تنتظر كل امرأة اللحظة التي تعرف فيها أنها حامل وستصبح أماً لطفل أو لطفلة فتلك هي اللحظة التي تنتظرها بشوق ولهفة، إلا أن هناك بعض العقبات التي تعترضها كالإجهاض مثلاً وهو أن يموت الجنين أي انتهاء الحمل في غضون مائة وثمانين يومًا من بداية آخر فترة حيض، أي يقع الإجهاض خلال الأشهر الستة الأولى. فالإجهاض هو إنزال الجنين قبل تمام نموه الطبيعي في بطن أمه، فإذا كان إسقاطه عمداً بغير سبب وبغير إذن الزوج فهو حرام شرعاً باتفاق الأئمة الأربعة ويجب علي الجاني سواء أكانت أمه أو غيرها أمران وهما كما أوضح الشيخ محمد حسين يعقوب على قناة »الناس«: أولاً: الغرة وهي رقبة عبد أو أمة كتعويض لولي الجنين، وهو أمرٌ غير قائم في هذا العصر، والثاني: الكفارة طلباً لمغفرة الله عز وجل وهي عبارة عن صيام شهرين متتابعين فإن عجز الجاني عن الصيام فعليه إطعام ستين مسكيناً. أما في حالة إذا كان إسقاطه بغير عمد أوضح الشيخ يعقوب أنه يكتفي بالكفارة فقط وهي صيام ستين يوماً أو إطعام ستين مسكيناً عند العجز عن الصيام ولا غرة عليه، فإذا أذن الزوج وكانت هناك ضرورة فلا شيء عليها لأن الضرورات تبيح المحظورات أو إقرار الأطباء أن بقاء الجنين يؤدي إلى هلاك، أو انقطاع اللبن عند ظهور الحمل والرضيع يحتاج إليه وليس هناك بديل له. ثم تحدث الشيخ عن الضوابط التي وضعها الإسلام للإجهاض بما يحقق الخير للأم والأسرة والمجتمع، والتي منها إباحة الإجهاض لإنقاذ حياة الأم بشرط توفر العناصر الضرورة الشرعية ووجود دلائل واقعة وأدلة علمية لا اعتماداً على أوهام أو تخمين، أو أن تكون المفسدة المترتبة على عدم الإجهاض أعظم خطرًا من المفسدة المترتبة على الإجهاض، فالقاعدة الأصولية تنص على العمل بأخف الضررين، وفي غير هذه الأمور اعتبر الإسلام الإجهاض عن طريق تدخل الحامل أو غيرها جريمة. فالإجهاض العمد محرم لأنه يعتبر قتل نفس بغير حق وهذا من كبائر الذنوب التي نهى عنها القرآن يقول تعالى: »من قتل نفسًا بغير نفس أو فسادًا في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا«، كما أنه يعد تحد لإرادة الخالق سبحانه قال تعالى: »وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون«. واعتبره الشيخ أيضاً تشجيع للفتيات والفتيان على الفواحش والفساد، مما يؤدى لنشر الرذيلة وانهيار المجتمع، فالفتاة التي أقدمت على فعل الفاحشة كانت النتيجة أنها أصبحت حاملا ثم تخلصت من الحمل فهذا حرام شرعاً، ثم تأتي الطامة الكبرى بأنها تجري عملية الترقيع لتخدع الشاب الذي سيتقدم إليها في يوم من الأيام، فكل هذا يقع في الحرام فعندما يجلس والدها ويقول زوجتك ابنتي البكر، كذب فهي لم تعد بكرا بل هي زنت وحملت بل وتجرأت وأنكرت كل هذا وأجرت الجراحة لتخدع الشاب كل هذا بالكذب ويعد تزويراً أيضاً وتغييراً للحقيقة. كما تعد هذه الجريمة إثماً من الطبيب الذي شارك فيها لأن في عمله اعتداءً على حدود الله التي أمرنا بالبعد عنها، ومن هنا يأتي دور المؤمن الحق الذي يحرص حرصاً شديداً على أن يكون أبناؤه صالحين أقوياء »كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها«، فلابد من اختيار الزوجة الصالحة ومن هنا كان حرص الإسلام واضحًا على حسن اختيار الأبوين، لأنهما أصل الأبناء ومحضنهم، فلقد حث الإسلام المرأة وأولياءها على اختيار الزوج الصالح، وإن كان فقير المال، فقال تعالى: »ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم« البقرة: 221. وقال صلى الله عليه وسلم: »إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض« الترمذي وابن ماجه. كما حثّ الإسلام الرجل عل» اختيار الزوجة الصالحة، فهي البنية الأساسية قال تعالى: »ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم« وذلك ليضمن الأصل الصالح والمنبت الطيب للأبناء، فلا ينبغي للمسلم أن يتزوج المرأة لمالها أو لجمالها أو لحسبها فقط، بل عليه أن يبحث عن الدين مع كل ذلك، يقول رسول الله: »لا تَزَوَّجُوا النساء لحسنهن، فعسى حُسْنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدِّين«. وأوضح الشيخ يعقوب أن الإسلام أوصى الرجل أن يختار الزوجة الصالحة التي عُرفت بالشرف الرفيع والدين القويم، وحث على الزواج بالبكر لأنها أكثر إنجاباً للأولاد وأوثق علاقة بالزوج، كما حث على الزواج بالمرأة الولود الودود، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم«. وقال أبو الأسود الدؤلي ممتناً على أبنائه: أحسنت إليكم كبارًا وصغارًا وقبل أن تولدوا، قالوا: كيف أحسنت إلينا قبل أن نُولد؟! قال: اخترت لكم من النساء من لا تسُبُّون بهن. وقال أبو عمرو بن العلاء: لا أتزوج امرأة حتى أنظر إلى ولدي منها، فقيل له: كيف ذلك؟ فقال: أنظر إلى أبيها وأمها فإنها تأخذ منهما. وأضاف الشيخ: كما وضع ديننا الإسلامي الحنيف القواعد والأسس التي يختار كل من الزوجين الآخر في ضوئها، فإنه شرَّع من الآداب ما يحمي الذرية منذ تكوينها في رحم الأم، حيث وجه الآباء لاتخاذ كل التدابير الوقائية التي تصون الطفل مما قد يصيبه من نزعات الشياطين وغيرها، وذلك منذ مرحلة الإخصاب يقول الرسول الكريم: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال: باسم الله، اللهمَّ جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يُقدر بينهما ولدٌ في ذلك، ما لم يضرَّه شيطان أبدًا« وبهذه الطريقة جعل الإسلام من المرأة تربة خصبة لإنبات الذرية الصالحة النافعة لدينها ووطنها. ثم تحدث الشيخ عن ضرورة اهتمام الأم الحامل بصحتها الأمر الذي حثنا عليه دينُنا أيضاً حيث أُمرنا بالعمل على راحتها، وتوفير الغذاء لها، قال تعالى: »أسكنوهن من حيث سكنتم من حيث وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى. لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسرًا يسرًا«، فالحامل تحتاج إلى تناول غذاء كامل يحتوي على جميع العناصر الغذائية حتى ينمو جنينها قويا صحيحا لأنها هي المصدر الوحيد لغذائه، وعليها أن تحرص على تناول الطعام الحلال الطيب لأن من نشأ من حرام فالنار أولى به، فما حال الطفل الذي يأكل حراماً منذ أن كان جنيناً من المؤكد أنه سيفسد ويكون بئس الولد الطالح، كل هذه الأمور يجب أن يعلمها الزوج والزوجة فكلها أساسيات تبنى عليها الأسرة المسلمة. * الإجهاض هو إنزال الجنين قبل تمام نموه الطبيعي في بطن أمه، فإذا كان إسقاطه عمداً بغير سبب وبغير إذن الزوج فهو حرام شرعاً باتفاق الأئمة الأربعة ويجب على الجاني سواء أكانت أمه أو غيرها أمران وهما كما أوضح الشيخ محمد حسين يعقوب على قناة »الناس«: أولاً: الغرة وهي رقبة عبد أو أمة كتعويض لولي الجنين، وهو أمرٌ غير قائم في هذا العصر، والثاني: الكفارة طلباً لمغفرة الله عز وجل وهي عبارة عن صيام شهرين متتابعين فإن عجز الجاني عن الصيام فعليه إطعام ستين مسكيناً.