مصطفى مهدي من بين ما أمرنا به ديننا الحنيف قبل أن نُزوج بناتنا أن نختار لهنّ الرجل الذي نرتضي دينه، أمّا ما عدا ذلك فكلها كماليات يمكن الاستغناء عنها، من جمال ومال وجاه وغيرها من الميزات، والتي مهما تعددت فإنها، وكما يقول أجدادنا:"ما تطلَّعش دار"، أما الدين والخلق فهما أهم، خاصّة إن كانت المرأة على دين، فلا بد إذا إن نختار لها رجلا يحافظ عليها وعليه، ولكن للأسف فان بعض الأسر، لا تهتم لذلك، ولا تضع في الحسبان هذا الشرط، حتى لو أصرّت الفتاة عليه، فلا يهمهم إلاّ أن يكون المتقدم للزواج ذا مال وجاه، أو أن يكون له بيت وعمل، وهو الأمر الذي عادة ما تدفع الزوجة نتيجته باهظا، فيُزوّجها أهلها برجل سكير عربيد، او لص منحرف، فلا تكون أيامها معه إلاّ تعاسة دائمة، لا خير فيها، خاصة إن حوّل البيت إلى حانة او مخمرة لتناول كلّ أنواع المسكرات، وتُضطّر الزوجة إلى أن تصبر وتحتمل ما آلت إليه حياتها. وهو ما وقع لسعاد، المرأة التي وبعد سنة من زواجها، تحوّلت من فتاة طاهرة نقيّة في بيت أهلها، إلى خادمة في بيت سكير، تسهر مثلما يسهر، وتُنظف البيت من قارورات الخمر، ومن القاذورات التي يتركها زوجها، والذي لا يكتف بأن يشرب ويعربد لوحده، ولكنه يجلب أحيانا أصدقاءه للسهر معه، وأكثر ما يحزن سعاد أن أسرتها لا تتقبل فكرة انفصالها عن زوجها لأيّ سبب من الأسباب، رغم أنّها أسرة متدينة، وعندما تصارحهم بوضع زوجها يكتفون بان يطلبوا منها أنّ تصبر، فاضطرت إلى أن تحتمل ذلك وتقبل بالوضع، وقد صارحتنا في رسالة بعثت بها إلينا، أنها سئمت تلك الحياة، خاصّة وأنها تحمل جنينا، لا تدري ما يكون مصيره بعد أن تضعه، و بعد أن يكبر في حضن أب سكير عربيد. وان كانت سعاد في بداية حياتها الزوجية، فان أخريات كثيرات يُعانين في صمت وألم مريرين، منذ سنوات طويلة، ويكدن يفقدن الأمل، وكلّ واحدة فيهن تخشى على نفسها إمّا من الطرد إلى الشارع، او العودة إلى بيت آهل لا يرحمونها، ولا يرحمون ضعفها، او من نظرة الناس والمجتمع إلى المرأة المطلقة، أو خوفا على أطفال من أن ينشئوا في ظلّ أسرة مفككة، ولهذا كله تجدهنّ يخترن المُعاناة في صمت، ودون أن يشعر بهنّ احد، ومنهنّ حليمة، 32 سنة، والتي عاشت عشر سنوات كاملة مع زوج حوّل حياتها إلى جحيم، رغم أنها انفصلت عنه، بعد أن وعدها بأنه سيُغيّر عاداته، وأنه سيتوقف عن الشرب، إلاّ أنها وبعد أن عادت إليه، عاد إلى ما كان عليه، بل لم يزدد إلاّ لؤما، حتى انه وفي إحدى المرّات، استدعى صديقا له، وكان قد شرب الاثنان حتى الثمالة، وفي فجر اليوم الموالي حاول الصديق الاعتداء على حليمة، والتي لم تجد أمامها إلاّ أن تضربه فيسقط على الأرض مغشيا عليه، لكنه سرعان ما استفاق، واشتكاها للزوج الذي راح يضربها ضرباً مُبرحاً.