انتشرت في الأسواق الشعبية والمحلات التجارية أنواع من حفاظات الأطفال لا تحمل اسم أو مصدر الجهة المصنعة، يقبل عليها الناس بصورة كبيرة بسبب انخفاض أسعارها، متناسين ومتجاهلين الأخطار التي يمكن أن تسببها لأطفالهم خاصة الالتهابات الجلدية. تشتكي العديد من الأمهات من المتاعب الصحية التي تسببها بعض الحفاظات التي صارت إلزامية على كل أسرة، تخصص لها ميزانية شهرية مهما كان المستوى الاجتماعي أو الدخل، وذلك إلى حين إتمام الطفل سنتيه الأولى والثانية. وقد انتشرت في الآونة الأخيرة بمختلف الأسواق المحلية أنواع من حفاظات الأطفال بأسعار جد منخفضة لا تتجاوز 10 دنانير للواحدة، وهو ما جعل الإقبال عليها منقطع النظير مقارنة بالحفاظات الأخرى ذات النوعيات المعروفة التي يتراوح سعرها ما بين 20 و35 دينارا. إلا أن هذه الأخيرة لا تحمل أية علامة تجارية أو عنوان الجهة المنتجة والمسوِّقة، لكن أغلب الباعة في أسواق ساحة الشهداء وميسوني اتفقوا على أنهم يشترونها من مصانع خاصة محليا، دون أن يعلموا إن كانت تصنع على مستواها أو يتم استيرادها وإعادة تغليفها في الجزائر، فيما يقول باعة آخرون إنهم يستوردونها من الصين، فتضاف حفاظات الأطفال بذلك إلى قائمة المنتجات الصينية المهلكة التي تسببت في ظهور وانتشار العديد من الأمراض في الجزائر على رأسها الالتهابات والأمراض الجلدية الخطيرة. وحسب ما أفاد به أحد الصيادلة بالعاصمة ل''الحوار''، فإن صناعة هذا النوع من الحفاظات تتميز بالاعتماد كلية على مواد تسبب الحساسية والتهاب الجلد، وبعيدة جدا عن المعايير الدولية المعمول بها في صناعة الحفاظات التي تعتمد أساسا على المواد القطنية التي تتميز بامتصاصها للرطوبة وعدم تأثيرها على البشرة الطفل الحساسة، باعتبار أنها تلامس ملامسة خفيفة المناطق الحساسة لديه والمغطاة عادة. وحذر من جهته الدكتور ''بن شيخ محمد''، طبيب أطفال، من تداعيات هذه الحفاظات على صحة الأطفال، مشيرا إلى أنها تتسبب في التهابات في المنطقة التي تغطيها الحفاظة، وتكون العلامة الأولى لظهور الالتهاب احمرارا في الجلد أسفل البطن أو على مؤخرة الطفل أو على الأعضاء التناسلية أو أعلى الفخذين نتيجة احتكاك المواد الكيميائية الموجودة بالبول والبراز في الحفاظة مع بشرة الطفل. ويؤدي هذا التفاعل إلى تهيج الجلد واحمراره والتهابه. وألح على ضرورة انتباه وزارة الصحة والجهات المختصة لمثل هذه المنتجات التي تؤثر على صحة الطفل. وأضاف الدكتور بن شيخ أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين عالجهم يعانون من التهابات بسبب استعمال أوليائهم حفاظات رخيصة الثمن. ولا تكتشف الكثير من الأمهات أسباب الالتهاب إلا بعد زيارة الطبيب الذي يضطرون إلى اللجوء إليه عندما تتأزم حالة أطفالهم. لكن المشكل أن انخفاض أسعار هذه المواد ساهم في انتشارها وزاد من درجة إقبال الناس عليها. ''ورغم النصائح التي نقدمها للأمهات وتحذيرنا لهن إلا أن ذلك لم يقلل من استعمالهن لهذه الحفاظات'' يقول الدكتور بن شيخ. تشكل خطورة على صحة الأطفال تصادف العديد من الأمهات مشكلات الالتهاب مع أطفالهم الصغار بسبب الحفاظات، ومن بين السيدات اللواتي صادفن هذه المشاكل مع أطفالهن السيدة فاطمة من الدارالبيضاء التي قالت إنها تفاجأت بالالتهاب الشديد الذي وقع بجسد صغيرها فجأة. ورغم أنها شكت للوهلة الأولى في الحفاظات الرخيصة التي تقتنيها إلا أنها لم تصدق ذلك خصوصا وأنها ربت أخاه الأكبر منه بنفس النوعية دون أن تتسبب له في أية مضاعفات جانبية. ولكن شكوكها تأكدت فعلا بعدما أخبرها الأطباء أن سبب المشكلة يرجع إلى الحفاظات التي تستعملها، والغريب أن الأمهات يقمن باقتناء تلك الحفاظات بالقطعة الواحدة ومعنى ذلك أن الحفاظات تكون مفتوحة على الهواء ومعرضة لمختلف العوامل الخارجية التي يمكن أن تلتصق بها من غبار وغير ذلك، بالإضافة إلى مصدر صنعها الذي لا يستطيع أحد تحديده لانعدام أي مؤشر يدل على ذلك، سواء في الحفاظة نفسها التي تزينها بعض الرسومات لا غير أو في الكيس الخارجي الذي لا يحمل أي علامة مميزة، فهو عبارة عن كيس بلاستيكي شفاف يضم بداخله أكثر من مئة قطعة من الحفاظات تفتح وتعرض في الأسواق الشعبية بالعاصمة وفي المدن الداخلية دون أدنى رقابة. أما السيدة نورة فقد أكدت هي الأخرى أن ابنتها البالغة من العمر عاما ونصف العام، قد تعرضت إلى التهابات جلدية خطيرة تكررت معها مرات عدة، فبمجرد استعمال هذه الحفاظات يعود جلدها الى الاحمرار وتمضي الليل بأكمله وهي تبكي. وبعد مراجعات طبية عديدة اكتشف خلالها الطبيب أن أسباب تهيج جلدها يعود الى الحفاظات، قررت الاستغناء كلية عن حفاظات 10 دينار التي كادت أن تودي بها إلى مخاطر جسيمة والعودة إلى الحفاظات ذات النوعية المعروفة، تجنبا لكل تلك المتاعب. وفيما يخص تلك الحفاظات تقول السيدة نورة إنها كانت تقتنيها بكثرة لأنها متوفرة بمعظم الأسواق الشعبية والمحلات تقريبا، ولكن الغريب -كما قالت- أنها لا تحمل أية علامة تجارية أو عنوان الجهة المنتجة والمسوِّقة لها، وتتساءل أين دور مصالح الرقابة التي تتغاضى عن مثل هذه المخاطر الصحية التي تشكل خطرا على الأطفال الصغار. اختيار الحفاظات يجنب الالتهابات المزمنة تؤكد الدكتورة أمينة برناوي أن الطفح الجلدي الذي تسببه الحفاظات، هو طفح أو التهاب يحدث في الجلد في المنطقة التي تغطيها الحفاظة، وأولى علامات هذا النوع من الطفح الجلدي عادة احمرار أو قرح صغيرة على مؤخرة الطفل وأعضائه التناسلية، أو ثنيات فخذيه، والمنطقة السفلية من بطنه نتيجة تلامس حفاظة مبتلة أو متسخة الجلد. ويمكن أن يختفي هذا النوع من الطفح الجلدي بعد 3 أو4 أيام إذا اتبعَت العناية اللازمة وتجنب ترك الطفل مرتدياً حفاظه مبتلة لفترة طويلة، فالرطوبة تجعل الجلد أكثر عرضة للتشقق ومع الوقت يتحلل البول الموجود في الحفاظة مكوناً مواد كيماوية مثل الأمونيا التي تلهب الجلد. كما أن ترك الطفل مرتدياً حفاظة بها براز لفترة طويلة يجعل الإنزيمات المهضومة الموجودة بالبراز تهاجم الجلد مما يجعله أكثر عرضة للإصابة بالطفح. كما تؤدي الحفاظات إلى التهابات أكثر خطورة مثل الالتهاب الخميرى وهذا النوع من الطفح يكون عادةً على الفخذين، الأعضاء التناسلية والجزء الأسفل من البطن. وهناك عوامل معينة تساعد على ازدياد حدوث الطفح الجلدي منها ترك الطفل في الحفاظة طوال الليل، كما أن هناك عدة أسباب متداخلة قد تسبب هذا الالتهاب وأهمها الإصابة البكتيرية أو الإصابة الفطرية أو الحساسية. وفي أغلب الحالات يكون هناك أكثر من سبب في وقت واحد، بل إن هذه الأسباب قد تتداخل بحيث تهيئ المجال لأسباب أخرى. فمن خلال الخبرات الطويلة يكون العلاج الأمثل لهذه الحالات العلاج الموضعي متعدد الأغراض، بمعنى أن يحتوي هذا العلاج على مضاد للبكتيريا ومضاد للفطريات وعلاج للحساسية. وترى الدكتورة برناوي أنه إذا كانت الوقاية في عالم الطب بصفة عامة خيرا من العلاج؛ فإن الوقاية في هذا المرض بالذات خير من ألف علاج. وتتلخص الوقاية في البعد عن استخدام الحفاظات أو التقليل من استخدامها كلما كان ذلك ممكنا، ومراعاة غسل الطفل جيدًا وتجفيفه بعد الإخراج، واستخدام بعض الكريمات الواقية التي تحتوي على الفازلين ومركبات الزنك وغيرها، وفي الحالات المزمنة أو المتكررة يكون الابتعاد عن الحفاظات طريقة مثلى لتجنب الالتهابات