لأنّ المال والبنين زينة الحياة الدنيا، فإنّ إنجاب الأطفال قد يكون أكثر ما يٌسعد الزوجين، إلاّ في بعض الحالات التي يأتي فيها جنس المولود مخالفا لربة الأب او الأم، وقد يتقبلان ذلك، لكن آخرين، يفعلون المستحيل من أجل أن يُرزقا بالجنس الذي يريدانه، ولو كان ذلك عبر اللجوء إلى العلم، وإلى العمليات التي قد تكون أضرارها أكثر من فوائدها. مصطفى مهدي انتشرت مؤخرا في أوروبا ما يسمى بتغيير جنس المولود، او بالأحرى اختيار جنس المولود، ليس عند ولادته، ولكنه قبل ذلك، عبر اختيار النطفة المناسبة لوضعها في رحم المرأة، ويشرح لنا سعيداني رابح، طبيب مختص في أمراض النساء والولادة الأمر قائلا: "العملية تستغرق أربع ساعات، تستخدم جهاز"ميكروسوفت" لإنتاج أشعة ليزرية تقوم بفرز الحيامن التي تنتج أجنة أنثوية عن مثيلاتها من الحيامن التي تنتج أجنة ذكرية، ليجتمع كل منهم في مكان مخصص لذلك ثم تلقح الأمهات بالنوع المختار لإنتاج الجنس المراد من الأبناء". لكن يذكر الطبيب أنّ هذه العمليات لم تعرف طريقها إلى الجزائر بعد، وأنّ المواطنين الراغبين في انجازها يسافرون إلى أوروبا، خاصة الذين يملكون الإمكانيات المالية اللازمة. العملية عرفت ومنذ اكتشافها قبل سنوات، تعرضت إلى هجوم شديد خاصة من طرف المحافظين من مؤسسات وأفراد، اختلف حولها علماء الدين، والساسة، حتى أنّ بعض الدول منعت تلك العمليات فيما سمحت بها بلدان أخرى، ونذكر بلجيكا مثالا لدول التي صارت مثل هذا العمليات شيئا عاديا بها، لكن مع ذلك فعلى الراغب بتغيير جنس ابنه أن يقدم حججا لذلك، كان تكون حججا اجتماعية من مثل انه لا ينجب إلاّ الإناث ويريد ذكرا، او العكس، قبل آن يتم قبول طلبه، أما بلدان أخرى، مثل فرنسا، فقد منعت تلك العمليات، ولازال الجدل قائما بها، بين رجال العلم ورجال الدين والمحافظين. أمّا في الجزائر، فالكثير من الآباء او الأمهات، ورغم رغبتهم في اختيار جنس ما، إلاّ أنهم لا يُفكرون في هذه العمليات، فبالإضافة إلى انه لا يُعمل بها عندنا، فهي، وحتى بعد السفر إلى البلدان الأوروبية، مكلفة وباهظة الثمن، بل كلف ثروة طائلة، وفي مصلحة الولادة بمصطفى باشا، اقتربنا ببعض الأمهات المقبلات على الولادة، ورغم أنّ أكثرهنّ لم يسمعن بعد بتلك العمليات، إلاّ انهن أبدين لنا رأيهن في الأمر، فقالت سعاد، 38 سنة، أم لثلاثة بنات: "أنا أحب البنات، ولا يزعجني أن لقبت بأم البنات، غير أن زوجي أبدا استياءه من ذلك، كما لو كان الأمر بيدي، ورغم انه لم يهددني بالطلاق مثلما يحدث مع نساء كثيرات، إلاّ أنه قد يفكر في الزواج مرة ثانية، ولهذا فان عملية مثل هذه قد تكون الحل" أم صورية، 33 سنة، أم لولدين، فقالت: "لو كنت قادرة على انجاز هذه العملية لفعلت، على أن لا تكون مُحرمة، فانا أحب البنات، ودعوت الله كثيرا أن يرزقني طفلة، بعد ذكرين اثنين"، عاليا، 32 سنة، أم لبنت وذكر تقول: "لا أحسب أنّ ديننا يبيح أمرا مماثلا، ولي صديقة سافرت إلى أوروبا لانجاز هذه العملية، ولكنّ ملفها لم يقبل، هذا ما قالته لي، إلاّ أنها تنوي الذهاب إلى كندا لتفعل". فعلا كثيرون يسافرون إلى أوروبا بغية انجاز هذه العمليات، وهو ما أكّده لنا الدكتور سعيداني قائلا: "بعض الأسر تحاول تحقيق حلم إنجاب الذكور خاصة، بأيّ وسيلة، وتدفع في سبيل ذلك الملايين، ولذا يسافرون إلى أوروبا، لكن ما لا يعلمونه ان هذه العمليات ليست مؤكدة مائة بالمائة، هي بنسبة نجاح 92 بالمائة للحصول على إناث، و72 للحصول على ذكور، كما أنها خطيرة على المدى القريب والمتوسط والبعيد، على صحة الأم والجنين معا، لهذا تتم متابعة الحالات بعد علاجها". وقد اتصلنا بالشيخ شمس الدين بوروبي لأخذ رأيه في الموضوع فقال: "يجوز للمسلم أن يتخذ طريقة علمية مثلا ليتحصل على الرغبة التي يريدها في ولد او بنت، ولكن يبقى دائما يعتقد أنّ الأمور بيد الله، فالتسبب العلمي يجوز" وعن إمكانية اختلال التوازن الطبيعي إذا اقبل الناس على هذه العمليات يقول: "التوازن حفظه الله، ولكن هذه العمليات تتم في أوضاع مُحددة، كأن تكون هناك صعوبة في إنجاب الأولاد، وينجب الزوجان خمسة بنات او أكثر."