ع· صلاح الدين الأحداث المتسارعة التي تعيشها تونس منذ ما قبل الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي لم يقتصر أثرها على الجانب السياسي لها والبلدان المجاورة لها والقريبة منها وإنما تعدّاه إلى الجوانب الاقتصادية، حيث يؤكّد خبراء أن جيران تونس وفي مقدّمتهم الجزائر، سيدفعون فواتير اقتصادية متفاوتة القيمة على المديين القصير والمتوسّط بالنّظر إلى نفور المستثمرين الأجانب من المغامرة بأموالهم في المنطقة في ظلّ الظروف الحالية لتونس· وجّه الاضطراب السياسي التونسي ضربة قاصمة لعمليات كان من المزمع أن تطرح أسهما في البلاد، وربما يجعل هذا الاضطراب عددا من التدفّقات الاستثمارية الهامّة لدول شمال إفريقيا ومنها الجزائر، والخليج تغيّر اتجاهها صوب بلدان أخرى، خصوصا وأن الاحتجاجات التي أدّت إلى الإطاحة بنظام الرئيس الهارب زين العابدين بن علي قد ألقت بظلالها على المنطقة الممتدّة من الأردن إلى المغرب وخلّفت تراجعا لأسواق الأسهم والعملات وارتفعا في تكلفة تأمين الديون· ويرى كثيرون أن الإطاحة ببن علي الذي حكم تونس بقبضة حديدية لأكثر من عشرين سنة، أمر إيجابي، إلاّ أن حالة الفوضى جعلت الأسهم التونسية تهوي بنسبة تزيد عن ال 15 بالمائة دفعة واحدة، في الوقت الذي شهدت فيه تكلّفة تأمين الديون التونسية ارتفاعا جاوز ال 200 بالمائة، ما يعتبره مثلا دانييل بروبي، وهو مدير الاستثمار في سيلك انفست مؤثّرا على الاستراتيجيات الاستثمارية على الأمد القصير مقابل أمد طويل سيشهد تحسّنا عن الوضعيات المالية السابقة له، ما يدفع حسب تصوّر بروبي دائما، صوب وضوح سياسي حقيقي قبل معاودة الاستثمار· من جهته، يتوقّع بنك باركليز أن تؤدّي الخسائر الاقتصادية الفورية وتراجع أعداد السائحين والتدفّقات الاستثمارية المباشرة إلى تقليص نمو عام 2011 إلى 4 بالمائة عوض 5 بالمائة في المنطقة رغما عن صغر سوق الأسهم التونسية التي لا تشكّل سوى 0.7 بالمائة من مؤشّر إم·إس·سي·إي للإسواق النّاشئة الجديدة· وبقيمة سوقية محدّدة في 10 مليارات دولار، أي 10 بالمائة لا غير من القيمة السوقية للأسهم في بورصة مصر ونظيرتها المغربية· إن النمو الاقتصادي المتواصل في تونس بن علي وشركاتها التي تحقّق أرباحا معقولة وتتيح فرصا نادرة للاستثمار في الجزائر وليبيا، كان قد جعل البورصة التونسية تجتذب تدفّقات استثمارية بوتيرة ثابتة إلى درجة أن حصّة الأجانب في أسهم التداول الحرّ تقدّر في 25 بالمائة، هذا قبل أن تؤجّل عمليات الطرح العام الأوّلي التي كانت ستساند السيولة وتعزّز موقف تونس الاستثماري وتصبح مجموعة اتّصالات تونس من كبار المتضرّرين بعد أن كانت تأمل في أن تغدو أوّل شركة تونسية تطرح أسهمها في أوروبا· ريتشارد سيغال، مدير قسم الأسواق الناشئة في نايت كابيتال يرى أنه من الواضح أن الحكومة التونسية ستضطرّ إلى إعادة النّظر في خططها المالية بعد أن بات المستثمرون الأجانب الذين تعرّضوا لخسائر في تونس قلقين من انتقال الأحداث التي شهدتها الأيّام الأخيرة إلى بلدان مجاورة ومتخوّفين من فقد استثماراتهم الأكبر حجما في بلدان أخرى بشمال إفريقيا والخليج· أمّا أوليفر بل، كبير مديري الاستثمار في بيكتيه فيرى وجود اختلاف في تونس بشكل يجعل القلق يطال شؤون بقية دول شمال إفريقيا، خاصّة في الدول التي يحكمها حاكم واحد منذ زمن طويل، وأن النّاس سيتحفّظون اتجاه رصد مزيد من الأموال للاستثمار في المنطقة· وقال محلّلو باركليز في مذكّرة لهم: نسبة انتقال أزمة تونس إلى بقية الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا يستهان بها في نظرنا·