الإنزال الأميركي في اليمن ينذر بالكارثة ترامب يدشّن حروبه العسكرية تعكس عملية الإنزال التي نفذتها قوات أميركية ليل السبت-الأحد في قرية يكلا بمنطقة قيفة في محافظة البيضاء اليمنية مرحلة جديدة من العمليات العسكرية في اليمن. لكن العملية العسكرية الأميركية المباشرة الأولى من نوعها في عهد الرئيس الجديد دونالد ترامب جددت الجدل حول جدوى هذه العمليات لا سيما في ظل التكلفة البشرية المرتفعة في أوساط المدنيين الذين يقتلون جراء الغارات والعمليات الأميركية في اليمن خصوصاً بعدما أدت العملية الأخيرة إلى مقتل 8 مدنيين على الأقل بينهم أطفال. واستهدفت عملية الإنزال قيادات متهمة بالارتباط بتنظيم القاعدة وأدت إلى (الحصول على معلومات من المرجح أن تقدم لنا نظرة عن مخططات إرهابية مستقبلية) بحسب التبريرات الأميركية. غير أنها أدت إلى مقتل العشرات من المسلحين فضلاً عن مدنيين بينهم نساء وأطفال فيما أعلن الجيش الأميركي أن جندياً أميركياً قتل وأصيب ثلاثة آخرون بجروح في الهجوم. وبينما قال بيان الجيش الأميركي إن 14 مسلحاً من التنظيم قتلوا في العملية كان مسؤول يمني محلي قد أعلن مقتل العشرات من المشتبه بانتمائهم إلى القاعدة على الأقل في الهجوم بينهم قادة إضافة إلى ثماني نساء وثمانية أطفال بحسب فرانس برس. وفي أول تعليق رسمي أميركي على العملية قال قائد القيادة الوسطى الأميركية في تامبا بفلوريدا الجنرال جوزيف فوتيل يحزننا جداً خسارة أحد عناصر قواتنا الخاصة لافتاً إلى أن التضحيات كبيرة جداً في قتالنا ضد الإرهابيين الذين يهددون الأبرياء في جميع أنحاء العالم. وقالت السلطات العسكرية الأميركية إن العملية أثمرت عن الحصول على معلومات من المرجح أن تقدم لنا نظرة عن مخططات إرهابية مستقبلية. وذكر مسؤولون أن عمليات مماثلة أدت الى الحصول على معلومات استخباراتية عن لوجستيات تنظيم القاعدة وعمليات التجنيد والتمويل التي يقوم بها. من جهتها أفادت مصادر محلية يمنية بأن العملية بدأت فجر الأحد بضربات جوية هاجمت أهدافاً يسيطر عليها تنظيم القاعدة في قرية يكلا بمنطقة قيفة لكن سرعان ما تحول الأمر إلى إنزال جوي لجنود أميركيين هاجموا منزل الزعيم القبلي المتهم بالارتباط بتنظيم القاعدة عبدالرؤوف الذهب وخاضوا اشتباكات في المنزل نتج عنها مقتل الذهب وشقيقه سلطان الذهب وشيخ قبلي يُدعى سيف النمس الجوفي من أبناء محافظة الجوف بالإضافة إلى مدنيين من أسرة الذهب ومسلحين من أنصاره. ونشر ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً قالوا إنها لركام طائرتين جرى إسقاطهما خلال الإنزال والاشتباكات التي استمرت نحو ساعة وسط أنباء عن تمكن القوات الأميركية من إنقاذ طاقميهما قبل أن يتم تدميرهما عقب السقوط في حين تضاربت الأنباء حول عدد الضحايا اليمنيين بين 27 و41 قتيلاً بينهم 10 نساء وثلاثة أطفال. وأكدت مصادر العربي الجديد أن من بين القتلى طفلة تدعى نوار وهي ابنة القيادي المعروف في تنظيم القاعدة أنور العولقي والذي قُتل في سبتمبر 2011 بغارة أميركية لطائرة بدون طيار في محافظة الجوف. وكانت طفلة العولقي برفقة والدتها التي تنحدر من أسرة بيت الذهب بمحافظة البيضاء. وبمقتل ابنة العولقي تكون ثالث فرد من العائلة يقتل من قبل الولاياتالمتحدة بعدما استهدفت غارة في منتصف أكتوبر 2011 نجل العولقي عبد الرحمن العولقي الذي كان يبلغ في ذلك الحين 16 عاماً. ويعد عبد الرؤوف الذهب الذي قتل بالعملية من أبرز وجهاء القبائل في محافظة البيضاء وسبق أن نجا أكثر من مرة من ضربات طائرات أميركية بدون طيار استهدفته بين عامي 2012 و2013. وهو شقيق أمير تنظيم القاعدة في رداع سابقاً القيادي طارق الذهب والذي قتل بصراع عائلي عام 2012. وتعد رداع وأبرز مناطقها قيفة من أهم المعاقل التقليدية لتنظيم القاعدة في اليمن نفذ فيها الجيش عملية ضد القاعدة مطلع العام 2013 كما خاض فيها مسلحو جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفاؤهم معارك عنيفة مع مسلحين من القاعدة وقبليين أواخر العام 2014 ومطلع عام 2015. وعلى الرغم من الاتهامات لعبد الرؤوف الذهب بالانتماء إلى تنظيم القاعدة ينفي مناصروه هذه التهمة ويقولون إنه منذ تصاعد الحرب في اليمن ومع بدء عملية التحالف بقيادة السعودية أصبح قائداً للمقاومة الشعبية ضد الانقلابيين في منطقة قيفة ومع ذلك لا ينكرون علاقته الجيدة مع القاعدة وكون التنظيم يلقى حاضنة قبلية واضحة في تلك المناطق. وتعد البيضاء عموماً من أكثر المحافظات التي ينشط فيها التنظيم بعد تراجع انتشاره في المحافظات الجنوبية العام الماضي. وتعتبر عملية الإنزال الأميركية في البيضاء هي الأولى من نوعها على مستوى المحافظة وسبقتها ثلاث عمليات بفترات متقطعة كان آخرها في ديسمبر 2014 في محافظة شبوة سعت من خلالها القوات الأميركية لتحرير رهينة أميركي محتجز لدى القاعدة وفشلت ما أدى إلى مقتل المختطف بعد اشتباكات استمرت لساعات. لكن العملية الأخيرة في البيضاء بدت تطوراً نوعياً لا سيما أن الهدف كان قيادات من الممكن استهدافها من الجو كما يقول باحث متخصص بشؤون الإرهاب فضل عدم ذكر اسمه ل(العربي الجديد) خصوصاً مع الكلفة البشرية التي اقتضاها إنزال مظلي في قرية يمنية وسط البلاد. وتمثل العملية تطوراً خطيراً باعتبارها تمثل انتقالاً للعمليات الجوية التي تنفذها الولاياتالمتحدة ضد المشتبهين بالانتماء ل(القاعدة) مع وجود التحفظات على قانونيتها لتنتقل إلى التدخل بعمليات مباشرة على الأرض الأمر الذي نظر إليه العديد من المعلقين اليمنيين بوصفه مؤشراً على الطريقة التي قد تعمد إليها الإدارة الأميركية الجديدة بالتعامل مع ملف الإرهاب في اليمن. كما يأتي التحول في مسار التدخل الأميركي في اليمن عقب ساعات من دخول القرار الذي اتخذته إدارة ترامب والقاضي بمنع اليمنيين ومواطني ست دول أخرى من دخول الولاياتالمتحدة. وهو القرار الذي لاقى استياءً واسعاً في الأوساط اليمنية وسط مخاوف من أن يكون القرار مؤشراً على تصعيد في العمليات العسكرية ضد المجموعات المتهمة بالارتباط بالقاعدة خلال الفترة المقبلة.