الشيخ: قسول جلول الخلق المذموم اليوم الأثرة الأثرة بالتعبير المتداول الأنانية وحب الذات!! فلذلك الأثرة أحد أكبر مظاهر العصر هدما وأكبر المعاول لتحطيم مقومات المجتمع هناك آيات قاصمة الظهر قال تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَاد فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [سورة التوبة: 24] لا مسامحة في حقوق العباد فاحذروا: اغتصاب أموال الغير وأملاكهم هو من الأثرة لمجرد أن تؤثر بيتاً مريحاً وأن تغتصبه بقوة القانون وأن تمنعه صاحبه فأنت قد وقعت في هذه الآية وصار الطريق إلى الله ليس سالكاً لمجرد أن تأخذ ما ليس لك من جوزات السفر الخاص بالحج الخ أو أن تمنع الآخرين من الوصول إلى حقوقهم... فأنت متلبس بخلق الأثرة أدِ الذي عليك واطلب من الله الذي لك لأن حقوق العباد مبنية على المشاححة بينما حقوق الله مبنية على المسامحة. أنت بخير إن لم تغتصب مالاً أنت بخير إن لم تبنِ مجدك على أنقاض إنسان أنت بخير إن لم تبنِ غناك على إفقار إنسان أنت بخير إن لم تبنِ أمنك على إخافة إنسان أنت بخير إن لم تبنِ حياتك على موت إنسان قبل أن تعمل الصالحات وقبل أن تجتهد في الطريق إلى الله أدِ الذي عليك واترك الأخرين يؤدون حجهم ويدعون ربهم خير لك من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام. والخلق المحمود أن يؤثر أخاه المؤمن في حظوظ الدنيا وحتى الحظوظ المتعلقة بالحج والعمرة على نفسه طلبا لثواب الآخرة وأن من أعظم الكرامة أن تؤثر بخيرك لغيرك بل يعتبر ذلك من خصائص المؤمن لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)..!!. ظهرت في المدة الأخيرة الأنانية بأشكالها وأنواعها وامتدت بأذرعها لتشمل حتى الشعائر الدينية وما تعبدنا الله به مثل الحج والعمرة ... ونحن على مقربة من أشهر الحج لأداء شعيرة من أعظم شعائر الإسلام تتشوق النفوس لأدائها وتهفو القلوب لاستجابة نداء الخليل إبراهيم عليه السلام يتنافس الناس فيها. فمنهم من حج واعتمر عشرات المرات ومنهم من حج واعتمر في السنة مرة أو مرتين !! فقلت هل الأنانية تكون في الشعائر الدينية؟ كما تكون في الأشياء المادية؟ فالذي يمنع إخوانه من الحج والعمرة أشد أنانية من الأمور الأخرى لأنهم يوثرون أنفسهم على إخوانهم الذين لم يحجوا ولم يعتمروا مرة في حياتهم !! فالأنصار يوثرون المهاجرين على أنفسهم رغم حاجتهم وقلة ما في يدهم وأشركوهم في كل شيء ....!! لماذا لا يشرك هؤلاء الذين حجوا عدة مرات إخوانهم الذين لم يحجوا أم أن الأنانية في الشعائر الدينية أصبحت من الدين !!؟ ... ولا حول ولا قوة إلا بالله ... أخلاق ذميمة من الأخلاق المذمومة: الأَثَرة (الأنانية) الأخلاق المذمومة انطلاقاً من قول سيدنا حذيفة رضي الله عنه قال((كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ أقع فيه)) متفق عليه. فالإيثار وحب الخير هي من أخلاق المسلم التي اكتسبها من تعاليم دينه ومحاسن إسلامه الإيثارعلى النفس وحب الخير للغير وأن يجود بالمال عند الحاجة إليه وليس بعد الإيثار درجة في السخاء والمسلم في إيثاره وحبه للخير ناهج نهج الصالحين السابقين وهو درب الفائزين الذين أثنى الله عليهم. قال تعالى (الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خصاصة) الآية 9 سورة الحشر أو بمعنى آخر أن الإيثار هو أن يقدم المسلم حاجة غيره من الناس على حاجته برغم احتياجه لما يبذله فقد يجوع ليشبع غيره ويعطش ليروي سواه بل قد يموت في سبيل حياة الآخرين كالمجاهدين الذين قدموا أنفسهم لله دفاعا عن إخوانهم ..!! وبهذا الشعور النبيل يجدد حقيقة إيمانه فيطهر نفسه من الأثرة والأنانية التي هي حب النفس وتفضيلها على غيرها وهي صفة ذميمة نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم. فما أقبح أن يتصف الإنسان بالأنانية وحب النفس وما أجمل أن يتحلى المسلم بالإيثار وحب الآخرين والإيثار خُلق رفيع يبعد الإنسان عن الظلم والرذيلة (كالغش والبهتان - وإيذاء الآخرين وهو نتيجة الزهد في الدنيا وإيثار الآخرة ولا يمكن الوصول إلى خُلق الإيثار إلا بالقناعة والسخاء والبذل والعطف على العباد ويفتحون لهم أبواب الخير كلها ولايقفون سدا منيعا في تحقيق أمنيتهم في الحج والعمرة والزواج والسكن ومنافع الحياة الأخرى بل يساعدونهم على ذلك بالمال وبالجاه لأن من خصائص المؤمن أن يؤثر أخاه المؤمن في حظوظ الدنيا وحتى الحظوظ المتعلقة بالحج والعمرة على نفسه طلبا لثواب الآخرة وأن من أعظم الكرامة أن تؤثر بخيرك لغيرك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) متفق عليه أي كما تحب الحج والعمرة لنفسك فتحب أن يحج أو يعتمر غيرك من الذين أخذت مكانهم بمالك بجاهك بسلطانك!! أهذا هو الإسلام !!؟ وفي خلق الايثار قال الامام ابن القيم رحمه الله: - أن تؤثر الخلق على نفسك فيما يرضي الله ورسوله والحج والعمرة مما يرضي الله وهذه هي درجات المؤمنين من الخلق والمحبين من خلصاء الله. سجل التاريخ بأحرف من ذهب مواقف خالدة للمسلمين وصلوا فيها الدرجة العالية من الإيثار. لما مات سيدنا جعفر ابن أبي طالب ترك ثلاثة أطفال والصحابة ضعفاء فقراء وقف النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من يكفل أولاد جعفر؟ يقول الراوي: فخرج ثلاثة من الصحابة يتشاجرون: أنا يارسول الله بل أنا يا رسول الله .... ما أجمل هذا الخلق الكريم الذي تخلق به أفراد المجتمع الإسلامي وأصبح أن كل خلائق المسلم الفاضلة وكل خصائله الحميدة إنما هي مستقاه من ينابيع الحكمة المحمدية أو مستوحاه من فيوضات الرحمة الالهية والخلق المذموم اليوم الأثرة الأثرة بالتعبير المتداول الأنانية وحب الذات يعني الأثرة: أن يختص الإنسان بالمنافع من أموال ومصالح دنيوية ويستأثر بذلك فيحجبه عمن له فيه نصيب أو هو أولى به منافع مكاسب مراكز مكتسبات ميزات خصائص يخصها لنفسه ولمن حوله ويستحقها آخرون أو هي من حق الآخرين عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْد قَالَ: رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَُنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى للَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ) البخاري. حينما تعطي الفقير حقه وتعطي المريض حقه وتعطي المظلوم حقه وتعطي المشرد حقه وتعطي الجاهل حقه تعلمه أنت حينئذ تسهم في بناء مجتمع متكافل متعاون متراحم.