فتحية عطية عام تلو الآخر وخاصة في شهر أفريل الذي يعتبر أسوأ فترة على المسجد الأقصى هذا الشهر يكون شاهدا على أوسع تحضيرات وترتيبات من جانب المنظمات الاستيطانية والتهويدية لاقتحام المسجد وإقامة شعائر تلمودية فيه بحماية قوات الاحتلال. خلال الموسمين عيدي الفصح والعرش العبريين يصل تدنيس حائط البراق وساحاته أعلى المستويات حيث يختار الاحتلال الصهيوني يوما واحدا من كلا العيدين لاستعراض تلمودي يطلقون عليه اسم (بركة الكهنة) يشارك فيه عشرات الآلاف تتقدمهم قيادات دينية في (الربانوت) الإسرائيلية منهم (الراب) الرئيسي الاشكنازي و (الراب) الرئيسي الشرقي ومئات الحاخامات. فما السر وراء التصعيد الأمني الكبير للاحتلال الإسرائيلي في حق أبناء القدس والمسجد الأقصى والذي يتزامن مع احتفالات بأعيادهم اليهودية؟ ترجع تداعيات عيد الفصح اليهودي على المسجد الأقصى إلى المزاعم الإسرائيلية الكبرى بوجود الهيكل تحت قبة الصخرة ووجود (أمر توراتي) بضرورة إعادة بناء الهيكل المزعوم إن توفرت الظروف حيث يستمر هذا العيد يستمر لسبعة أيام يأكلون فيها الخبز بلا خميرة وهذا راجع لزعمهم لأنهم عندما تاهوا في سيناء بعد عبادة العجل لم يكن معهم قمح ولا طحين. كما تقوم طواقم بجمع قصاصات ورقية تحتوي طلبات ودعوات وأمان يضعها الزوار بين حجارة ما يطلقون عليه (حائط المبكى) المسمى الاحتلالي الباطل لحائط البراقذ والتحضير والترتيب لهذه الأعياد يتم مسبقا بتنظيف شاملة لبلاط ساحة البراق التي هي في الأصل حي المغاربة الإسلامي الوقفي الذي هدمه الاحتلال في 11 جوان 1967 بعد أربعة أيام من احتلال شرقي القدس والمسجد الأقصى وهدموا الحي بأكمله وتم تحويله إلى ساحة صلاة يهودية تعتبر أكبر كنيس يهودي في العالم. وقد تم الادعاء أنه (حائط المبكى) باعتباره من بقايا أسطورة هيكلهم المزعوم حيث يبكون عنده على خراب هيكلهم متمنين إعادة بنائه سريعا على حساب وأنقاض المسجد الأقصى. تدنيس علني وحسب ادعاءات الإسرائيليين أن (بركة الكهنة) هي مناسبة اخترعها أحد الكهنة الإسرائيليين عام 1970 على خلفية أحداث جسام عصفت بالاحتلال الإسرائيلي خلال ما عرف بحرب الاستنزاف وبحثوا لها عن مرجعيات دينية تلموذية وهي بالأساس تجمّع يدعو إلى الحفاظ على دولة إسرائيل وشعبها أمام عاتيات ومصائب الزمان وتوافق (بركة الكهنة) كل سنة يوم 25 أفريل وسط أيام عيد الفصح العبري وتنطلق رسميا بصلاة وشعائر تلموذية صباحية الساعة الثامنة وخمسة وأربعون وتستمر بمراسيم حاشدة حتى الساعة العاشرة ونصف بالإضافة إلى مراسيم استقبال أخرى كتقديم القرابين وحرقها فحسب زعمهم أن (الإله) يتلذذ برائحة حرق القربان وأن اليهود كانوا يتقربون إلى الله بهذه الذبائح في عهد النبي موسى ولذلك فهم يذبحونها في هذا العيد قرب ما ادعوا أنه الهيكل المزعوم داخل الأقصى. كما أن كبير الحاخامات المخول الوحيد للدخول إلى ما تسمى (قدس الأقداس) وتقديم القربان التي هي عبارة عن دجاج وحمير وأحيانا خنازير يحملونها فوق رؤوسهم ليغفر الله ذنوبهم التي اقترفوها طوال العام ! ويتخلل هذه الاحتفالات بعيد الفصح طقوس تلموذية بالرقص والصراخ عند باب المغاربة وباب السلسلة -من أبواب المسجد الأقصى- إضافة لزيارة حائط البراق ووضع قصاصات من الورق بين طياته تحتوي على أدعية بنصرهم. وعرفت هذه السنة تصعيدا أمنيا كبيرا قبيل انطلاق هذا الاحتفالات من طرف الاحتلال وذلك بشن حملات اعتقال وإبعاد واسعة للمقدسيين وهذا بهدف تفريغ المسجد الأقصى إضافة لاقتحامات الواسعة للمستوطنين لساحات المسجد الأقصى كما كثفت منظمات الهيكل المزعوم عملها وهذا ما جاء في الرسالة التي بُعثت إلى رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الرابع من أفريل الماضي طلبت فيها تأمين ذبح القرابين داخل الأقصى في عيد الفصح زاعمة أن هذا العام هو الأنسب للقيام بهذه المناسبة وتسعى هذه المنظمات لتقديم القرابين جنوب شرق قبة الصخرة داخل المسجد وقد جاء في رسالتها أيضا أنها وضعت اللمسات الأخيرة والتحضيرات اللازمة لهذا الأمر داعية إلى ما زعمت أنه (تحقيق حقوق اليهود الدينية في جبل الهيكل ومن ضمنها إقامة هذه الشعيرة اليهودية المهمة). أتمت الجهات المعنية لدى أذرع الاحتلال الإسرائيلي الدينية والأمنية استعداداتها لموسم جديد مما وصفه مقدسيون _ التدنيس الفظّ _ لقدسية حائط البراق وساحته الملاصقة هذا وقد أعلنت هذه المنظمات أنها تحضر لاقتحامات جماعية متميزة هذا العام للمسجد الأقصى بمناسبة عيد الفصح العبري الذي يبدأ يوم 23 أفريل الحالي موضحة أنها بحاجة لمتطوعين وموظفين ومرشدين للقيام بأعمال وترتيبات منها توزيع منشورات وملصقات وهدايا تدعم وتدعو إلى الاقتحامات تحديدا خلال الفترة ما بين 24-28 أفريل. وبهذا فإن الاحتلال الإسرائيلي يستغل أي مناسبة توراتية أو غير ذلك لاقتحام المسجد الأقصى على أوسع نطاق وذلك بهدف إيجاد موطئ قدم لهم داخل الأقصى يمكن تطويرها في كل عام عن العام الذي سبقه. مع كل هاته التحضيرات العلنية لهذا الاحتفال وتداعيتها على المسجد الأقصى المبارك في ظل صمت عربي إسلامي غريب!