الصهاينة يستغلون الأزمة لانتزاع الأراضي العربية ** عقدت حكومة الاحتلال في السابع عشر من أفريل 2016 اجتماعها الأسبوعي في هضبة الجولان السورية المحتلة للمرة الأولى منذ وقوعها تحت الاحتلال قبل 49 عامًا. واستهل نتنياهو الاجتماع بالقول إنّ هضبة الجولان ستبقى بيد الصهاينة (إلى الأبد) وأنها لن تنسحب منها تحت أي ظرف. فما هي الأسباب التي جعلت الحكومة الإسرائيلية تعقد هذه الجلسة الاستفزازية في الجولان وما هي الرسائل التي أراد نتنياهو إيصالها؟ ق. د/وكالات سنّ الكنيست قانون ضم الجولان السوري المحتل لسيادة الاحتلال في الرابع عشر من ديسمبر 1981 باقتراح من حكومة مناحيم بيغن. وقد أثار ذلك الضم معارضةً عربيةً ودوليةً شديدةً ولم تعترف به أيّ دولة أو هيئة دولية. وعلى الرغم من ضم الجولان أجرت الحكومات المتعاقبة مفاوضات علنيةً وسريةً مباشرةً وغير مباشرة مع النظام السوري بشأن الانسحاب من الجولان وإعادته إلى سورية مقابل توقيع اتفاق سلام شامل بين سورية والاحتلال وتطبيع العلاقات بينهما. وقد فشلت هذه المفاوضات في كل مرّة بسبب تعنّت دولة الكيان ورفضها الانسحاب إلى خطوط الرابع من جوان 1967. وفي نوفمبر/ 2010 سنّ الكنيست بمبادرة من حكومة نتنياهو (قانون الاستفتاء العام) بغرض وضع العراقيل أمام أيّ انسحاب من أراض تخضع لسيادة الاحتلال وكان المقصود بذلك الجولان والقدس الشرقية المحتلة. وأكّد هذا القانون أنّ كلّ انسحاب صهيوني من منطقة تقع تحت سيادة الاحتلال يحتاج إلى أغلبية في استفتاء عام وقد أيّد القانون 61 عضواً في الكنيست من بين مجموع أعضائه البالغ عددهم 120 عضو. وعند انطلاق الثورة السورية في عام 2011 اتخذت دولة الاحتلال موقفاً يهدف إلى إطالة أمد هذه الحرب وإضعاف سورية إلى أقصى درجة ممكنة. ومنذ عام 2014 ولا سيما بعد ظهور تنظيم الدولة (داعش) أخذ قادة الاحتلال ومنظّروها يروّجون مقولة إنّ سورية التي كانت قائمةً قد انتهت ولم يعد بالإمكان إعادة تشكيلها وأنّ التقسيم على أسس طائفية وإثنية وجهوية بات أمراً واقعاً. وعلت أصواتٌ تدعو إلى استثمار الحرب في سورية ليس لدفع خيار تقسيمها فحسب وإنما أيضاً من أجل مطالبة المجتمع الدولي ولا سيما الولاياتالمتحدة الأميركية وروسيا والاتحاد الأوروبي للاعتراف بضم إسرائيل هضبة الجولان السورية المحتلة ومنح هذا الضم شرعيةً دوليةً. وثمّة مؤشرات حول تشجيع الاحتلال دولاً أخرى من أجل تقاسم سورية ليكون احتلالها جزءاً من تقاسم إقليمي لأراضيها. فقد دعا تسفي هاوزر المقرّب من نتنياهو والذي شغل منصب سكرتير الحكومة في السنوات 2009-2013 في مقال له بعنوان (فرصة تاريخية في الجولان) إلى استغلال الظروف الجديدة التي نجمت عن الحرب في سورية وانهيار الدولة السورية والتغييرات في الشرق الأوسط للعمل بكل جهد من أجل أن يعترف العالم بضم الجولان ومنحه شرعية دولية. وحاجج هاوزر أنه يتعين على دولة الكيان الصهيوني التي عجزت عن إفشال توصّل الدول الكبرى إلى (اتفاق سيء) مع إيران بشأن ملفها النووي أن تبذل الجهد للحصول على تعويض إستراتيجي ملائم من الولاياتالمتحدة. وطالب بألا يقتصر هذا التعويض الأميركي على تقديم الأسلحة النوعية الحديثة للاحتلال وإنما يشمل اعتراف الولاياتالمتحدة بضرورة بقاء الجولان السوري تحت السيادة الصهيونية عبر وعد رئاسي من البيت الأبيض وقانون من الكونغرس. وأشار هاوزر إلى أنّ الجولان السوري المحتل بخلاف المناطق الفلسطينية المحتلة لا يشكل مشكلةً ديموغرافية للاحتلال لأنه يوجد به 24 ألف سوري فقط مقابل21 ألف مستوطن يهودي. والمعروف أنّ دولة الاحتلال شرّدت أهالي الجولان في حرب عام 1967 وكان عددهم حينها نحو 130 ألف نسمة وقد أقام أكثرهم في أحياء قريبة من العاصمة دمشق مثل جديدة عرطوز والحجر الأسود وغيرها. وكان هؤلاء الذين وصل عددهم إلى نحو 600 ألف أول من ثار على النظام السوري مطلع عام 2011 ما أدى إلى تشريدهم مرة أخرى. ولكن على يد نظامهم (المقاوم) هذه المرة. وفي لقائه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في التاسع من نوفمبر2015 طرح بنيامين نتنياهو رغبة الاحتلال في بحث موقف الولاياتالمتحدة من ضم الجولان في ضوء تطورات الحرب في سورية. وذكرت المصادر أنّ نتنياهو طرح هذا الموضوع على أوباما باقتضاب في أثناء مداولاتهما وأنّ نتنياهو أشار إلى أنه يشك كثيرًا في إمكانية إعادة توحيد سورية ما يُوجب تفكيراً مختلفًا بشأن مستقبل الجولان. ولم يردّ الرئيس أوباما على ما قاله نتنياهو بشأن الجولان. وفي لقائه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في التاسع من نوفمبر 2015 طرح بنيامين نتنياهو رغبة الاحتلال في بحث موقف الولاياتالمتحدة من ضم الجولان في ضوء تطورات الحرب في سورية. وذكرت المصادر أنّ نتنياهو طرح هذا الموضوع على أوباما باقتضاب في أثناء مداولاتهما وأنّ نتنياهو أشار إلى أنه يشك كثيرًا في إمكانية إعادة توحيد سورية ما يُوجب تفكيراً مختلفًا بشأن مستقبل الجولان. ولم يردّ الرئيس أوباما على ما قاله نتنياهو بشأن الجولان. نحو إفشال أي تسوية في سورية أثار جهدُ الولاياتالمتحدةوروسيا في الشهور الأخيرة للدفع باتجاه التوصّل إلى حل سياسي للصراع الدائر في سورية خشيةَ نتنياهو من أن يسفر ذلك عن حل يحافظ على وحدة سورية. وقد استشاط نتنياهو غضباً عندما اطّلع على مسودة ورقة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا للحل في سورية والتي جاءت في 12 بندًا ونصّ الأول فيها على: (احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها ولا يجوز التنازل عن أي جزء من الأراضي الوطنية ... وأنّ الشعب السوري مازال ملتزماً استعادة مرتفعات الجولان المحتلة بالوسائل السلمية). وقد أدرك نتنياهو من هذه المسودة أنّ هذا البند لا يعبّر فقط عن موقفي المعارضة والنظام السوري بشأن استعادة سورية للجولان المحتل فحسب وإنما يعبّر أيضاً عن موقف الولاياتالمتحدةوروسيا والاتحاد الأوروبي. وقد اختار نتنياهو أن يردّ على ذلك بوسيلتين: الأولى بتكثيف اتصالاته مع كل من روسياوالولاياتالمتحدة فقد قام بترتيب زيارة هي الثالثة له إلى موسكو خلال الشهور السبعة الأخيرة. والثانية بالقيام بحملة إعلامية تؤكد مكانة إسرائيل ودورها الإستراتيجي في المنطقة ومصالحها الحيوية. وتؤكد من ناحية أخرى أنّ هضبة الجولان السورية المحتلة باتت جزءًا من إالكيان التي لن تنسحب منها تحت أي ظرف وأنّ أي حل للصراع في سورية يجب أن يقرّ بذلك. وقد قام نتنياهو في 21 أفريل الجاري بزيارة خاطفة إلى موسكو استكمالاً لجهده أعلاه ولإفشال أيّ حل سياسي يحافظ على وحدة أراضي الدولة السورية ويعيد الجولان المحتل إليها ولرفع مستوى التنسيق العسكري والأمني بين الكيان وروسيا بخصوص نشاطهما العسكري في سورية. وفي مستهل اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي دام ثلاث ساعات حرص نتنياهو على التأكيد أمام وسائل الإعلام أنّ هضبة الجولان السورية المحتلة خطٌ أحمرَ بالنسبة إلى الاحتلال وأنّ دولة الكيان لن تنسحب منها سواء في حالة التوصّل إلى حل للأزمة السورية أو في غيابه. وقد تمحورت المحادثات بين بوتين ونتنياهو حول موضوعين أساسيين: أولهما تعزيز التنسيق العسكري - الأمني بينهما لتجنّب حدوث تصادم بين طائرات الاحتلال والطائرات الروسية خصوصاً في ظل احتفاظ روسيا بمنظومة الصواريخ إس 400 المتطوّرة في سورية. وثانيهما الرؤية الروسية بشأن وقف إطلاق النار في سورية ومساعيها مع الولاياتالمتحدة للتوصّل إلى حل سياسي للحرب في سورية. وقد اتفق نتنياهو وبوتين على عقد اجتماع آخر بينهما في جوان المقبل بمناسبة مرور 25 عاماً على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. إجماع دولي على الرفض سارعت دول عديدة بما فيها الصديقة للاحتلال إلى الإعلان عن رفضها تصريحات نتنياهو بشأن الجولان السوري المحتل. وكانت ألمانيا أولى هذه الدول إذ أكّد الناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية أنّ ضم الجولان السوري المحتل يتناقض مع القانون الدولي ومع ميثاق الأممالمتحدة وأشار إلى أنّ المبدأ الأساسي في القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة يؤكد أنه لا يحقُّ لأيّ دولة ضم مناطق تابعة لدولة أخرى. كما أكّد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية أنّ الإدارة الأميركية لا تعترف بأنّ الجولان جزءٌ من الاحتلال وأنّ سياسة الولاياتالمتحدة الأميركية بشأن الجولان ثابتة تحت مختلف الإدارات ديمقراطيةً كانت أم جمهورية وأنّ مصير الجولان ينبغي أن يُحدَّد بواسطة مفاوضات بين الاحتلال وسورية. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنّ ضم الجولان السوري المحتل واستمرار احتلالها له يتناقضان مع القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة. وقد استنكر كلٌّ من النظام السوري والمعارضة السورية عقد حكومة الإحتلال اجتماعها في الجولان السوري المحتل وأكدا في تصريحات عديدة لهما رفضهما أقوال نتنياهو جملةً وتفصيلًا. وأكّد رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات عن المعارضة رياض حجاب في مؤتمر صحافي له أنّ الجولان أرضٌ سورية محتلة وأنّ هذه الأرض ستعود حتماً إلى سورية. وطالبت وزارة الخارجية السورية الأممالمتحدة ومجلس الأمن التنديد بتصريحات نتنياهو وبتنفيذ قرارات مجلس الأمن والأممالمتحدة ذات الصلة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري المحتل. أما جامعة الدول العربية فقد عقدت جلسة خاصة على مستوى المندوبين الدائمين فيها في 21 أفريل الجاري ودانت عقد حكومة الكيان اجتماعها في الجولان المحتل ورفضت في بيان لها على لسان أمينها العام أقوال نتنياهو وأكدت أنّ الجولان السوري المحتل أرضٌ عربية سورية محتلة ينبغي إعادتها إلى سورية.