يتّفق المتتبّعون على أن الأنترنت والهاتف النقّال لعبا دورا حاسما في إسقاط الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، ويؤكّدون أن موقع التواصل الاجتماعي الفايس بوك كان أكثر قوّة من أجهزة القمع البوليسية التونسية، وأن رسائل الهاتف القصيرة الأس أم أس على الهواتف النقّالة للتونسيين كانت أكثر قدرة على الإقناع من الخطابات الثلاثة التي أدلى بها بن علي في أيّام حكمه الأخيرة· وحين قال الرئيس الهارب بن علي لمواطنيه، وهو يتوجّه بخطابه الأخير قبل يوم واحد من فراره: لقد فهمتكم كان الأوان قد فات تماما، فأجيال الفايس بوك والأس أم أس صارت خارج مجال سيطرته، ولم يكن كافيا أن يأمر بوقف استخدام الرصاص الحي ليعيد الهدوء إلى شارع ملتهب· مليونا مواطن تونسي ظلّوا يتواصلون باستخدام موقع التواصل الاجتماعي، الفايس بوك طيلة الأسابيع الأربعة لثورة الياسمين التونسيين، وهو رقم يفوق بأضعاف مضاعفة أعداد التونسيين الذين يقرأون الصحف الوطنية والدولية، ويثبت أن الفايس بوك كان القائد الأول ل ثوار تونس خلال الفترة المذكورة، فحسب موقع بيكريرز الاجتماعي الذي يقدّم إحصائيات حول عدد مستعملي الفيس بوك في العالم، فإن عدد التونسيين الذين استعملوا الفيس بوك خلال الفترة ما بين 18 و26 ديسمبر الماضي (وهي الفترة التي عرفت ذروة الأحداث) تجاوز المليوني مستخدم يوميا بعد أن كان في حدود المليون و790 ألفا قبل الاحتجاجات· وبعد الفايس بوك الذي تحوّل إلى وسيلة الإعلام والتواصل الأولى في تونس، لعبت الرسائل الهاتفية القصيرة دور الحشد والتنسيق والتحريض على مواصلة المظاهرات الصاخبة التي أعلنت عن ميلاد أجيال جديدة لا تعترف بلغة الخشب، وخطابات التهدئة ولا تثق في الأجيال القديمة من ساسة الكلام الفارغ· وحال بقية الدول العربية وغيرها من بلدان العالم، لا يختلف كثيرا عن حال تونس، خلال ثورة الياسمين وما بعدها، فأجيال الفايس بوك والأس أم أس تضع نفسها خارج دوائر الرقابة والتحكمّ والسيطرة التي تحاول الأنظمة فرضها، لذلك باتت هذه الأنظمة مطالبة بتغيير إستراتيجيتها الاتصالية بشكل يسمح لها بفهم الأجيال الجديدة التي تعتمد التكنولوجيا قائدا روحيا لها، وبشكل يسمح لها أيضا بالتواصل مع هذه الأجيال قبل فوات الأوان·