بوريل: مذكرات الجنائية الدولية ملزمة ويجب أن تحترم    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    أدرار.. إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    انطلاق الدورة ال38 للجنة نقاط الاتصال للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء بالجزائر    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    السيد ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة "لتجنيس الرياضي".. خبرة وتألّق أم شهرة وإغراءات ماديّة؟
أثارت جدلا واسعا ما بين شرعيتها من عدمها..

يُعدّ "التجنيس الرياضي" أحد الوسائل المهمة التي تستخدمها أغلب الدول العالمية عامة والخليجية خاصة لتطوير الرياضة في بلدانها، ويعتبر التجنيس الرياضي مثار جدل في الأوساط الرياضية ما بين شرعيتها وعدمها، وهل اللاعب المجنّس يمتلك الولاء ذاته الذي يمتلكه ابن الوطن أم لا ؟. فالتجنيس رسالة واضحة لكل رياضي بأنه لا فائدة منك، ويجب إحضار لاعبين آخرين من أدغال إفريقيا ليحملوا اسم الوطن عاليا من خلال دفع مبالغ يحلمون بها، ويقومون بالواجب بالنيابة عن الرياضيين المحليين.
وللتجنيس فوائد كثيرة من بينها اتساع قاعدة التنافس بين الرياضيين وتحطيم الأرقام القياسية، إلا أنها تضر بمفاهيم الرياضية وصورها، فليس من المعقول أن تكون بطولة تعني دول معينة ويشارك بها رياضيين من قارات أخرى ليس لهم علاقة بهذه القارة، ويشاركون في هذه المنافسات تحت مسميات أخرى؟ فالاستعانة بالمحترفين في الأندية وزجّهم في البطولات الرياضية أمر معقول ولكن من غير المعقول إعطائهم الجنسية وزجّهم في صفوف المنتخب وتمثيل الوطن وهناك ابن الوطن القادر على تمثيل الوطن حتى ولو لم يكن بالمستوى المطلوب ولكن على الأقل يمتلك الوفاء! فحلاوة الإنجازات الرياضية تمكن إذا كانت من قبل شباب الوطن، والتجنيس يقضي على هذه اللذة، خصوصا إذا كان اللاعب المجنّس لا يتقن اللغة العربية أو عادات وتقاليد البلد.! لكن الملاحظ في عملية التجنيس بأن اللاعب المجنس يتم تجنيسه لفترة مؤقتة بعكس الدول الغربية التي تعطي اللاعب المجنس الجنسية حتى إذا اعتزل اللعب فهو تعب في حمل لواء الوطن ورفع اسمها عاليا، وضحى بعمره كله في سبيل المنتخب، فلهذا يتم معاملته مثل أبناء الوطن ويتم إعطائه جميع حقوقه. وإن انتشار هذه الظاهرة كان بطريقة سريعة عن طريق سهولة التواصل والتعريف باللاعبين عبر صفحات الانترنيت، كما أعطت بعض قوانين الجنسيات الحق للعديد من الأشخاص في الحصول على أكثر من جنسية في وقت واحد أضرار هذه الظاهرة التي تعاني منها الأوساط الرياضية بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، بعد توجه معظم اللاعبين الأكفاء في الدول النامية والعربية خصوصا إلي الهجرة إلي الدول المتقدمة بحافز الإغراء المالي، ومن ثم الحصول على الجنسية والانضمام إلي صفوف منتخباتها سعيا للحصول على البطولات الكبرى. والأمثلة على ذلك كثيرة في جميع الألعاب الرياضية، ومن أشهرها اللاعب الجزائري الأصل الفرنسي الجنسية «زين الدين زيدان» والملاكم اليمني الأصل البريطاني الجنسية «نسيم حميد» واللاعب المغربي «عبد اللطيف بنعزي» قائد المنتخب الفرنسي للرغبي والجزائري «المهدي باعل» نجم منتخب فرنسا لألعاب القوى ، ومؤخرا «ستيفن تشيرونو» أو «سيف سعيد شاهين» الكيني الأصل والقطري الجنسية. فالعيش في عالم متطور يحتم الانفتاح على الآخرين.
انتشار الظاهرة في الوطن العربي
وفي السنوات الأخيرة، تعددت ظاهرة التجنيس في وطننا العربي وفي مختلف الرياضات فإذا كان الرياضي المتجنس سيفيد البلد ويعطي ألقاب عالمية فمرحبا به وتجاهل الأقاويل التي تنادي بأن الفوز يجب أن يكون 100 بالمائة من أصل جزائري أو مصري أو سعودي أو قطري أو تونسي أو. والأمثلة عديدة، فهدّاف كأس العالم 58 الفرنسي «فونتين» ولد بالمغرب و«زيدان» من أصل جزائري و«بلاتيني» من أب إيطالي و«لندل» البطل الأسطوري تشيكي الأصل وليس أمريكيا وإيطاليا جنّست «كمورانيزي» والعرب حريصون على امتلاك جنسية ثانية فرنسية إنجليزية أمريكية بالأساس، ومن خلال الإحصائيات، فإن أن أغلب اللاعبين المجنسين في ستة ألعاب معينة، وهي في ألعاب القوى تمت الموافقة لعشرين لاعب، وفي الملاكمة: 8، وفي رفع الأثقال: 8، وفي المصارعة: 7، وفي الجيدو: 5، وفي الكانوي: 5، هؤلاء اللاعبين تجنسوا لحوالي 10 دول، منهم 11 لإنجلترا، و9 لأمريكا، و7 لأذربيجان، وتركيا: 7، وفرنسا: 7، وأستراليا: 7، وألمانيا: 7، وإسرائيل ستة، وكان الإجمالي حوالي سبعون لاعبا، وكانت الدول التي جاء منها هؤلاء اللاعبين على رأسهم روسيا، حيث هاجر منها 19 لاعبا، وبلغاريا 8 لاعبين، ومن الصين 6، ومن جورجيا 6، ومن أوكرانيا 6، ومن أستراليا 6، وبهذا فإن تواجد مثل هؤلاء اللاعبين العالميين في بعض الدول سوف يعمل حتما على تقدّم هذه الدول، نتيجةً لأنهم نماذج طبية وتعتبر نماذج يقتدى بها للنشء من اللاعبين في دول أخرى.
في رياضة رفع الأثقال..
قطر جنّست 5 لاعبين من بلغاريا
من ضمن لوائح الاتحاد الدولي أنه لا تمييز بين الدول أو الأعضاء بسبب العقيدة أو الجنسية أو اللون، وإذا أخذنا نموذج لرياضة رفع الأثقال فقد استعانت قطر بخمسة لاعبين من بلغاريا، وتم تجنيسهم، وأنشأت قاعدة للعبة في دولة قطر، وحققت قطر ميدالية برونزية في دورة سيدني وتعد من أخطر الظواهر التي تمر بها ساحات الرياضة في الآونة الأخيرة، حيث لو استمرت على هذه الوتيرة فسيأتي يوم تحصر فيه المنافسات الرياضية بين براثن الإغراءات والمكاسب المادية . إضافة لذلك، فإن ظاهرة التجنيس قد انتشرت في الفترة الأخيرة بسبب عوامل أخرى أخطرها عدم شعور اللاعب بالانتماء لوطنه وعدم الثقة بنفسه ففي الفترة الماضية التي سبقت ظهور هذه الظاهرة، كانت فكرة إقدام الرياضيين أو إرغامهم حتى على الدفاع عن راية غير رايتهم وطنهم الأصلي، بعيدة كل البعد عن التصور كما كانت تعتبر نوعا من الإجحاف والتنكر بحق الوطن الذي لا يغتفر .
فضل الجزائري «زيدان» على فرنسا
لكن الدول العظمى التي تصنع التاريخ والنجوم والأعلام كما تصنع سائر المنتجات هي التي بادرت بوضع القوانين الدولية التي تسمح للاّعبين المتميزين في البلدان الفقيرة للنزوح عن أوطانهم الأصلية، والحصول على جنسيات البلدان المتقدمة ، طمعاً في تحسين أحوالهم المعيشية والحصول على المال بالدرجة الأولى. وليس في تصرف هذه الدول غرابة، فقد سبق أن منحت جنسياتها للكفاءات والمهارات المتميزة من أبناء البلدان التي كانت تستعمرها في القرن الماضي. ويلعب معظم المجنسين في مختلف الألعاب دورا رئيسا في النجاحات التي تحققها البلدان التي منحتهم جنسياتها، ف «زيدان» مثلا الذي قاد دفة المنتخب الفرنسي والذي تعرض الفريق بسبب إصابته وعدم مشاركته لخسارات متتالية، مثلما حدث في مونديال كوريا الجنوبية "اليابان عام 2002"، فقد منعته إصابته من المشاركة في مباراة الافتتاح، ما أدى إلى خسارة فرنسا أمام منتخب السنغال الإفريقي. وحتى عندما حاول الفريق الفرنسي تدارك الموقف في مباريات الدور الأول، لم تسمح له إصابته بالاستمرار واضطر للخروج من الملاعب الأمر الذي أثر على خروج الفريق الفرنسي من المونديال مبكرا. ومن المعروف أن «زيدان» لعب دورا رئيسا في حصول فرنسا على كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها عام 1999، بعدما أحرز هدفي التقدم على فريق البرازيل في المباراة النهائية، قبل أن يعزز «قوتي» الفوز بهدف ثالث في الدقائق الأخيرة من المباراة
العدّاء الجزائري «المهدي باعلا»..
"نجم وأمل منتخب فرنسا في ألعاب القوى"
ويعتبر اللاعب المغربي «عبد اللطيف بنعزي» كابتن المنتخب الفرنسي للرغبي أحد أبرز اللاعبين الفرنسيين في تاريخ اللعبة حاليا كما أنه يعد المحرك الأساس للفريق. كما أصبح العداء الجزائري «المهدي باعلا» الآن النجم الأول في منتخب فرنسا لألعاب القوى وأمل فرنسا في حصد أكبر عدد من الميداليات الذهبية في بطولات العالم والدورات الأولمبية. كذلك يعدّ «أندرسون لويس دي سوزا» الملقب ب «ديكو» البرازيلي الأصل البرتغالي بالتجنس أحد أهم وأشهر لاعبي كرة القدم في الملاعب البرتغالية حاليا، وخاصة بعدما قاد فريق بورتو لإحراز البطولة المحلية والكأس ومسابقة كأس الاتحاد الأوروبي. ونظرا لمهارته العالية قام المدير الفني للمنتخب البرتغالي بضمه إلى صفوف المنتخب. وهناك أيضا، «نسيم حميد» اليمني الأصل البريطاني بالتجنس.. ذلك الملاكم الأسطورة حامل لقب المنظمة العالمية للملاكمة في وزن الريشة، يعدّ هو الآخر واحدا من أبرز علامات رياضة الملاكمة في العالم حاليا، بعدما حصد العديد من البطولات العالمية تحت راية الإنجليز. فالوفرة قد تكون دافع لتجنيس الرياضيين وبالنسبة للعدائين نرى أن ظاهرة تجنيسهم التي انتشرت بشكل ملفت في الآونة الأخيرة ليست وليدة اليوم. ففي خزانة الألقاب الدولية، لدى فرنسا هناك ذهبية الجزائري «الوافي بوغرا» في أولمبياد أمستردام 1928، وهناك ذهبية و3 فضيات أولمبية فاز بها الجزائري «علي ميمون عكاشة» الذي جنسه المستعمرون واستبدلوا اسمه فأسموه "آلان ميمون".
منذ 1923 وحتى منتصف الخمسينات..
تشكيلة فرنسا بالكامل من الجزائريين والمغاربة
والأكثر من ذلك ، كان المنتخب الفرنسي للعدو منذ عام 1923وحتى منتصف الخمسينات ، مشكلا بالكامل من الجزائريين والمغاربة . غير أن عملية التجنيس التي توقفت بشكل إجباري عقب استقلال دول المغرب العربي، لم تفتأ أن ظهرت بشكلها الاختياري، الأمر الذي دفع العديد من العدائين لاستغلال فرصة تمثيل بلدانهم الأصلية في بلدان أوروبية ليتخلفوا عن العودة لبلدانهم ويصبحون في وضعية غير قانونية سرعان ما يتم تجاوزها بقانون التجنيس. وتقدر إحدى الصحف الأجنبية عدد العدائين المغاربة المجنّسين بأكثر من 120 عداء وعداءة منتشرين في 15 دولة، من بينها إسرائيل. ففي دورة بطولة العالم في مدينة "أدمونتون" الكندية 2001، شارك في سباق الماراطون الفرنسيون من أصل مغاربي «محمد الزهر» و«عبد الحكيم باجي» و«العربي الزروالي» و«عبد الله بحار»، والأمريكي «خالد الخنوشي» والإسباني «كمال زياني» وهم 6 مغاربة في سباق واحد. وكانت فرنسا تعقد أمالا كبيرة على عدائها المجنس الجزائري «المهدي باعلا» في إطار منافسات بطولة العالم للقوى في ظل. وكان «المهدي باعلا» قد تمكن من تحطيم الرقم القياسي الفرنسي في ال1500 متر (3 د و30 ث و97 ج.م) قبل أن ينتزعه منه «فؤاد شوقي» بفارق 17 جزءا مئويا من الثانية . وكان الرقم السابق مسجلا باسم مواطنه «إدريس المعزوزي» المغربي الأصل قبل عامين. غير أن «باعلا» الجزائري الأصل قاده قدره إلى منافسة خاسرة أمام المغربي «هشام الكروج» الذي لم يترك له فرصة إهداء ذهبية السباق للبلد المنظم ويشار هنا أن «الكروج» نفسه كان في يوم من الأيام على وشك حمل الجنسية الأمريكية. وقد فاتح والدته في الأمر فقالت له: "إذا كنت تقصد أمريكا للدراسة فلا بأس، وإذا كنت تسعى لحمل جنسية اتحاد آخر غير جنسيتك الأصلية، فعليك أن تبحث لك عن أم أخرى". فكان هذا الحوار البسيط كافيا لابن الثامنة عشر عاما آنذاك أن يعدل عن فكرة التجنيس.
والخلاصة، أن العداء الذي لا يجد له موقعا في المنتخب المغربي أو الجزائري يلجأ إلى المنتخب الفرنسي الذي يعتبر اليوم مزيجا من المغاربة والجزائريين والسنغاليين والسيراليونيين وغيرهم. ويعتبر العداء «خالد الخنوشي» من أبرز المتجنّسين المغاربة الذي لم يسمع به الرأي العام الرياضي في بلاده إلا بوصفه "العداء الأمريكي الذي حطم الرقم القياسي العالمي للماراطون، وكان ذلك في شيكاغو عام 1999 حيث قطع السباق في ساعتين وخمس دقائق و42 ثانية كانت كافية لتعزيز "أمركة" هذا الشاب المغربي. أما المهتمون من أسرة ألعاب القوى المغربية فكانوا يعرفون «الخنوشي» عداء متوسطا وشارك مرة ضمن المنتخب الجامعي المغربي في بطولة جرت في أمريكا، فتعمّد التخلف عن الوفد كما فعل كثيرون غيره ولم يعد حتى أصبح أمريكيا من حملة الأرقام القياسية العالمية.
العدّاء المغربي «مغيب»..وماقدّمه لبلجيكا
وهناك العداء «محمد مغيب» بطل العالم في العدو الريفي وصاحب عدة أرقام قياسية أوروبية والذي بدأ مسيرته في مدينة "خريبقة المعدنية" شرق الدار البيضاء. وخلال مجموعة من المشاركات مع المنتخب المغربي الأول لم يحقق شيئا يذكر، حتى أن وفرة العدائين لمنافسين لم تترك له مكانا في المنتخب المغربي. وجاءته فرصته للتجنيس، فأصبح بطل بلجيكا وأوروبا في المسافات الطويلة، على الرغم من أن النتائج التي حققها لم تكن بمستوى العدائين المغاربة. وفي الملتقيات الدولية ظل «مغيب» يكتفي بربح السباقات التي لا يشارك فيها نخبة المغاربة والكينيين، لكنه فاجأهم جميعا وانتزع الميدالية الذهبية في بطولة العالم للعدو الريفي في "مراكش"، ليصيح النشيد الوطني البلجيكي في سباق حل فيه أول المغاربة في المركز السادس. أما «رقية مراوي»، فبعد مشاركات متوسطة في المنتخب المغربي، توصلت إلى عروض أغرتها بالتجنيس حيث تألقت فرنسيا، وإن لم تحقق إنجازا دوليا يذكر. كما أن «إدريس المعزوزي» و«إسماعيل الصغير» هاجرا هما أيضا وهما صغيران إلى فرنسا مع أسرتيهما. وجيء بهما إلى المنتخب المغربي، حيث كانت لكل منهما مشاركات طيبة، لكن الإغراءات الفرنسية جذبتهما للجنسية الفرنسية، حيث يتوفر لهما فرص أكثر لتسيد الساحة الأوروبية، والمعروفة بتواضع مستواها في المسافات المتوسطة والطويلة.
فرنسا..الوجهة المفضّلة للمغاربة
والواقع أنه ليس هناك من المواطنين المغاربة من يستسيغ التجنس بجنسية أخرى، ويترك للآخرين فرصة الفوز على بلادهم، لمجرد الحصول على مكاسب مادية، لكن خبراء ألعاب القوى المغاربة يرون أن الأمر عاديا. فعداء يحقق توقيت السرعة الأعلى في التوقيت الأقل، لكنه يحتل المركز السابع على المستوى الوطني وليس له حظ في المشاركة الدولية مع منتخب بلاده، بينما الفرص سانحة أمامه للاختيار بين أن يصبح بجرة قلم فرنسيا أو إسبانيا أو قل إنجليزيا أو أميركيا أو أستراليا أو ما تشاء من البلدان التي تدفع أكثر ويرتفع فيها شأنه في عالم العدو الرياضي
منطق الواقع يُخالف منطق الأخلاق
من جهتهم، يؤكد خبراء ألعب القوى المغربية أن أهون أنواع التجنيس التي يمكن أن يتعرض لها بلد من البلدان النامية هو هجرة الرياضيين. ويعللون ذلك بأن الدول لا تنفق في صناعة عداء دولي مقدار واحد من الألف مما تنفقه على إعداد طبيب أو مهندس، ثم تتركهم يهاجرون لبلدان أخرى ترعاهم وتقدّم لهم الجنسية والرعاية على طبق من ذهب. ففي بطولة العالم لألعاب القوى لا يسمح للبلد الواحد الاشتراك بأكثر من 3 مشاركين في التخصص الواحد، ومن السهولة بمكان أن يتوافر في البلد الواحد أكثر من 10 عدائين مؤهلين كما حصل للمغرب خلال المواسم الماضية وكما حصل لكينيا منذ عقدين. فالدانماركي الأسود «ويلسون كيبكتر» لم يحمل جنسية هذا البلد الاسكندنافي من أجل عيونه، وإنما لأن المنتخب الكيني كان يعجّ بالنجوم الذين يتنافسون في تصفيات محلية للحصول على موقع قدم في منتخب بلدهم وعندما فقد «كيبكتر» الأمل في دخول المنتخب الكيني، استجاب لإغراء دانماركي يؤهله ليكون نجم بلده الجديد.
900 ألف شخص يغادرون العالم العربي كل عام
كذلك، أعلن المدرب المغربي «عبد القادر قادة» أن أعداد المغاربة الذين يهاجرون إلى كندا وصل إلى قرابة عشرين ألف، خاصة الأطباء والمهندسون الذين تنفق عليهم الدولة أضعاف ما تنفقه على العدائين. وعلى الصعيد ذاته، يؤكد «عزيز داود» المدير الفني المغربي أن 900 ألف شخص يغادرون العالم العربي كل عام، بينهم أكاديميون وأطباء وعلماء ومهندسون في مختلف التخصصات. وتعدّ دولة قطر أحد أبرز الدول العربية التي تستقطب النجوم الرياضيين في الفترة الأخيرة، خاصة بعدما أصبح منتخبها للأثقال والقوي يعج بأكثر من لاعب أجنبي مجنس، سواء من الدول الأوروبية الأقل من القارة الإفريقية السمراء. وكان العداء الكيني السابق «ستيفن تشيرونو» والقطري حاليا «سيف سعيد شاهين» هو آخر المجنسين الذي شهدتهم الملاعب القطرية. وقد تمكن «شاهين» من المشاركة في بطولة العالم التاسعة لألعاب القوى ضمن تشكيلة المنتخب القطري، واستطاع أن يحرز أول ميدالية ذهبية لقطر في بطولة عالمية في رياضة أم الألعاب، بعدما فاز بلقب سباق 3 آلاف متر موانع.
الشارع البحريني بين مؤيد ومعارض للظاهرة
والواقع أن قطر ضربت بقوة على وتر التجنيس في الآونة الأخيرة، وفجّرت بركانا كبيرا من الغضب في الأوساط الرياضية بعدما سعت لتجنيس البرازيليين «إيلتون» و«ديدي» و«لياندرو» المحترفين في البطولةالألمانية للانضمام إلى منتخبقطر لكرة القدم، مما اضطر الاتحاد الدولي لكرة القدم " الفيفا " للتصدي لها بقوة، وتشريع قوانين صارمة ترفض الاستخدام السيئ للجنسية. وقامت لجنة "الفيفا" برئاسة السويسري «جوزيف سيب بلاتر» بوضع ضوابط لمواجهة مثل هذا النوع من مشاريع التجنيس، معتبرة أن أي لاعب دولي يجب أن تكون له روابط مع البلد الذي يدافع عن ألوانه. وحدّدت اللجنة 3 معايير أخرى هي : "أن يكون اللاعب مولودا في بلد الاتحاد المعني بالجنسية، أو أن يكون والده أو والدته ولدا في بلد الاتحاد المعني، أو أن يكون جدّه أو جدته ولدا في بلد الاتحاد المعني" ويجب أن يتوفر على الأقل أحد هذه الشروط الثلاثة كي يتمكن اللاعب من الدفاع عن ألوان البلد الذي يعرض عليه الجنسية. وقد لقت العملية تأييدا كبيرا، كونه يسهل عملية إحراز العديد من الألقاب في شتى المحافل الخارجية على الصعيد العربي والآسيوي والعالمي، ولكن السواد الأعظم من الناس في البحرين لم يتفاعلوا مع عملية التجنيس حتى بعد تحقيق العديد من الإنجازات لاتحاد ألعاب القوى، الذي يعتبر أول اتحاد دشن عملية التجنيس بمنحه العديد من العدائين العرب والأفارقة جواز السفر البحريني (جواز المهمات أو الجواز الرسمي)، وذلك لأن هؤلاء يحجبون الفرصة عن اللاعب المحلي في أخذ موقعه الحقيقي ضمن المنتخبات الوطنية، مما يعني غياب المواهب البحرينية وعزوفها عن الانخراط في الأنشطة الرياضية المختلفة لتمثيل المملكة، بالإضافة إلى أن التجنيس يسهم في طمس هوية البحرين نظرا لاختلاف لغة المجنسين وعاداتهم وتقاليدهم عن الموطن التي يمثلونه. ومن جهة أخرى، يرى البعض أن تجنيس اللاعب المولود في البحرين حتى لو كان من أصل أجنبي، أمر لا ضير فيه، لأن اللاعب قد تطبع على عادات وتقاليد الموطن الذي ترعرع فيه. ويرفض البعض مقارنة عملية التجنيس الحالية التي يصفونها بالعشوائية بالتجنيس الذي يطبق في الدول الأوروبية بصفته ظاهرة عالمية، إذ يعمد بعض المؤيدون مقارنة التجنيس الحاصل في البحرين بمثيله الذي يطبق في دول أوروبا، ويستشهدون بمنتخب فرنسا لكرة القدم الذي حقق بطولة كأس العالم 1998 بوجود العديد من اللاعبين ذوي الأصول الإفريقية ابرزهم الجزائري «زين الدين زيدان». ورغم تقبل الشارع الرياضي البحريني لظاهرة التجنيس الرياضي في أم الألعاب، إلا أنه لم يتقبل نهائيا تلك العملية في كرة القدم لوجود العديد من المواهب والخامات الطيبة في هذه اللعبة والتي تحتاج فقط إلى من يمد لها أذرع الرعاية والاحتضان لتبدع في ميادين الرياضة. فيما يرى بعض المراقبون أن التجنيس قد أوتي ثماره في ألعاب القوى بعد تحقيق العديد من الألقاب والانجازات، بينما في لعبة كرة القدم لم يجدي التجنيس أي نفع لغاية الآن، وذلك بسبب منح الجنسية للاعبين أجانب لا يفوقون اللاعب محلي من ناحية المستوى والأداء.
التجنيس استخفاف واستهتار
وفي الأخير، فإن قضية التجنيس الرياضي ليست وليدة اللحظة، بل هي قضية وظاهرة أصبحت حتى وقتنا الحاضر مأخذ شدّ وجذب بين معارض ومؤيد وبين منتقد ومدافع، وخصوصا في البلدان العربية. لأنه عندما يقوم المسؤولون بالتجنيس الرياضي فهو يعد بذلك تهميشا للرياضي المحلي ونسف إبداعاته وطموحاته وضربها عرض الحائط، وإلا بماذا يفسر غير ذلك؟ ألا يفسر تهميشا بكل ما تحمله الكلمة من معنى بدلا من تشجيعه وتحفيزه وتطويره وإعداده بدنيا وذهنيا! فأين ذهبت طواقم التدريب والتأهيل المحلية التي من شأنها أن تخلق الأبطال الرياضيين، إذ ما توافرت لهم سبل تحقيق النجاحات؟ وأين المسؤولون الذين عليهم إعداد أرضية وقاعدة صلبة رياضية من أجل المستقبل؟. فرئيس الفيفا «جوزيف بلاتر» قام بوضع ضوابط عدة لمواجهة أمر التجنيس الرياضي ومشروعاته التي أخذت تضرب بها الدول بكل قوة في محافل رياضية مختلفة، فلقد حدد «بلاتر» معايير مهمة لمنح الجنسية للرياضي. ثم لن يستطيع عربي أن يحصل على الجنسية الأميركية لمجرد أنه لاعب محترف. وكذلك الحال بالنسبة إلى فرنسا أو ألمانيا أو حتى بريطانيا التي تستلزم جنسيتها الموافقة من مجلس اللوردات الانجليزي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.