الكثير من المواد التي تغزو الأسواق و»الدلالات«، والتي عادة ما تفر من الرقابة، يمكن أن تكون خطيرة، وأن تتسبب لمستعمليها في أعراض جانبية، وربما أمراض وتسممات، ومن ذلك بعض حفاظات الأطفال التي تباع في بعض الأسواق، والتي لا تتوفر لا على المقاييس المتبعة عادة في صنع الحفاظات، ولا على علامة باسم الشركة التي صنعتها. وبعد استعمال مثل تلك الحفاظات، تقول لنا مريم (21 سنة، ربة بيت)، ظهر بعض الاحمرار على بشرة ابنها ما جعلها تشك في أمرها، ولما زارت طبيبا، أكدّ لها بدوره أن الحفاظات التي استعملتها هي سبب الالتهاب، وذلك لأنها لا تراعي المقاييس المعمول بها دوليا، حيث أنّ الحفاظة لا بد أن تكون مصنوعة من القطن، والذي يسمح بامتصاص الرطوبة دون التأثير على بشرة الطفل الحساسة، وهو نفس الشيء الذي أكدته لنا صابرينة (31 سنة) والتي تعرض ابنها هي الأخرى إلى التهابات، جعلته يعاني آلاما حادة، وعندما أخذته إلى طبيب الأمراض الجلدية قال إن الحفاظات هي من تسببت له فيها، ولكن صابرين أبدت لنا استغرابها من الأمر، فتلك الحفاظات تتوفر عليها كل المحلات، وهو ما جعلها تطمئن لها، قبل أن تنادي بسحبها نهائياً من السوق حتى لا يتعرض أطفال آخرون إلى مثل ما تعرض له ابنها. بعدما سمعنا عن تلك الحفاظات المشبوهة، اتجهنا إلى سوق »زوج عيون« بساحة الشهداء، حيث يضع الكثير من الباعة سلعهم على الأرض، أو يحملونها في أيديهم، يعرضونها على المارة بأسعار قياسية، فلاحظنا أنّ الكثير من السلع، حتى تلك التي من المعروف أنها تتلف بسرعة، الكثير منها لا تتوفر على غلاف، أي أنها موضوعة في علب أو أكياس بلاستيكية لا يمكن أن تقيها لا من الحرارة ولا من الغبار وهي مجهولة المصدر، فلا نعرف أين تم صنعها ولا تاريخ انتهاء مدة صلاحيتها، لكن ومع ذلك فقد كان الناس يقبلون عليها، يشدهم سعرها المنخفض، متناسين ما يمكن أن تسببه لهم من مخاطر، سواء السلع التجميلية مثل الصابون الذي كان يباع ملفوفا في أكياس شفافة، وحتى غسول الشعر في قارورات ليس مكتوب عليها شيء، أو علب الماكياج والعطور، وكذلك المواد الغذائية ومواد الغسيل وكذلك الحفاظات التي كنا نبحث عنها، والتي عثرنا على شاب يبيعها، ليس في أكياس ودون علامات تجارية فقط، بل كان يبيعها بالقطعة، أي أنها كانت معرضة لأن تتسخ وتتلوث قبل أن تصل إلى بشرة الطفل الحساسة لتحميها، وهو الأمر الذي أذهلنا وجعلنا نتجه إلى ذلك البائع ونسأله عن مصدر تلك الحفاظات، وعما إذا كان يعي خطورتها على الطفل الذي يستعملها، فأجابنا بتهكم: »وعلاش ولادي اللي رايحين يلبسوها؟«، استغربنا لجوابه اللامسؤول، لكنه سرعان ما عاد وكلمنا بلهجة جادة، حيث قال إنه جلب هذه الحفاظات من شرق البلاد عن طريق صديق له يبيعها بالجملة، كما صارحنا بأنه يعي خطورتها، لكنه قال إن هناك ما هو أخطر من الحفاظات مجهولة المصدر، والتي لا تحمل علامة صانعها على العلبة، وهي ألا يرتدي الطفل حفاظة، حيث قال إن الكثير من العائلات الفقيرة لا تشتري حفاظات لأبنائها لارتفاع سعرها، وتستعمل بدلا منها الأقمشة على الطريقة التقليدية، ولذلك تفضل أن تشتري هذه الحفاظات الرخيصة على أن تتركهم دون حفاظات، كما أنّ الكثير لا يشترون بالعلبة بل بالقطعة وهو ما جعله- يضيف محدثنا- يبيع بهذا الشكل، فهو لا يُزوّر تاريخ الصنع ولا يحتال على أحد، بل إن خطر هذه الحفاظات تدركه كل أم أو أب مقبل على شرائها.