الكفارة هي ما يقع على الإنسان من غرامة مالية أو عمل بدني نتيجة ارتكابه ذنب أو خطأ أو منقصة وسميت الكفارات بهذا الاسم لأنها تكفر الذنوب وتمحوها. وهناك خمسة أنواع من الكفارات في الشرع هم: كفارة اليمين وكفارة القتل، وكفارة الظهار، وكفارة الحلق، وكفارة الإفطار، وكلهم واجب القيام بهم إلا أن أربعة منها عرف وجوبها بالكتاب وواحدة منها عرف وجوبها بالسنة. حول هذا الموضوع دار حديث الشيخ علاء سعيد خلال حلقة جديدة من برنامج »الميثاق الغليظ«، حيث تحدث عن بعض أنواع الكفارات بادئاً حديثه بكفارة الصوم، وأوضح أنها تجب على من جامع زوجته في نهار رمضان عمدًا لأنه أفسد صومه من غير سبب مبيح للفطر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي فقال: هلكتُ يا رسول الله، قال النبى: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال النبى: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال النبى: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال النبى: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا، قال: لا، قال أبو هريرة: ثم جلس فأتى النبي بعرق فيه تمر وقال: تصدق بهذا. قال الرجل: فما بين لابتيها أهلُ بيتٍ أحوج إليه من منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال: اذهب فأطعمه أهلك. ثم تحدث الشيخ علاء سعيد عن كفارة وطء الحائض وأكد أنه يُحرم على الرجل أن يطأ زوجته وقت الحيض في فرجها فإن فعل ذلك، وجب عليه كفارة للإثم الذي ارتكبه إذا كان متعمداً ويعلم بالتحريم، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الذي أتى امرأته، وهي حائض: »يتصدق بدينار أو نصف دينار«، وذلك لأن التصدق الذي هو كفارة حكم متعلق بالحيض، فلم يفرق بين أوله وآخره. ولكن إذا وطأ الرجل زوجته بعد انقطاع الحيض ولكن قبل الطهر التام فليس عليه كفارة، لأن سبب الطهارة قد زال، وفي الوقت ذاته على المرأة كفارة إذا أغرت زوجها أو رضيت بالوطء، أما في حالة كرهها أو غير علمها بالحكم فلا كفارة عليها. وفيما يتعلق بكفارة اليمين قال الشيخ سعيد: إذا أقسم الإنسان على شيء ورجع فيه أي حنث في حلفه، تجب عليه كفارة اليمين، وهي الإطعام أو الكسوة أو عتق رقبة فإن لم يستطع، فعليه صيام ثلاثة أيام سواء أكانت متتابعة أم منفردة، يقول الحق جل وعلا: »لا يؤاخذكم الله باللغو في إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون«. وحول إخراج القيمة عن الإطعام والكسوة اختلف العلماء حيث أجازه أبو حنيفة كما يرى الجمهور جواز تقديم الكفارة على الحنث وتأخيرها عليه، مستدلين بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: »من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه وليفعل«. ثم تحدث الشيخ عن كفارة يمين الإيلاء أي إذا حلف الرجل على زوجته ألا يقربها مدة أكثر من أربعة أشهر، وقبل هذه المدة أراد أن يراجع زوجته، فعليه كفارة تسمى يمين الإيلاء، فإن كان الحلف بالله أو صفة من صفاته كأن يقول: والله لا أقربك، ففي هذه الحالة عليه كفارة يمين، وإذا كان الحلف بالشرط والجزاء كقوله: إن قربتك فعلي فعل كذا، فيجب عليه الفعل الذي اشترطته على نفسه، وفي هذه الحالة لا يكون هناك إيلاء بعد الكفارة يقول تعالى: »لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًا على المحسنين. وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير«. وختم الشيخ الحلقة بالحديث عن كفارة الظهار وهو قول الرجل لزوجته »أنت علي كظهر أمي« وكان يعد نوعاً من أنواع الطلاق في الجاهلية، والمقصود منه تحريم الزوجة كتحريم أخته وأمه، ولقد ظاهر أوس بن الصامت زوجته خولة بنت ثعلبة، فلما ذهبت تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل القرآن يوضح حكم الظهار في الإسلام، وأوضح كفارته. وجاء القرآن بكفارة الظهار قال تعالى: »والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم«. ولما جاءت خولة تشتكي إلى النبي فقال صلى الله عليه وسلم: يعتق رقبة. قالت خولة: لا يجد. فقال النبي: فيصوم شهرين متتابعين. قالت خولة: يا رسول الله: إنه شيخ كبير، ما به من صيام. قال النبي: فليطعم ستين مسكيناً. قالت خولة: ما عنده شيء يتصدق به، فأتى بعرق من تمر، فقالت خولة: فإني سأعينه بعرق آخر. فقال لها النبي: قد أحسنت، اذهبي فأطعمي بهما عنه ستين مسكينًا، وارجعي إلى ابن عمك، أي زوجها.