تحوّل الموقع الإلكتروني الاجتماعي التفاعلي ''فايس بوك'' إلى جمهورية افتراضية يقترب عدد سكانها من المليار نسمة... وقد استطاع مؤسس هذا الفضاء الافتراضي الشاب الأمريكي مارك زوكربرغ أن يحقق في السنة الماضية وحدها إيرادات مالية قدرت ب 800 مليون دولار أمريكي... كما أن هذا الملياردير قرر التبرع بمبلغ 100 مليون دولار لفائدة المدارس في ولاية نيوجرسي الأمريكية، وذلك في إطار الحملة التبرعية الكبيرة التي أطلقها بيل غيتس واستجاب لها نحو 17 مليارديرا أمريكيا. الجمهورية الفيسبوكية الحرة سهلت الكثير من مشاكل التواصل الاجتماعي خاصة في عالمنا العربي الذي تنغلق فيه كل قنوات الاتصال الاجتماعي الممكنة حتى تلك التقليدية التي اندثرت بفعل المدنية وتعقيداتها الكثيرة.. فالفيسبوك سهل التواصل بين الناس وتحول، إضافة إلى دوره في التعارف بين البشر، إلى وسيلة إعلامية أكثر حرية من أي قناة تلفزيونية أو جريدة تدعي الاستقلالية.. وقد لاحظنا في الثورة التونسية المظفرة كيف أسهم الفيس بوك في إيصال المعلومة الصحيحة بالصوت والصورة .. وقد انتصر الفيس بوك في هذا الجانب على كل الفضائيات لأن فيديوهات القمع والاحتجاجات التي أذاعها الفيسبوكيون التوانسة أصبحت بعد ذلك المادة الإعلامية الوحيدة لكل التلفزيونات. ورأينا صدق الفيديوهات المنقولة بالهواتف النقالة التي لا مجال فيها للمونتاج والقص لأجل تغيير الوقائع.. حتى ولو أن نظام الطاغية بن علي كان يراقب الأنترنت ويمنع التونسيين من دخول الفيسبوك من الموقع الأصلي في أمريكا.. لكن الأنظمة غبية فعلا، فالأنترنت شبكة عنكبوتبة لا يمكن فيها المنع، فهناك ألف طريقة وطريقة للتحايل على هذا المنع. مثلما في سوريا التي تمنعه رسميا عن شعبها، لكن الشعوب بنت كلب كما يغني الشيخ امام إنها دوما تتحايل على الرقابة والمنع وتصر على اختراقها. الفايس بوك أصبح جمهورية حرة لمن لا جمهورية لهم .. جمهورية للشعوب المحكومة بالبوليس وبصور زعماء الورق المعلقة في الشوارع وبنشرات الإخبار التي تبدأ باستقبالاته وزياراته وتعزياته وتهنئاته وكل الكلام الخشبي الذي يضرب به شعبه.. في الفيس بوك تولد الحرية من نقرة زرّ ومن تحريك صغير لفارة الجهاز.. من حرية الأصابع على الكلافييه لتكتب ما تشاء. إن دور جمهورية الفيس بوك الحرة يزداد شأنا وتعاظما وكذلك خطرا على الأنظمة الاستبدادية خاصة في العالم العربي وإفريقيا.. فالفيس بوك العظيم هو الذي سيزعزع هذه الأنظمة منتهية الصلاحية وسيحولها إلى رماد.