاهرة نفسها قسريا لا تشمل بدائل مرضية للسكّان بما يخالف أبسط قواعد احترام حقوق الإنسان.