بعد يومين من قيام عدد من دول منابع النيل السبع وهي، إثيوبيا ورواندا وأوغندا وتنزانيا، بالتوقيع على اتفاقية جديدة للمياه بمدينة عنتيبي الأوغندية دون مشاركة دولتي المصب (مصر والسودان)، أعلنت صحيفة »إثيوبيان نيوز« الإثيوبية أمس عن افتتاح أكبر سد مائي على بحيرة تانا أحد أهم موارد نهر النيل. وقالت الصحيفة إن سد »بيليز« الذي يقع في ولاية أمهرة الواقعة على بعد 500 كيلو من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، والذى كلف 500 مليون دولار، وتم تمويله بالجهود الذاتية للحكومة الإثيوبية، دون تدخل أي مساعدات أجنبية، سيولد المزيد من الطاقة الكهرومائية باستخدام الموارد المائية لبحيرة تانا، لافتة إلى أنها المرة الأولى التي تستغل فيها إثيوبيا نهر النيل، والذي تشاركها فيه تسعُ دول أفريقية. ونقلت الصحيفة عن ميهريت ديبيبي، المدير التنفيذي لسد بيليز، أن السد الجديد سيساهم في زراعة 119ألف هكتار، وسيمد شبكة الطاقة الوطنية بالدولة ب23٪ من الكهرباء، لافتا إلى أنه سيتم التوسع في إنشاء فروع أخرى للسد كمراحل أخرى فى الإنشاء حتى يكون بيليز هو أكبر سد مائى في صحراء أفريقيا، حيث وقعت إثيوبيا اتفاقية تعاون مع شركات صينية لاستكمال باقي الأفرع في الأربع سنوات المقبلة. وحذر خبراء في مجال المياه من خطورة إنشاء هذا السد على حصة مصر من مياه النيل، واصفين إنشاءه ب»السابقة الخطيرة« التي ستدفع دول حوض النيل الأخرى إلى أن تحذو حذو إثيوبيا وتقوم بإنشاء السدود دون الرجوع إلى مصر. وأوضحوا أن هناك من سيخرج ويقول إن هذه السدود مخصصة فقط لتوليد الكهرباء، والرد على هؤلاء هو أنه ليست هناك مشروعات لتوليد الكهرباء وأخرى للمشروعات الزراعية، فكل السدود هي لتخزين المياه وبالتالي فإن تخزين المياه سيؤثر بالسلب في حصة مصر من مياه النيل. وأشاروا إلى أن إثيوبيا لديها خطة معلنة تستهدف إنشاء 40 سداً لتوفير ما يقرب من 7 مليارات متر مكعب سنوياً. ويأتي الإعلان عن افتتاح السد الاثيوبي الجديد بعد أن كشف تقريرٌ رسمي أصدره وزراء المياه في إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا، نشر عبر الموقع الإلكتروني لدول حوض النيل عقب توقيعها على اتفاقية جديدة لتنظيم الموارد المائية لنهر النيل من دون مصر والسودان، عن أن هذه الدول سوف تقوم بعدة إجراءات للحصول على مشروعية دولية للاتفاق من خلال التصديق عليها داخل الأجهزة التشريعية والتنفيذية لها أو على المستوى الإقليمي والدولي. وأشار التقرير إلى أن هذه الدول ستسعى لإضفاء الشرعية الدولية على الاتفاق. وقال وزير الري الأوغندي اصفاو دينجامو، في تصريحات صحافية عقب انتهاء مراسم التوقيع في العاصمة الأوغندية عنتيبي: إن الاتفاقية الجديدة تهدف لتحقيق المنفعة للجميع وعدم الإضرار بأية دولة من دول الحوض، واصفا الاتفاق بين دول منابع النيل الأربع بالتاريخي وأنه يتوج جهود 10 سنوات من المفاوضات وهو ما اعتبره اتفاقا عادلا. ويتضمن الاتفاق الجديد بين دول منابع النيل منح دول أعالي النهر الحق في إقامة المشروعات المائية في حوض النيل دون الحصول على موافقة مصر والسودان، بالإضافة إلى عدم الاعتراف باتفاقيتي 1929، 1959 لتنظيم موارد نهر النيل وعدم الالتزام بنظام الحصص المائية لدولتي المصب »مصر والسودان«. مبارك يدعو إلى قمة في هذه الأثناء، قالت مصادر مصرية مطلعة، إن الرئيس حسني مبارك سيدعو إلى قمة تضم رؤساء دول حوض النيل لمناقشة آليات مواصلة المفاوضات بين دول الحوض والتوصل إلى اتفاقية شاملة تضم الجميع، ومراجعة قرارات دول منابع النيل الأربع في قرارها بالتوقيع على الاتفاقية الإطارية للتعاون، دون مشاركة جميع دول الحوض. وأضافت المصادر لصحيفة »العرب« القطرية أنه من المقرر كذلك أن يناقش مجلس الوزراء المصري برئاسة الدكتور أحمد نظيف خلال اجتماعه المقبل الموقف من سير المفاوضات مع دول حوض النيل بعد قيام إثيوبيا ورواندا وأوغندا وتنزانيا بالتوقيع على اتفاقية جديدة للمياه من دون مشاركة دولتي المصب (مصر والسودان) وهو ما »يجعلها تفقد مشروعيتها على المستوى الدولي« على حد قول المصادر. وتابعت أن وزير الري المصري الدكتور محمد نصر الدين علام سيعرض على المجلس تقريرا عن الوضع الحالي للمفاوضات, والموقف المصري من توقيع دول المنبع الأربع على الاتفاقية الجديدة من دون مصر والسودان، والإجراءات المصرية للحفاظ على حصتها من مياه النهر والبالغة 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا، والتأكيد على أن مصر مستمرة في تنفيذ المشروعات المشتركة في مجالات المياه والاستفادة من فوائد النهر البالغة أكثر من 95 بالمائة من كميات الأمطار المتساقطة على أعالي النيل في الهضبتين الإثيوبية والاستوائية والتي تصل لأكثر من 1660 مليار متر مكعب من المياه سنويا. حروب حقيقية في سياق متصل، حذر د.عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق وأستاذ القانون الدولي والمحكم الدولي من أن قيام عدد من دول المنبع بالتوقيع على اتفاقية عنتيبي، سوف يجر المنطقة إلى حروب مائية حقيقية. وأشار إلى أن اجتماعات شرم الشيخ مثلت تطورًا خطيرًا في الموقف، بعد أن بات الحديث واضحًا عن فصل مصر والسودان عن بقية دول الحوض ولجوء دول المنابع إلى توقيع منفرد على اتفاقية لا تتضمن استجابة للمطالب المصرية والسودانية، لافتًا إلى أن هناك تحريضًا من دول خارجية كإسرائيل أدى إلى تصاعد الأزمة في حوض النيل، مشيرا إلى أن ما تقوم به إسرائيل في هذه المنطقة الإستراتيجية من القارة الإفريقية يمثل ضربة للعلاقات. وأوضح الأشعل أن الاتفاقية التي تم توقيعها بين أربع من دول منابع النيل، في عنتيبي بأوغندا لتوزيع الحصص بالتساوي بين كل الدول التسع غير ملزم من الناحية القانونية لباقي الدول التي لم توقع عليها خاصة مصر والسودان.. مؤكدًا أن التوقيع »باطل« ويعدُّ »سذاجة قانونية« وضد القانون الدولي. وأكد أن القانون الأفريقي يشير إلى أنه لا يجوز للاستعمار أن يرهن موارد الدولة، وبالتالي فالدول الإفريقية الموقعة على اتفاقية النيل في 1929 غير ملزمة بالاتفاقية، لأنها وقعت أثناء احتلالها من الانجليز.. فكيف نوفق بين القانون الدولي والقانون الافريقي في ظل عجزنا عن استغلال النهر كمجال للتعاون بيننا وبين دول حوض النيل. يشار إلى أن اتفاقية 1929 تمنح لمصر »حق« احتكار 87 بالمائة من مياه نهر النيل برغم أنها ليست سوى دولة مصبّ، مقابل 13 بالمائة فقط لسبع دول أخرى، ومنها 4 دول ينبع النيل من أراضيها، وهو اعتبرته اتفاقا جائراً أمضاه الاستعمار الانجليزي نيابة عنها ومنح حقوقها من المياه لمصر دون وجه حق، وقد شرعت هذه الدول في التفاوض مع مصر منذ 10 سنوات بهدف مراجعة اتفاقية 1929 الجائرة، لكن مصر أبدت تعنتا غير مقبول وتمسكت بما أسمته »حقوقها التاريخية« في مياه النيل التي تمنحها »حق« احتكار 87 بالمائة منها دون وجه حق، مما دفع أربعاً من هذه الدول يوم الجمعة الماضي إلى توقيع اتفاقية جديدة تضمن تقسيماً أكثر عدلاً لمياه النيل.