الخطر يتواصل بعد عقد من الزمن 47 عاما على حرق المسجد الأقصى لم تمرَّ على المسجد الأقصى والقدس عموما فترة عصيبة كالتي جرت في تاريخ 21 أوت 1969 فحتى حادثة احتلال المسجد الأقصى كانت أقل وطأة من إشعال النيران في المصلى القبلي وتدمير أجزاء منه. ففي يوم الخميس الموافق 21 أوت 1969 اقتحم الأسترالي مايكل دينس روهان المسجد الأقصى من باب المغاربة مع الوفود السياحية الصباحية التي كانت -وما زالت- تفد إلى المسجد الأقصى ودخل المصلى القبلي حيث كان يسمح في حينه لغير المسلمين بالدخول إلى المصليات المسقوفة داخل الأقصى وعندما وصل إلى منطقة المحراب ومنبر نور الدين زنكي -المعروف أيضا بمنبر صلاح الدين- سكب مادة حارقة شديدة الاشتعال وأضرم النيران فيهما وهرب. حريق حتى القبة فما هي إلا بضع ثوان حتى نشبت النيران في زاوية المصلى الجنوبية وأخذت تتجه شرقا في المصلى حتى وصلت مسجد عمر ومقام الأربعين ومحراب زكريا في زاوية المصلى القبلي الجنوبية الشرقية كما أخذت تعلو حتى وصلت قبة المصلى القبلي المصنوعة من الفضة الخالصة. كان مشهد الدخان الأسود الكثيف يتصاعد من المصلى القبلي موحيا بحجم الكارثة فهُرع الموجودون في المسجد والقدس للمساعدة في إخماد النيران فمنهم من استخدم ملابسه ومنهم من سارع إلى إخراج المياه من الآبار الموجودة في المسجد إذ كانت سلطات الاحتلال في حينه قد فصلت المياه عن منطقة المسجد الأقصى ومحيطه. أما سيارات الإطفاء التابعة للاحتلال في القدس فتباطأت في الحضور حتى إن سيارات الإطفاء وصلت من مدينة الخليل جنوب الضفة ورام الله وسطها قبل إطفائيات الاحتلال. وأثناء إخماد الحريق تفاجأ المشاركون أن النيران امتدت خارج المسجد إلى الزاوية الجنوبية وبعد التحري والفحص تبين أن المادة الحارقة الشديدة الاشتعال رشت من داخل المسجد ومن خارجه. وبعد عناء دام ساعات استطاع الفلسطينيون إخماد الحريق ومنعه من الإتيان على جميع المصلى القبلي ورغم ذلك فإن الأضرار كانت جسيمه حيث أتت النيران على منبر نور الدين زنكي ولم يتبقَّ منه إلا قطع خشبيه صغيرة وضعت في المتحف الإسلامي كما أكلت النيران زخارف خشبية كانت تزين أعمدة المصلى تعود للفترة الأموية. ودمرت النيران القبة الخشبية الداخلية في المصلى القبلي وزخرفتها الجبسية الملونة والمذهبة إضافة إلى جزء من السقف ومحراب المصلى القبلي الرئيسي والجدار الجنوبي والتصفيح الرخامي الذي كان يزينه و48 نافذة مصنوعة من الجبس والخشب والزجاج الملون والسجاد العجمي وغير ذلك الكثير. وفي نهاية المطاف اعتقل الاحتلال الفاعل مايكل دينس روهن وادعى أنه مجنون ومن ثم رحله إلى بلده أستراليا. بعد عام واحد من حريق المصلى القبلي بدأت أعمال الترميم فيه بتشكيل لجنة إعمار الأقصى حيث وضع حاجز من الطوب يفصل ربع المصلى القبلي المحروق عن باقي الأروقة التي لم تتأذَّ. ووضع بدل منبر نور الدين زنكي منبر حديدي واستمرت أعمال الترميم حتى عام 1986 فأزيل الطوب واستؤنفت الصلاة في الجزء الجنوبي من المسجد بينما بقي المنبر الحديدي حتى عام 2006 ريثما صنعت الأوقاف منبرا على شاكلة الذي حرق. تدمير الرمز ويقول مدير أكاديمية الأقصى المتخصص في تاريخ مدينة القدس ناجح بكيرات إن استهداف المصلى القبلي استهداف للتاريخ الإسلامي كونه المصلى الرئيسي في الأقصى ويحوي أيضا المنبر الذي أحضره صلاح الدين بعد فتحه المدينة لذلك أرادوا تدمير رمز تحريرها. وأضاف أن ردود الفعل العربية في حينه اقتصرت على الاستنكار رغم تشكيل منظمة المؤتمر الإسلامي وهو ما دفع رئيسة وزراء الاحتلال في حينه جولدا مئير للقول: عندما حُرق الأقصى لم أبت تلك الليلة واعتقدت أن الاحتلال ستُسحق لكن عندما حلَّ الصباح أدركت أن العرب في سبات عميق. وعن سبب ردة الفعل الضعيفة قال بكيرات إن العرب كانوا لا يزالون تحت تأثير صدمة هزيمتهم في حرب 1967 التي أسفرت عن سقوط فلسطين كاملة بيد الاحتلال ولهذا لم يحركوا ساكنا. وفي هذه الذكرى الاليمة قتحمت مجموعة من المستوطنين المتطرفين صباح أمس الأحد باحات المسجد الأقصى تحت حراسة وحماية مشددة من جيش وشرطة الاحتلال ووسط محاولات المصلين والمرابطين فيه التصدي لهم بصيحات وهتافات التكبير. وكثفت شرطة الاحتلال من تواجدها في محيط المسجد الأقصى وفي البلدة القديمة من القدس بالتزامن مع إحياء المقدسيين لذكرى جريمة إحراق المسجد الأقصى التي قام بها أسترالي يهودي يدعى مايكل روهان في 21 أوت من العام 1969 وأتت في حينه على أجزاء مهمة من المسجد بما في ذلك منبر صلاح الدين.